حكم الاستغفار للمنافقين

حكم الاستغفار للمنافقين

حكم الاستغفار للمنافقين هو الحكم الذي سيتم بيانه في هذا المقال، حيث إنّ هذا الحكم من الأحكام القديمة والمتجددة فقد وردت الكثير من الآيات التي تتحدّث عن المنافقين وتبيّن كيفية التصرّف معهم، ومن هذه الآيات ما ورد بشأن الاستغفار لهم والصلاة عليهم، وفي السطور التالية سيتم التعرّض لجميع هذا وتدعيم ذلك بالأدلّة الشرعية التي وردت في كتاب الله العظيم.

الفرق بين الاستغفار والترحّم

يسأل الكثير عن الفرق بين الاستغفار والترحّم، وذلك لأنّ مسألة الترحّم على الأموات من غير المسلمين تتجدد باستمرار خصوصًا عند موت شخصية مشهورة وليست من المسلمين، والحقيقة أنّ الاستغفار هو طلب المغفرة أمّا الترحّم فهو طلب الرحمة، والرحمة أوسع وأعم وأشمل من المغفرة،[1] وقد عرّف ابن تيمية -رحمه الله- الاستغفار بأنّه: “الاستغفار هو طلب المغفرة، وهو من جنس الدعاء، والسؤال، وهو مقرون بالتوبة في الغالب، ومأمور به، لكن قد يتوب الإنسان ولا يدعو، وقد يدعو ولا يتوب”، ولكنّ هذا التعريف يخص فيما لو استغفر الإنسان لنفسه، كما يمكن أن يستغفر الإنسان لغيره كما يترحّم على الأموات، فما حكم الاستغفار للمنافقين والكفار، هو ما سنجيب عنها تاليًا.[2]

حكم الاستغفار للمنافقين

إنّ الاستغفار للمنافقين غير جائز،[3] والدليل قول الله تعالى في سورة التوبة: “اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ”،[4] والمنافق هو الذي يظهر الإسلام ويُبطن الكفر، وقد بيّن الإمام الرازي عند تفسيره لهذه الآية حكم الاستغفار للمنافقين وسبب كونه حرامًا، وفيما يأتي تفصيل ذلك:[5]

  • إنّ المنافق كافر وقد جاء في الشريعة الإسلامية عدم جواز الاستغفار للكافر.
  • إنّ استغفار الإنسان لغيره لا ينفعه إذا أصرّ على المعصية والذنب.
  • في الاستغفار للمنافق إغراء له في الإقدام على الذنب.
  • الاستغفار للمنافقين لا يُقبل ويستوي في ذلك قليله وكثيره.

حكم الاستغفار للكفار والمشركين

كما هو حكم الاستغفار للمنافقين فإنّ الشريعة الإسلامية منعت من الاستغفار لموتى الكفار والمشركين، وهذه المسألة قطعية والنصوص فيها صريحة، كما أنّ الإجماع قد انعقد على حرمة ذلك؛ حيث قال تعالى في سورة التوبة: “مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ”،[6] وقد ورد في صحيح البخاري ومسلم أنّ أبا طالب عم رسول الله لمّا حضرته الوفاة جاءه رسول الله وعرض عليه التوبة وقول كلمة التوحيد قبل الموت، ولكنّه أبى ذلك لأنّ المشركين كانوا حوله وذكّروه بأنّه إذا فعل ذلك فسيرغب عن دين أبيه عبد المطلب.[7]
فقال رسول الله أنّه سيستغفر لأبي طالب طالما لم يرد نهي عن ذلك، فنزلت هذه الآيات تُحرّم الاستغفار للكفار والمشركين، وتُليت بقوله تعالى: “وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ”،[8] فهذه الآية تبيّن أنّ استغفار إبراهيم لأبيه لأنّه وعده بذلك، فلّما علم حرمة ذلك انتهى عن طلب المغفرة لأبيه الذي مات على الكفر.[7]

وبهذا يتبيّن الفرق بين الاستغفار والترحّم، وحكم الاستغفار للمنافقين، كما وضّحنا الأسباب التي حُرّم لأجلها الاستغفار للمنافقين، وذكرنا حكم الاستغفار للكفّار والمشركين، ونهي الله تعالى رسوله الكريم عن الاستغفار لعمّه أبي طالب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *