حكم تتبع الرخص

حكم تتبع الرخص

حكم تتبع الرخص هو أحد الأحكام الشرعية والفقهية التي لا بدَّ من تسليط الضوء على رأي الشريعة الإسلامية فيها، فقد بيَّن الله تعالى للمُسلمين أحكام وتعاليم الدين الأساسية، وبيَّن لهم ما هو جائز وما هو مُحرَّم، كما جعل لهم في دينهم بعض الرخص التي تُيسر حياتهم، ومن خلال هذا المقال سنقوم بشرح معنى الرخص في الإسلام، كما سنذكر حكم تتبعها، وأقوال أهل العلم في ذلك، كما سنذكر الآثار المُترتبة على تتبع الرخص.

الرخصة في الإسلام

إنَّ كلمة الرخصة في اللغة تُشير إلى التيسير والتسهيل واللين وإزالة العقبة والعسر، أمَّا في الشريعة الإسلامية فإنَّها تُشير إلى أمرين وهما:

  • الرخص الشرعية الثابتة، والتي ثبت وجود دليلها في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، ومثالها الجمع أو القصر في الصلاة أثناء السفر.
  • الرخص في المذاهب الفقهية، وهي الأحكام التي شكَّلت موضعًا للخلاف بين أهل العلم واختلف علماء المذاهب في حكمها وهل هي جائزة أم لا.

حكم تتبع الرخص

إنَّ حكم تتبع الرخص في الإسلام يختلف باختلاف القصد من كلمة الرخصة، وله حكمان كالتالي:[1]

  • حكم تتبع الرخص الشرعية: لا حرج على المُسلم من تبع الرخص الشرعية الثابتة في الشريعة الإسلامية، إذا استدعت الحاجة إليها، كأن يكون في سفر ويقوم بالقصر والجمع، أو أن يأكل لحم الميتة في حال كان مُضطرًا ولم يجد غيرها وخشي على نفسه الهلاك، وغيرها من الرخص المتفق على ثباتها.
  • حكم تتبع رخص المذاهب: إنَّ تتبع رخص العلماء والمذاهب هو أمرٌ مُنكر وغير جائز، فإنَّ البحث على الأيسر من الأحكام ذات الخلاف والعمل بها بشكل مُطلق دون البحث عن دليل شرعي، وذلك بهدف اتّباع الهوى والاستسهال بالدين، هو أمرٌ يجمع كل الشر، وهو غير جائز، والله أعلم.

أقوال أهل العلم في تتبع الرخص

اختلفت أقوال أهل العلم في حكم من تتبع رخص المذاهب وانقسمت إلى ثلاثة أقوال وهي كالتالي:[2]

  • القول الأول: منع تتبع الرخص وعدم جوازه بشكل قطعي، وهو القول الراجح عند النووي وابن حزم والغزالي وابن القيّم، وفي رواية عن ابن القيم نقلها عن أحمد أشار فيها إلى أنَّ من تتبع الرخص فقد فَسق.
  • القول الثاني: يجوز تتبع الرخص، ولا حرج على المُسلم إذا أخذ بالأسهل، وهو قول ابن همام والحنفية السرخسي وابن عبد الشكور، وقد استدلوا على ذلك بعدد من النصوص الشرعية ومنها قوله تعالى: “يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ”[3]، على أن يكون هذا التتبع ليس فيه مخالفة للشريعة الإسلامية أو النصوص الواضحة والصريحة، وعدم الاعتماد على ذلك على الهوى والتَّشهي.
  • القول الثالث: يجوز اتّباع الرخص الشرعية ولكن بشروط مُحددة وهو قول ابن تيمية، ومن أبرز هذه الشروط ألا يُخالف هذا التتبع ما رجح من الأقوال، ولا يُخالف النصوص التي لا تحتمل التأويل والخلاف.

آثار تتبع الرخص

ذهب الكثير من أهل العلم إلى عدم جواز تتبع الرخص في المذاهب الشرعية، والذي يقوم على اتّباع الهوى والميل إلى الاستسهال في الدين، وقد ذكروا بعض الآثار المُترتبة على ذلك، ومنها نذكر:

  • إنَّ تتبع الرخص يجعل النفس تجري وتسير على هواها، وإنَّ من أهم المقاصد في الإسلام إخراج النفس عن اتّباع الهوى.
  • الاستهانة بالدين والتشريعات الدينية، والاعتماد على ما يُبقي الإنسان مُتّبعًا للهوى.
  • حصول انسلاخ بالدين، والذي ينتج عن الميل إلى اتّباع الخلاف في الأحكام بدلًا من اتّباع الأدلة الشرعية.
  • حصول خلل بالقوانين الشرعية التي تعد المُسلمين عن الانضباط بما هو معروف من الأحكام والتشريعات.

الفرق بين تتبع الرخص والأخذ بالأيسر

إنَّ تتبع الرخص هو أمرٌ يشير إلى اتّباع المرء ما هو أسهل وأيسر في كل الأحكام والتشرعات، والبحث في المذاهب وأقوال العلماء على القول الأسهل دون النظر إلى قوة الدليل أو الأساس الذي قام عليه هذا الحكم، بل يكون هذا التتبع فقط بهدف الأخذ بالأسهل واتّباع الهوى، والابتعاد عن كل أمر صعب، وهو أمر مُنكر عند أغلب أهل العلم، أمَّا الأخذ بالأيسر فهو أن يأخذ الإنسان بما هو أسهل وذلك بهدف دفع المشقة عن نفسه أو بسبب حاجته إلى ذلك، أو الأخذ بالأيسر بعد ثبات الدليل الشرعي الصحيح وترجيح القول فلا حرج في ذلك لأنَّ الله يُريد بالإنسان اليسر لا العسر، والله أعلم.[4]

متى يجوز تتبع الرخص

يجوز تتبع الرخص في المذاهب الشرعية في حال تحقق عدد من الشروط الأساسية وهي كالتالي:

  • الاعتماد في هذه الرخصة على دليل شرعي ثابت غير ضعيف أو منكر، فلا تكون هذه الرخصة ممّا شذَّ من الأقوال.
  • الأخذ بالرخصة بهدف الحاجة ودفع المشقّة والعسر سواء أكان عن الفرد أو المجتمع.
  • ألا يكون في تتبع هذه الرخصة تلفيق أو اعتماد على أمر مُلفّق.
  • عدم جعل هذه الرخصة ذريعة من أجل الوصول لأمر غير مشروع.
  • أن يكون قلب الإنسان مُطمئن ومرتاحاً إلى الأخذ بهذه الرخصة.

شاهد أيضًا: حكم من فعل شيئا من مفسدات الصيام من غير رخص شرعية فعليه

بعد بيان الحالات التي يجوز فيها تتبع الرخص الشرعية نكون قد وصلنا إلى ختام المقال الذي  بيَّن لنا حكم تتبع الرخص، والذي شرح معنى الرخصة في الإسلام، وبَّن أقوال أهل العلم في حكم تتبع الرخص، وكذلك بيَّن الآثار المُترتبة على ذلك.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , حكم تتبع الرخص الشرعية والفقهية , 24/02/2022
  2. ^ dorar.net , تتَبُّـعُ الرُّخَصِ , 24/02/2022
  3. ^ سورة البقرة , الآية 185.
  4. ^ islamweb.net , الفرق بين تتبع الرخص والأخذ بالأيسر , 24/02/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *