حكم تكليف النفس مالا تطيق من العبادة

حكم تكليف النفس مالا تطيق من العبادة

حكم تكليف النفس مالا تطيق من العبادة ، من الأحكام الشرعيّة التي قد يسأل عنها الكثير من الناس، فالإنسان مكلّف بالكثير من الأعمال التي تثبت صدق إيمانه بالله تعالى واستعداده لتنفيذ أوامره، ولكن هل يعني ذلك أن طاقة الإنسان في العمل لا محدودة؟ وأنّ لديه قوّة لا تنفد؟ هذا ما سيجيب عنه هذا المقال، كما سيبين الحكم الشرعيّ لذلك.

مفهوم العبادة

قبل معرفة حكم تكليف النفس مالا تطيق من العبادة ، من الجيد أن نعرّف العبادة بمعناها اللغوي والاصطلاحيّ، فالعبادة في اللغة هي التذلل والخضوع بقصد التعظيم، وهي لا تجوز إلّا لله تعالى، وتأتي أيضًا بمعنى الطاعة، وفي الاصطلاح هي أعلى مراتب الخضوع لله عزّ وجلّ، وهي ما يُكلّف به الإنسان بما لا يتوافق مع هوى نفسه وغايتها تعظيم الله تعالى وطاعته.

كما قيل في تعريفها أنّها اسم لما يرتضيه الله سبحانه وتعالى ويحبّه من أفعال وأقوال وأعمال صالحة ظاهرة وباطنة، كما انّ مفهوم العبادة في الدين الإسلاميّ لا يقتصر على الصلاة والصيام والزكاة والحج فقط بل هو يتجاوزها لأكثر من ذلك بكثير فكل فعل يقوم به الإنسان من الصالحات قاصدًا فيه وجه الله هو عبادة.[1]

حكم تكليف النفس مالا تطيق من العبادة

في الحديث عن حكم تكليف النفس ما لا تطيق من العبادات فإنّ ذلك منفي ولا يجوز في الشريعة، وذلك ما هو معروف عند سائر أهل العلم الشرعيّ، وذلك بدليل قوله تعالى في سورة البقرة: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”[2]، كما قال الله تعالى في سورة الطلاق: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا”[3]، وكذلك قوله تعال: “رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ”[4]، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًا، إذًا فلا يجوز تكليف الإنسان بالعبادة بما يفوق طاقته، بل يجب أن تكون التكاليف بم يستطيع أن يقوم به الإنسان دون عنت أو مشقّة، فالله لطيف بعباده.[5]

قصة آية لا يكلف الله نفساً إلا وسعها

معنى الآية الكريمة: “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”[2]، هي أنّ الله تعالى لا يكلّف عبدًا بعبادة أو تكاليف تفوق طاقته، فيضيق بها جهده، والوسع هو الجهد، وما يسع الإنسان ولا يضيق به ولا يجعله في حرج عند تنفيذه، فالله يكلف الإنسان بما في طاقته وييسر عليه في التكاليف.

وجاء في نزول هذه الآية أنّه: ” لمَّا نزَلت على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذه الآيةُ: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، أتَوُا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجَثَوْا على الرُّكَبِ وقالوا: لا نُطيقُ لا نستطيعُ كُلِّفْنا مِن العملِ ما لا نُطيقُ ولا نستطيعُ فأنزَل اللهُ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ}، إلى قولِه: {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( لا تقولوا كما قال أهلُ الكتابِ مِن قبلِكم: سمِعْنا وعصَيْنا بل قولوا: سمِعْنا وأطَعْنا غُفرانَك ربَّنا وإليك المصيرُ ) فأنزَل اللهُ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] قال: نَعم {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}، قال: نَعم {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}،قال: نَعم”[6] والله أعلم.[7]

وهكذا نكون قد عرفّنا ما هي العبادة، وبينا حكم تكليف النفس بما لا تطيقه من العبادات، وبأنّ ذلك ممن المنهي عنه في الشرع الإسلامي، وعرفنا سبب نزول الآيات الكريمm التي تتحدث عن تكليف الله للنفس بما تستطيع من العبادة دون تضييق عليها.

المراجع

  1. ^ saaid.net , مفهوم العبادة , 02-11-2020
  2. ^ سورة البقرة , الآية 286
  3. ^ سورة الطلاق , الآية 7
  4. ^ سورة البقرة , الآية 289
  5. ^ islamweb.net , التكليف بما فوق الطاقة منفي في الشريعة , 02-11-2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *