ما هو حكم تبادل الهدايا

حكم تبادل الهدايا

حكم تبادل الهدايا ، هو أحد الأحكام الأساسية التي لا بدّ أن نتحدّث عنها، ولا يتهادى المسلمون إلّا لما بينهم من الأخوة والمحبّة والصداقة، والأخوة في الإسلام غايتها رضاه سبحانه وبلوغ الجنة، فالأخوةُ لأجل الله جعلت الغني في الإسلام أخًا للفقير دون استكبار، والأبيضَ أخًا للأسود دون تمييز، والأخوة الخالصة لوجهه الكريم، توجب للإخوة المؤمنين الجنةَ.

حكم تبادل الهدايا

حكم تبادل الهدايا انّها جائزة ومستحبّة بين المسلمين ولكن بشروط، والهدية والهبة والصدقة والعطية معانيها متقاربة، وكلها تمليك في الحياة بغير عوض، واسم العطية شامل لجميعها، وكذلك الهبة، ولكن تعريف الهدية يختلف عن تعريف الصدقة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، والتهادي بين الناس أمرٌ مرغوبٌ فيه شرعًا وعادةً، والهدية يهديها الأخ لأخيه، هي رسول خير، ومظهر حب، ووسيلة قربى، ومبعث أنس، تـُقرِّب البعيد، وتصل المقطوع، وتشق طريق الدعوة إلى النفوس، إذ ترقق قلب متلقيها، وتجبره على توثيق علاقته مع ملقيها، فالهدية وإن صغرت من أهم وسائل كسب القلوب، وبناء العلاقة بين الناس، وهي قد تكون بسيطة جدًا في قيمتها، ولكنها تدخل سرورًا، وتظهر مدى الاهتمام، والهدية لها دور كبير ومهم في استلال سخائم الحقد، وأدران التنافس والحسد من القلوب، ثم غرس أسمى معاني الثقة والمحبة والألفة والمودة بين المسلمين.[1]

شاهد أيضًا: ماهي اول هديه اهديت للرسول

ضوابط التهادي في الإسلام

على لمسلم أن يلتزم  بأحكام الشرع في مجالات حياته كلّها، فالمسلم يتبعُ أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في شؤونه كلها، ويحرمُ العدولُ عنها إلى اتباع أهواءه وشهواته، فالمسلم منضبطٌ بضوابط الشرع، والانضباط هو أخذ الأمور بحزمٍ وقوةٍ، بحيث تبقى أفعال المسلم وتصرفاته ضمن الحكم الشرعي، والانضباط روح الإسلام، فكلمة الإسلام تؤكد على الاستسلام لأحكام الله عزّ وجلّ، ابتداءً بالعقيدة وانتهاءً بالشريعة، وسنذكر فيم يأتي أهم الضوابط الشرعيّة التي تحقق تعريف الهدية في الإسلام:[2]

  • تحرم الهدايا للكفار إذا كانت مرتبطةً بعقائدهم الباطلة، كالهدايا المرتبطة بأعيادهم الدينية تعظيمًا لها، فيُخشى على من فعل ذلك الكفر، فيحرمُ على المسلم أن يعظم شعائر الكافرين.
  • من ضوابط تعريف الهدية في ذاتها أنها إن كانت حرامًا كالخمر والخنزير والصلبان والشعارات الدينية لغير المسلمين ونحو ذلك، فلا يجوزُ شرعًا إهداؤها ولا قَبولها، وإن كان يحرم استعمالها في حالٍ دون حالٍ كالحرير مثلًا، فيجوز قبولها والتصرف فيها بالبيع أو الإهداء ونحوهما.
  • تحرم الهديةُ من المقترض للمقرض؛ لأنّ كلّ قرضٍ جرَّ نفعًا فهو ربا، وهذا وإن لم يكن حديثًا ثابتًا عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فمعناه صحيحٌ، فالهدية التي يقدّمها المقترض للمقرض قبل السداد، ولم تَجْري العادة في التهادي بينهما فيها شبهة بالربا.
  • تحرم الهدية للموظف، فالأصل المقرر عند الفقهاء أن من تولى مسؤوليةً أو وظيفةً عامةً أو خاصةً، أنه يحرم عليه قبول هديةٍ أو مكافأةٍ جاءته بحكم مسؤوليته تلك أو وظيفته، إلا إذا أذنت له جهة العمل المشغلة له بقبولها، والهدية للموظف والمكافأة والإكرامية ما جاءت للموظف إلا باعتبار أنه موظفٌ وليس باعتبار شخصيته العادية، وإلا كانت رشوة محرمة.
  • تقبل هدايا الكفار ويجوز الإهداء لهم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: “أن يهوديةً أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاةٍ مسمومةٍ، فأكل منها فجيء بها، فقيل: ألا نقتلها، قال: لا”.
  • يجوز قبول هدايا الكفار بمناسبة أعيادهم الدينية على الراجح من أقوال أهل العلم ما لم يكن في ذلك محظورٌ شرعي.

شاهد أيضًا: كم عدد الذين حرمت عليهم الصدقة

آداب الهدية في الإسلام

إنّ الهدية من أعظم ما يحقق المودة بين القلوب، وأجل ما يبعث الوئام في النفوس، ويُسترضى بها الغضبان، ويستميل المحبوب، ويَصفى بها الود بين الخلان والأصحاب، وللملقي والمتلقي أجر، إن هما احتسبا الأجر عند اله وجدّدا نيتهما، ولتعريف الهدية آداب، ومن هذه الآداب:[3]

  • الأَولى أن يُهدي الإنسان للأقرب فالأقرب، ولِمَنْ له حقوق عليه، كالوالدين، والزوجين، وذوي القربى، والجيران، فالهدية بين الزوجين أمرها عجيب، وأثرها بليغ، وقد أجاز الله تعالى للمرأة أن تهب بعض صداقها للزوج، إذا أرادت ذلك عن طيب خاطر، فقال الله تعالى: “وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا”[4]، تأكيدًا للمودة فيما بينهما.
  • اجتناب المَنِّ بها، فالمَنُّ بالهدية من اللؤم وقلة المروءة، قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى”.[5]
  • عدم العودة فيها، فمن المستقبح أن يرجع الإنسان في هديته، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: “الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ، ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ”.
  • العدل بين الأولاد في العطاء، فعن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما أن أباه أراد أن يُعطيه عطيةً، وكان يُحب أن يُشهِد رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأُعطية، فسأله النبيُّ صلى الله عليه وسلم: “أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: “فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ” قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ”.

وهكذا نكون قد عرفنا حكم تبادل الهدايا في الإسلام، وذكرنا كذلك الضوابط الشرعيّة التي لا بدّ من مراعاتها عند التهادي بين المسلمين، وأخيرًا ذكرنا آداي التهادي بين المسلمين التي تحقق الغاية الكبرى من الهدية وهي تحقيق الأخوة بين المسلمين.

المراجع

  1. ^ islamway.net , الهدية سنة نبوية ووسيلة دعوية , 29-04-2021
  2. ^ islamway.net , الضوابطُ الشرعيةُ للإهداء وقبول الهدية , 29-04-2021
  3. ^ alukah.net , آداب الهدية , 29-04-2021
  4. ^ سوؤة النساء , الآية 4
  5. ^ سورة البقرة , الآية 264

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *