حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة والجماعة

حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة والجماعة

حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة والجماعة ؟ كما نعلم أن ارتكاب الكبيرة من المعاصي العظيمة عند الله تعالى وقد شدد الله ورسوله على عدم الاقتراب منها فعقابها شديد في الدنيا والآخرة، وقد قال البعض بأنها تكفر صاحبها وقال أهل السنة والجماعة غير ذلك وكما نعلم أنه من الواجب علينا اتباع أهل السنة والجماعة وذلك لأنهم يتبعون نهج رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.

حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة والجماعة

يختلف حكم ارتكاب الكبيرة عند أهل السنة عنه في الجماعة وهو كما يلي:-

مرتكب الكبيرة في نظر أهل السنة والجماعة هو مؤمن ناقص الإيمان، ولا يكفر بموجب ذنب فعله أو كبيرة، ولكنه فاسق بما فعله من كبيرة، فلا يسلب الإيمان مطلقا ولا يعطى مطلقا، وعندما سئل بن تيمية هل يكفر المؤمن بمعصيته؟ أجاب أنه لا يكفر بمجرد ارتكابه للمعصية، فقد كان حكم الزاني المحصن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يجلد مائة جلدة فقط ولا يقتل كذلك الشارب والسارق والقاذف، فلو كان يكفر كان وجب عليهم القتل لردته.

وقال الإمام الطحاوي إذا لم يستحل المؤمن الذنب فلا يكفر، وقال ابن أبي العز: اتفق أهل السنة والجماعة أن من يؤمن بالله تعالى ورسوله واليوم الآخر فلا يكفر بشيء من المعاصي ولا تحبط المعاصي أعماله فلا يكفره إلا أن يكفر بوجود الله تعالى على عكس ما قاله الخوارج والأدلة على ذلك في كتاب الله تعالى كثيرة، قال تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ، وكلمة أخيه دليل على أنه لم يكفر وكنا نعلم أن القتل من الكبائر، لذلك فمن باب أولى أن لا نكفر مرتكب المعاصي التي هي أقل من القتل، ولكنه ينقص بذلك إيمان مرتكب الكبيرة.

ومن الكتاب أيضًا قوله تعالى:  وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، فأطلق الله تعالى عليهم مؤمنين بالرغم من قتالهم،

كما جاء في السنة الكثير من الأحاديث الدالة على ذلك فمنها:

  • حديث عبادة بن الصامت في بيعة العقبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله عصابة من أصحابه: بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه، فبايعناه على ذلك، ويتضح من ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكفر مرتكب هذه المعاصي باستثناء الشرك بالله فجاء في السنة أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك، وقال رسول الله إن مرتكب هذه المعصية إذا عوقب في الدنيا فهي كفارة له وهذا يعني أن هذه المعاصي لا تكفر بل من الممكن التوبة منها.
  • كذلك من السنة ما روى البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رجلا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم- كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارا، وكان يضحك رسول الله – صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم – قد جلده في الشراب، فأتي به يوما فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به، فقال – صلى الله عليه وسلم -: لا تلعنوه فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله.[1]

شاهد أيضًا: مرتكب الكبائر كافر مخلد في النار أصحاب هذا القول

حكم مرتكب الكبيرة عند الخوارج والرد عليهم

عن أبي هريرة في تفسير قوله تعالى : وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}  {الروم 30 – 32}، ويقصد بهم الخوارج، والخوارج هم من خرجوا على خلافة الإمام الذي اتفقت عليه الأمة في كل زمن، ويرى الخوارج أن مرتكبي الكبائر الذين يموتون على ما ارتكبوها من معاصي ولم يتوبوا عنها فهم كفار وسوف يخلدون في النار.

والرد على ذلك أن جميع أراء المذاهب الكلامية المختلفة في هذا الأمر (المعتزلة، المرجئة، الخوارج) مرفوض قطعا إلا رأي أهل السنة والجماعة فهو صواب، فمرتكب الكبيرة لا يكفر لقوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ويعذب مرتكب الكبيرة على كبيرته في النار بقدر ما يستحقه وقد يغفر له بعدله ورحمته ما لم يشرك به شيئا.[2]

تعريف كبائر الذنوب

الكبيرة هي الذنب الذي يترتب عليه جزاء في الدنيا، ويتوعد الله لفاعله، ومثال الكبائر ما ذكر في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات قال: ما هن؟ قال: الشرك بالله   والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات “).

شاهد أيضًا: كيف نتعامل مع من وقع في الكبائر

كيفية تكفير كبائر الذنوب

تكفر الكبيرة بالتوبة النصوح الخالصة لوجه الله تعالى فلا بد أن يتوب الإنسان عن المعاصي توبة لا يعود لمثل ما فعله أبدا، كما أخبرنا رسولنا الكريم عن الأعمال التي يكفر بها الإنسان ذنوبه وهي كالآتي:

  • بر الوالدين فإذا نوى الإنسان بر الوالدين تكفيرها لذنبه كان ذلك كفارة له.
  • إسباغ الوضوء، و المواظبة على الصلاة.
  • المشي إلى الصلاة في المساجد، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ غَدَا إلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ الله لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ».
  • المواظبة على أداء الصلوات المفروضة في وقتها.
  • كثرة النوافل وصيام التطوع، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ».[3]

وفي النهاية نكون قد عرفنا حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة والجماعة فيا أيها الذين آمنوا تذكروا دائمًا أن من يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب لذلك يا عباد الله ابتعد من ارتكاب المعاصي والكبائر، وتوبوا إلى الله وسيروا على نهج رسوله الكريم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *