حكم الاحتفال بالمولد النبوي … حكم التهنئة بالمولد النبوي

حكم الاحتفال بالمولد النبوي

حكم الاحتفال بالمولد النبوي من الأحكام الجدلية التي يسأل عنها الناس بكثرة، خصوصًا مع اقتراب موعد الاحتفال وهو الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كلّ عامٍ هجري، كما أنّ الكثير من العلماء يبقون المحاضرات ويكتبون المقالات ليبيّنوا حكم الاحتفال بالمولد النبوي، ويوضّحوا مشروعية الاحتفال بهذا اليوم من عدمها، كلٌّ وفقًا لما يراه متوافقًا مع الأدلة الشرعية والأصول الفقهية.

متى بدأ الاحتفال بالمولد النبوي

متى بدأ قيام هذا الاحتفال، ومن هو أوّل من احتفل به، فالعلماء والمؤرخّون متفقون على أنّ الاحتفال بالمولد النبوي لم يحصل في القرون الهجرية الثلاثة الأولى، أي أنّ هذا العيد لم يكن موجودًا لا في عصر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ولا في عهد صحابته الكرام ولا في زمن التابعين، أمّا عن أوّل من قام بالاحتفال بالمولد النبوي فالذي يظهر من الروايات التاريخية أنّهم الفاطميون أو العبيديون.

وكان ذلك أواخر القرن الرابع الهجري، ثمّ كان الملك المظّفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل هو أول من قام بالاحتفال بالمولد النبوي بعد سقوط الدولة الفاطمية، وكان ذلك في آواخر القرن السادس الهجري أو أوائل القرن السابع، وقد كان هذا الملك يقيم احتفالًا عظيم في عيد المولد النبوي.[1]

حكم الاحتفال بالمولد النبوي

لا بدّ من الرجوع إلى أقوال العلماء والمتخصّصين بهذا الشأن؛ حيث إنّ الغالبية العظمى من العلماء يرى عدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي، ويصنّف هذا النوع من الاحتفالات تحت بند البدع المنكرة التي يجب محاربتها والابتعاد عن إحيائها والقيام بها، في حين يرى آخرون جواز الاحتفال بالمولد النبوي، ويذكرون عدّة أسباب ودواعي تتوافق مع وجهة نظرهم وقولهم هذا، وفيما يأتي بيان لأدلّة المانعين من الاحتفال بالمولد النبوي، والمجيزين له:

أدلّة المانعين من الاحتفال بالمولد النبوي

يرى الكثير من العلماء المسلمين عدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي، ويدعمون رأيهم هذا بأدلّة كثيرة، وفيما يأتي بعضٌ منها:[1]

  • إنّ الاحتفال بالمولد النبوي من الأشياء التي لم تحصل في زمن الرسول الكريم ولا الصحابة، وقد دلّت على الأحاديث النبوية على ضرورة الأخذ بسنّة الرسول وسنّة الخلفاء الراشدين، ونبذ الابتداع وإحداث أمور في الدين ليست منه، والمولد النبوي هو أحد هذه البدع.
  • إنّ الاحتفال بالمولد النبوي هو تشبّه بالنصارى الذين يحتفلون بميلاد سيدنا عيسى -عليه السلام- وقد نهانا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن التشبّه بالكفار من اليهود والنصارى وغيرهم، وأمرنا بمخالفتهم، ونهانا أيضًا عن الغلو في مدحه وتعظيمه كما تفعل النصارى.
  • إنّ الاحتفال بالمولد النبوي هو وسيلة للغلو والمبالغة، وربما يصل الأمر في بعض الأحيان إلى الشرك، من خلال الاستغاثة برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وإلقاء قصائد تحتوي على الكثير من العبارات الشركية، وغير ذلك من الأفعال المحرّمة التي قد تحصل خلال الاحتفال بالمولد النبوي.
  • إنّ إحياء بدعة الاحتفال بالمولد النبوية هو سبيل لإحياء بدع أخرى، كالاحتفال بمولد الصالحين والأولياء وأهل الكرامات وغيرهم، وفيه أيضًا اشتغال عن السنن الواجب اتباعها وإحياؤها.

أدلّة المجيزين للاحتفال بالمولد النبوي

إنّ اختلاف وجهة النظر الموجّهة إلى قضية ما هو أصل الخلاف في الحكم عليها، وقد تمّ بيان حكم الاحتفال بالمولد النبوي وبسط أدلّة المانعين من الاحتفال في هذا اليوم، ولكن لا بدّ من الإشارة إلى وجود علماء لهم اعتبارهم ومكانتهم يرون جواز الاحتفال بالمولد النبوي، ومبدؤهم في هذا الحكم أنّ الاحتفال بالمولد النبوي ليس من باب العبادات، فالعبادات توقيفية ولا يجوز لأحد أن يأتي بجديد فيما يخصّها، وإنّما الاحتفال بالمولد ما هو إلّا سبيل لتذكير المسلمين بسنّة رسول الله وفسحة للحديث عن شمائله وصفاته الكريمة، مع ضرورة التأكيد على وجوب الامتناع عن الأفعال المحرّمة خلال الاحتفال وإحياء ذكرى المولد، وجعل هذا اليوم وسيلة للتذكير والاعتبار وليس عبادة مفروضة، كما أنّ حب رسول الله من الإيمان ويجب على المسلمين الاهتمام بسنّته ونشرها بين الناس في كلّ وقتٍ وحين وليس في ذكرى المولد النبوي فقط.[2]

حكم التهنئة بالمولد النبوي

إنّ حكم التهنئة بالمولد النبوي من الأحكام المتعلّقة بحكم الاحتفال بالمولد النبوي، وقد تمّ ذكر حكم الاحتفال ولا ريب في أنّ المجيزين للاحتفال يرون جواز التهنئية بالمولد النبوي، أمّا عن المانعين من الاحتفال بالمولد النبوي ويحرّمون المشاركة فيه وتلبية دعوة حضوره، فهم يقولون بجواز التهنئة بالمولد النبوي إن لم تكن بقصد التعبّد، ولا يرون بأسًا في الأكل من الحلوى التي يقدّمها بعض الناس في ذكرى المولد النبوي، أمّا الاحتفال فهو لديهم بدعة لم تحصل في عصر رسول الله ولا من جاء بعده من السلف، مع وجود سببها وتحقّق دواعيها، والله تعالى أعلم.[3]

وبهذا نكون قد ذكرنا الموعد التاريخي الأرجح لبدء قيام الاحتفال بالمولد النبوي وأوّل من قام به واستحدث هذا العيد، ووضّحنا حكم الاحتفال بالمولد النبوي ودعّمنا ذلك بالأدلّة، وختمنا ذلك كلّه بالحديث عن حكم التهنئة بالمولد النبوي والأكل من الحلوى والمأكولات المقدّمة في هذا اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *