حكم دخول النساء للمقابر .. شروط جواز دخول النساء للمقابر

حكم دخول النساء للمقابر

حكم دخول النساء للمقابر من الأحكام التي ورد الخلاف عليه بين الفقهاء، ولا بدَّ للمرأة المسلمة من الاستفتاء لمعرفة الحكم الشرعي الصحيح واتباعه، ولزيارة المقابر بشكل عام محاسن لما فيها من أخذ العبرة والعظة ممن في القبور، فهي تجعل الإنسان ينظر إلى حياته على أنها رحلة قصيرة وأن عاقبته هي الموت، فإما أن يكون من المحسنين الأخيار ويدخل الجنة، وإما أن يدخل النار -والعياذ بالله- جزاءً على ما عمله في الحياة الدنيا.

هل يجوز زيارة القبور

تُستحبُّ زيارة القبور وهي سنة، وقد قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام: “وهو أمر ندب اتفاقًا، ويتأكد في حق الوالدين لآثار في ذلك”، وعن سبب مشروعية زيارة القبور فقد شرعت لسببين وهما:[1]

  • تذكيرًا للإنسان بمآله؛ فهو سيصبح مثلما صار هذا الذي في القبر، فإن مرجع جميع الناس إلى القبور، مما يشجع المسلم على التوبة والعمل الصالح، فيجتهد في العمل ويتذكر الآخرة، ويخشى ما سيصير إليه.
  • الإحسان إلى الميت بالدعاء، فالميت في أمس الحاجة إلى دعوة الأخ الصادق، والابن البار، فالله يعلم ما آل إليه، فلعلّ دعوة صادقة تشفع إليه عند رب العالمين.

ويكمن محل استحباب زيارة القبور فيما لو كان قبر الميت في البلد نفسها، أما أن يشد الرحال إليه فيما يُعدُّ سفرًا، ففي هذه الحالة لا تشرع زيارة القبر بل تحرم .

حكم دخول النساء للمقابر

لقد اختلف أهل العلم في جواز زيارة القبور بالنسبة للنساء، فذهب جمهور العلماء إلى الكراهة، واحتجوا بأدلة منها حديث أبي هريرة عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال: “لعنَ اللَّهُ زوَّاراتِ القبورِ”،[2] كما أن للنساء رقة قلب وكثرة جزع، وقليل ما يحتملن المصائب، فيخشى أن يبكين ويرفعن أصواتهم في المقابر، لكن ذهب الحنفية في الأصح إلى أنه يسن للنساء زيارة القبور كما هي للرجال لحديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال: “قد كنتُ نهَيتُكم عن زيارةِ القبورِ، فقد أُذِنَ لمحمَّدٍ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في زيارةِ قَبرِ أمِّهِ فزورُوها، فإنَّها تذَكِّرُ الآخرةَ”.[3]

وذهب الإمام أحمد في رواية عنه قالها ابن قدامة إلى عدم كراهة زيارة النساء للقبور وذلك لعموم حديث ثوبان، وهو موجود في وجه عند الشافعية، وقد حكاه الروياني في البحر وصححه، في حالة أمن الافتتان كما في المجموع للنووي: “والقول بعدم الكراهة هو الراجح إن شاء الله لحديث ثوبان -فزوروها- فإنه خطاب يعمُّ الرجال والنساء لتساويهم في علة الزيارة وهو تذكُّر الآخرة”.[4]

شروط جواز دخول النساء للمقابر

هناك أمور مهمة لا بدَّ من مراعاتها إذا زارت المرأة القبور:[5]

  • عدم خروج المرأة متزينة أو متعطرة، بل تخرج متسترة ومحتشمة.
  • عدم اختلاط  النساء بالرجال.
  • الذهاب مع أحد محارمها إن كانت المقبرة بعيدة أو موحشة.
  • التزام المرأة بالسكينة والوقار في المقبرة، فتعبُرُ دون صوت ولا عويل.
  • أن يكون غرضها من زيارة القبور العظة والاعتبار والنظر في المصير.
  • أن تكون المرأة غير معتدة ولو عن وفاة، وأن تكونَ خارجة بإذن حليل، فالمعتدة لا يجوز لها الخروج لزيارة القبور أثناء العدة، حتى وإن كان قبر زوجها، ومثل ذلك أيضًا لا يحل خروج الزوجة بغير إذن زوجها. والله أعلم.

أحاديث نبوية عن زيارة القبور

ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلَّم- العديد من الأحاديث التي تختص بزيارة القبور، ذكرنا بعضًا منها فيما سبق ونستشهد هنا أيضًا ببعض الأحاديث:

  •  وردَ عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- ما يأتي: “أنَّ عائشةَ أقبلتْ ذاتَ يومٍ من المقابرِ فقلتُ لها يا أمَّ المؤمنينَ من أينَ أقبلتِ قالت من قبرِ أخي عبدِ الرحمنِ بنِ أبي بكرٍ فقلتُ لها أليسَ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نهَى عن زيارةِ القبورِ قالت نعم ثم أَمَرَ بزيارَتِهَا”.[6]
  • وورد عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أيضًا: “قلتُ: كيفَ أقولُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: قُولي: السَّلامُ على أهلِ الدِّيارِ مِن المُؤمِنينَ والمُسلِمينَ، يَرحَمُ اللهُ المُستَقدِمينَ مِنَّا والمُستأخِرينَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللهُ بكم لاحِقونَ”.[7]

إلى هنا نصل إلى ختام هذا المقال وقد بيَّنا فيما سبق حكم دخول النساء للمقابر، وأن جمهور العلماء على الكراهة، ووضحنا الشروط الواجب على المرأة اتباعها إن ذهبت لزيارة المقابر من عدم التزين والاختلاط ونحو ذلك، دون بكاء أو رفع في الصوت ولا جزع.

المراجع

  1. ^ islamqa.info , حكم زيارة القبور , 18/10/2020
  2. ^ مجموع الفتاوى , أبو هريرة، ابن تيمية، 24/360، صحيح
  3. ^ معارج القبول , بريدة بن الحصيب الأسلمي، الحكمي،517/2، صحيح
  4. ^ islamweb.net , حكم زيارة القبور للنساء والفتيات , 18/10/2020
  5. ^ aliftaa.jo , حكم زيارة النساء للمقابر , 18/10/2020
  6. ^ إرواء الغليل , عائشة أم المؤمنين، الألباني، 3/234، صحيح
  7. ^ صحيح النسائي , عائشة أم المؤمنين، الألباني، 2036، صحيح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *