حكم زيارة مدائن صالح

حكم زيارة مدائن صالح

حكم زيارة مدائن صالح، هو من الأسئلة الفقهية التي وَردت في كُتُب الفقه في باب حكم الذّهاب إلى مناطق الأقوام المُعذّبة، والتي سَردها القرآن الكريم من خلال آياته الكريمة، لذلك لا بُدّ من معرفة الحُكم الشّرع المُناسب لهذه المسألة، وما يترتّب عليها من مسائل فقهية مُتعلّقة فيها.

قوم صالح

أرسل الله-تعالى- النّبي صالح-عليه السّلام- إلى قوم ثمود، وهي من القبائل العربية التي كانت تسكن في المناطق الواقعة بين الحدود الشّمالية للمملكة العربية السّعودية وشرق المملكة الأردنية، وتُسمّى مساكنهم بالحِجْر، ولطبيعة المكان البيئية فقد كانت حضارتهم قائمة على العمران والبنيان، فقد كانت بيوتهم منحوتة في الصّخر، إلّا أنّهم كانوا جاحدين للنّعم، ومُكذّبين  لوحدانيته، فصعنوا أصنامهم وعبدوها، فبعث الله-تعالى- لهم النّبي صالح-عليه السّلام- حتّى يدعوهم إلى التّوحيد، وترك عبادة الأصنام، وقد كان صالح-عليه السّلام- فردًا منهم، فلمّا عرض عليهم الدّعوة فريقٌ آمنوا، وكانوا قلّة، والفريق الأكبر قد كفر، وطالبوا منه أن يأتيهم بدليلٍ على صِدق نبوته، والدّليل الذي طلبوه كان طلبًا تعجيزي، وهو أن يُخرج كائنًا حيًا من صخرة جامدة، وهي ناقةٌ عشراء حامل في شهرها الأخير.[1]

حكم زيارة مدائن صالح

إنّ حكم زيارة مدائن صالح لا تجوز شرعًا إذا كانت بهدف التّنزّه والتّرفيه، وقد أوصى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أن لا ندخل  مساكن المعذبين إلا أن يكونوا باكين؛ حتى لا يُصيبهم ما أصابهم، لقوله-صلى الله عليه وسلم- لما مر على مدائن صالح قال لأصحابه: ” لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين، إلا أن تكونوا باكين؛ لئلا يصيبكم ما أصابهم” ففي هذا الحديث حذّر رسول الله-صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- المسلمين أن يَدخلوا دِيارَ أصحاب الحِجْرِ وهي مدائن صالح إلَّا وهم يَبْكُون، وحذَّرهم حتى لا  يُصِيبهم بِمِثْلِ ما أصابهم مِن العذابِ؛ فهذه البيوت هي بيوت خسْفٍ وعذاب، فلا ندخلها ترفيهًا أو تنزّهًا، بل لا بُدّ أن ندخلها باكيين، ومُتأثرين شفقةً عليهم، أو خوفًا أن يَحلّ عليهم ما حلّ بهم.[3]
وفي هذا الحديث تذكيرٌ للتَّفكّر في أحوال من أوقع الله -تعالى-عليهم العذاب، وأن يحذر المسلم أن يقع بما وقَعوا فيه، وأن يحذروا مِن الغَفلة عن تدبّرِ الآياتِ والتّفكر بها؛ لِيعتبروا ممّا حلّ بهم، ويستيقظوا مِن غَفلتِهم، فقد يَخشَى وقوع العقوبة به نتيجة الغفلة عن التّدبّر، والتّذكّر.[4][5]

هلاك قوم صالح

دعا النّبي صالح-عليه السّلام-ربه، أن يُسانده بالمعجزة الدّالة على صدقه نُبوته، فاستجاب الله-تعالى-له، وطلب منه أن يجمع قومه عند صخرةٍ مُباركةٍ كانوا يُعظّموها، فخرجت النّاقة العشراء من صخرة جامدة؛ لتُثبت بأنّه رسولٌ من الله إليهم،ورغم ذلك انقسم القوم إلى فريقين؛ فريقٌ آمنوا، وفريقٌ كفروا، واشترط عليهم أن يتركوا النّاقة وشأنها، ولا يمسوها بسوء، وجعل للنّاقة يومًا تشرب من بئرٍ لديهم، وهم لهم يومٌ خاصٌ لشربهم، على أن يتزوّدوا في يومهم الخاص لهم ما يحتاجونه من الماء، غير أنهم لم يلتفوا لأمره، فاجتمع رهط من المُفسدين ليقتلوا النّاقة، ويقتلوا النّبي صالح-عليهم السّلام- فعقروها وقتلوا وليدها، وعندما أرادوا التّوجه إلى النّبي صالح-عليه السّلام- سلّط الله -تعالى- عليهم حجارةً قتلتهم، عقابًا لهم، ووعدهم صالح-عليه السّلام- لمن كفر به أنّ العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيامٍ، فكذبوه، حتى جاءتهم صيحةً من السّماء، ورجفةً من الأرض، فأصبحوا في دِيارهم جاثمين، ونجى الله-تعالى- نبيه صالحًا والذين آمنوا معه، وهذه من سُننه سبحانه.[2]

في الختام فإنّ حكم زيارة مدائن صالح لا تجوز، إلّا إذا كانت من باب العظة والاعتبار، وأن ندخلوها باكيين كما أوصى بذلك رسول الله-صلى الله عليه وسلم– حتى لا يحلّ بنا ما حلّ لهم.

المراجع

  1. ^ .islamweb.net , قصة النبي صالح , 27-10-2020
  2. ^ ar.wikisource.org , البداية والنهاية , 27-1-2020
  3. ^ islamweb.net , إلا أن تكونوا باكيين , 27-10-2020
  4. ^ al-eman.com , فصل الذهاب على مدائن صالح , 27-10-2020
  5. ^ dorar.net , شرح حديث إلا أن تكونوا باكين , 27-10-2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *