حكم التيمم عند فقد الماء .. ما هو الحكم الشرعي للتيمم في حال وجود الماء

حكم التيمم عند فقد الماء

حكم التيمم عند فقد الماء من الأحكام الفقهيّة التي يرغب في معرفتها الكثير من المُسلمين، وخاصّةً من يعيشون في مناطق صحراوية لا يوجد فيها الماء، أو من يتعذّر عليهم غالبًا توفير الماء باستمرار؛ وذلك حتى يتبيّنوا من أمرهم؛ ليتمكّنوا من أداء الصلوات المفروضة، وغيرها من العبادات التي يوجب لها الوضوء أو الغُسل، وفيما يأتي سنتعرّف على حكم التيمم عند فقد الماء.

ما هو التيمم

يرجع الأصل اللغويّ لكلمة “تيمُّم” إلى معنى القصد والتوجُّه، وأما في اصطلاح الفقهاء فهو قصد الصّعيد الطيّب، وإيصال التُّراب إلى الوجه واليدين بشروطٍ معيّنةٍ، وقد ورد ذكر هذا المعني في قوله تعالى: فتيمّموا صعيدًا طيّبًا..”، وقد شرع الله -عزّ وجلّ- التيمّم بدلًا عن الوُضوء في حال ما إذا لم يوجد الماء، ولعلّ الحكمة من تشريع التيمُّم هي إشارةٌ بأصل خلقته وهو التّراب، والوضوء دلالةٌ على أنَّ الله قد خلق من الماء كلّ شيءٍ حيٍّ.

حكم التيمم عند فقد الماء

الدين الإسلاميّ دين يُسرٍ وسماحة، شُرّعت أحكامه؛ حتى تكفل للمُسلم حياةً سعيدةً، وتُنظّم حياته مع غيره، ولذا فقد جُوّز التيمُم، وهو الوضوء أو الغُسل عن طريق الضرب في الرّمال، أو التّراب، أو على الحائط، أو غيرهم، ومسح الأعضاء الواجب غُسلها في الوضوء أو الغُسل، وقد جُوّز التيمّم في حالات معيّنة منها: إذا تعذّر وجود الماء، أو وُجد الماء، ولكنّه لا يقوى على استعماله؛ لبرودة الجوّ، وعدم قدرته على تسخينه، وإذا كان قادرًا على تسخينه؛ فلا يجوز له التيمّم؛ لأنه قد زال السبب، وليس هناك ضرر قد يلحق بالمرء، أما إذا كان هناك ضرر، أو خيف أن يُصاب بمرضٍ، ففي هذه الحالة يغسل ما قوي على غسله، ويتمّم لبقيّة الأعضاء التي قد تُصاب بأذى، أما إذا كان الماء بارد، ويقوى على استعماله؛ فلا يجوز له التيمّم.[1]

الدليل على مشروعية التيمم

وردت الكثير من الأحاديث التي تَدل على مشروعية التيمّم عند فقد الماء، أو تعذُّر وجوده، ومما يدُل على ذلك ما رواه عمرو بن العاص قال: “إنَّ عَمرًا صلى بنا وهو جنبٌ ! فقال الرَّسولُ: يا عَمرُو ، صَلَّيتَ بأصحابِكَ وأنتَ جنُبٌ ؟ فأخبَرَهُ بالَّذي منعَهُ منَ الاغتسالِ، لقد خافَ علَى نفسِه قَسوةَ البردِ، واللهُ يقولُ: “وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا”[2] فضحِكَ الرَّسولُ ولم يقُلْ شيئًا”.[3] والله تعالى أعلم.

حكم التيمم في حال وجود الماء

شرع الله – عز وجل- التيمّم؛ تخفيفًا على النّاس؛ حتى يُواكبوا الظروف التي قد تلحق بهم في أسفارهم، أو في أماكنهم التي يستقرّون فيها، وإذا وُجد الماء؛ فلا يجوز التيمّم، وخاصّةً إذا كان الماء من مكان قريبٍ من المكان الذي يُريد التيمّم منه، وكذلك يجوز التيمّم عند وجود الماء؛ وذلك إذا ما كان سيحصل ضرر، أو كان هناك عذر يتعذّر معه استعمال الماء.[4]

كيفية التيمم في الإسلام

حُدّدت بعض الضوابط والفرائض التي يجب على المرء أن يُراعيها عند شروعه إلى التيمُّم، وتلك الفرائض تتمثل في:[5]

  • النية: والنية محلّها القلب، فلا بد أن يستحضر النيّة للتيمّم، ويُسن أن يتلفّظ بها، وقد عدّها الحنابلة والحنفيّة من شروط التيمُّم، وليست من أركانه.
  • مسح الوجه: ويكون هذا عن طريق إيصال التراب إلى جميع الوجه، ولكن يُراعي وصول التّراب إلى ما فوق الشّفتين، وقد أجاز أبو حنيفة الاقتصار على أغلب الوجه أثناء التيمُّم.
  • مسح اليدين إلى المرفقين: قبل مسح اليدين إلى المرفقين يجب خلع أي حائل يلبسه الرجل في يديه يمنعه من وصول الماء إلى اليدين، وذلك كالخاتم وما شابه ذلك، ولا يُقتصر على تحريكه فقط، وللفقهاء في مسح اليدين إلى المرفقين آراء: يرى المالكية والحنابلة أن ما يجزئ في اليدين هو مسحهما إلى الكوعين، أما وصوله إلى المرفقين؛ فهو من قبيل السنة، لقول النبيّ لعمار: “إنَّما كانَ يَكْفِيكَ أنْ تَصْنَعَ هَكَذَا، فَضَرَبَ بكَفِّهِ ضَرْبَةً علَى الأرْضِ، ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بهِما ظَهْرَ كَفِّهِ بشِمَالِهِ أوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بهِما وجْهَهُ”.[6]
  • الترتيب بين المسحتين: يرى بعض الفقهاء أن الترتيب من قبيل السنة، وليس فرضًا، وبعضهم الآخر يرى أنه فرضٌ؛ لأن التيمم بديلٌ عن الوضوء، والترتيب ركن منه.
  • النقل: ويكون هذا عن طريق نقل التراب من المكان الموجود فيه إلى العضو المُراد مسحه، وقد اعدَّه بعض أهل العلم من السُّنة، وبعضهم الآخر قال إنَّه ركن من أركان التيمّم.

ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرّف على حكم التيمم عند فقد الماء ، وما هي الأدلة الواردة في جواز التيمُّم في حال عدم وجود الماء، وما هو الحكم الشرعي في جواز التييم حال وجود الماء، وهل عدم جوازه على الإطلاق أم أن هناك حالات يجوز فيها التيمُّم مع وجود الماء.

المراجع

  1. ^ alukah.net , التيمم عند عدم وجود الماء , 20/10/2020
  2. ^ سورة النساء , الآية 29.
  3. ^ الألباني , فقه السيرة، عمرو بن العاص، 371، حديث صحيح.
  4. ^ islamqa.info , حكم التيمم مع وجود الماء , 20/10/2020
  5. ^ الفقه على المذاهب الأربعة , بد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت - لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 144-145، جزء 1. بتصرّف. , 20/10/2020
  6. ^ صحيح البخاري , رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمار بن ياسر، الصفحة أو الرقم: 347، صحيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *