كيف وصل اجدادنا العرب الى الصين واسيا

كيف وصل اجدادنا العرب الى الصين واسيا

كيف وصل اجدادنا العرب الى الصين واسيا، أكبر قارّات العالم القديم، والتي تقع في أقصى شرقها دولة الصين الشعبيّة. التي تحتلّ المرتبة الأولى في العالم كأكثر الدول اكتظاظاً بالسكان، والمرتبة الثّانية من حيث المساحة. وهي في المراتب الأولى، من حيث تعداد أفراد جيشها من جهة، ومن حيث التطوّر والنموّ الاقتصادي، والتجاري، والتكنولوجي، من الجهة الأُخرى.

كيف وصل اجدادنا العرب الى الصين واسيا

وصل اجدادنا العرب الى الصين واسيا عن طريق الرحلات والقوافل التجاريّة البريّة منها، باتجاه طريق الحرير، والبحريّة عبر المحيط الهندي. باتجاه طريق الفخّار. حيث تسنّى لهم اكتشاف بلاد جديدة، وتعرّفوا على ثقافات مختلفة. فتأثّروا وأثّروا فيها، ونشروا الثقافة الاسلاميّة.

بداية علاقة العرب بالصين وآسيا

تُشير المصادر التاريخيّة، والمخطوطات القديمة، أن أجدادنا العرب وصلوا إلى الصين وآسيا ،بسبب وجود العلاقات الممتازة والمتينة. والتي كانت تجمع بين الحضارتَين، العربيّة والصينيّة قُبَيل الإسلام، وبالتحديد؛ تلك التي قامت في ظلّ عهد أسرة خان. هذه الأُسرة التي حكمت الصين، من عام 206 قبل الميلاد، وحتّى عام 8 ميلاديّة. وبالأخص؛ بعد فتح خطوط الطريقين التجاريّتَين الأشهر، مع دول الخارج ، والمعروفتين عالميّاً بـ(طريق الحرير)، و(طريق العطور) أو (طريق الفخّار). اللّتين شكّلتا فيما مضى صلة وصلٍ، بين شبه الجزيرة العربيّة، ودول إفريقيا، وبين كلٍّ من دول آسيا الوسطى، والهند، ودول آسيا الغربيّة. كان الصينيّيون يطلقون على العرب اسم (تياو جي)، المشتقّة من كلمة TAJIK، والتي هي اسم يعود إلى عشيرة عربيّة في الشمال.

مسلمو الصين

وصل اجدادنا العرب الى الصين واسيا، ليس عن طريق الغزوات والفتوحات الإسلاميّة، كما في باقي أصقاع العالم، وإنّما عن طريق المبادلات التجاريّة، في عهد الخلفاء الراشدين. من أبرز الآثار التي تركوها في دول شرق آسيا، وفي مقدمتها الصين، نشر الدين الإسلامي. فتشكّل نسبة من يعتنقون الإسلام فيها، حوالي 1.5 إلى 4 % . في حين تتراوح أعدادهم بين 100 إلى 120 مليون شخص مسلم. أكثرهم من المذهب السنّي. وغالبيّتهم من تركستان الشرقيّة، التي تشهد مؤخراً، قيام عدّة حركات إسلاميّة، تنادي بالانفصال عن الصين، بهدف تأسيس دولة إسلاميّة مستقلّة فيها.

اجدادنا العرب في الصين واسيا

كنا قد أسلفنا أن أجدادنا العرب قد وصلوا إلى الصين وآسيا، عن طريق القوافل التجاريّة. وفي حقيقة الأمر؛ لم يكن السفر إليها سهلاً، إذ كان يكلّفهم المشقات الجسام، سواء أكان في مدّة السفر، أم في الوسيلة التي تقلّهم إلى وجهتهم، أم في الطريق التي يسلكونها. البحريّة منها وكانت على ظهر السفن، أو البريّة. في هذا السياق، كانت القوافل التجاريّة تنطلق إلى الصين وآسيا، في بداية العام. فتستغرق الرحلة قرابة الشهر من المسير، ويتزوّد التجار بالمؤن وبالأمتعة اللّازمة في الرحلة، ويتعرضون لعدد من الأخطار. فكثيراً ما تاهت القوافل وحادت عن طريقها، وضلّ بعض ركابها، أو تعرّضت للنهب والسلب من قاطعي الطرق، أو نفقت إبلهم، إذ كانت وسيلة نقلهم البرّي الوحيدة على ظهور الجمال.

طرق الملاحة بين العرب والصين

وصلت السفن الصينيّة إلى الخليج العربي، في عصر أسرة تانج. بينما وصلت ميناء عدن اليمنيّ، وزنجبار شرقيّ إفريقيا، في عصر أسرة سونج. أمّا السفن التجاريّة العربيّة؛ فقد سلكت طريق العطور أيضاً للوصول إلى الموانئ الصينيّة. في ذلك الوقت، كانت حركة قوافل التجار العرب على الجمال، لا تنقطع على طول طريق الحرير البريّ. كذلك الأمر بالنسبة إلى حركة السفن التجاريّة، على طريق الحرير البحريّ، التي كانت مزدهرة جداً. هذان الشريانان الحيويّان الكبيران، ربطا الصين بالعالم العربي، وهما اللّذان سهّلا الاتصالات التجاريّة والتبادلات الثقافيّة بين الجانبين.

طريق الحرير

يبدأ طريق الحرير من غرب النهر الأصفر، ثمّ يغادر الصين عند نقطة انتهاء سور الصين العظيم، ويسير غرباً في وسط آسيا الوسطى، ويخترق بلاد فارس ليصل إلى العراق وسورية. سُمّي بهذا الاسم، لأنّه كانت تنقل عبره كميّات كبيرة جداً، من حرير القزّ الحرّ، والمنتجات الحريريّة المنسوجة، وغيرها من البضائع الصينيّة، إلى البلدان العربيّة، وحتّى إلى المناطق الغربيّة الأبعد منها.

طريق العطور

يسمّى أيضاً (طريق الفخّار)، و(طريق الحرير البحري). ينطلق من الخطوط البحريّة الجنوبيّة، ثمّ يمّر بمضيق ملقا، وسريلانكا، وبأقصى جنوب شبه الجزيرة الهنديّة، حتّى يصل إلى الخليج العربي، والبحر الأحمر. كانت تنقل عبر هذا الطريق البحري، كميّات كبيرة جدّاً من منتجات الخزف والفخّار، وأصناف عديدة من حرير القّز وأقمشة الساتان والقطن وغيرها، إلى البلدان العربيّة ومناطق أُخرى عديدة.

العلاقات الدبلوماسية العربية الصينية

بعد قيام الدولة العربيّة الإسلاميّة، وتطوّر التبادلات التجاريّة الخارجيّة، وصل أجدادنا العرب إلى الصين وآسيا في أواسط القرن السابع، بعد أن توطّدت العلاقات الصينيّة العربيّة. ففي السنة الثّانية من عهد الإمبراطور يونج خوي عام 651 م، أوفد الخليفة الثّالث عثمان بن عفان، أوّل مبعوث رسميّ إلى تشانج آن عاصمة أسرة تانج. ومنذ ذلك التاريخ، وحتّى عهد الإمبراطور تانج يوان، كان العرب قد أوفدوا 37 مبعوثاً دبلوماسياً للصين. بينما وصل عدد المبعوثين العرب للصين في عهد أسرة سونج إلى 39 مبعوثاً، بحسب ما ورد في (سلسلة التواريخ)، بنسخة مترجمة إلى الصينيّة بعنوان (رحلات سليمان إلى الشرق)، و(الكامل في التاريخ)، وغيرهما من السجلات والكتب العربيّة. كما وردت أيضاً في (مجلد تانج القديمة)، وغيرها من الكتب والسجّلات الصينيّة التاريخيّة. والجدير بالذكر، أنّ الغالبيّة العظمى للمبعوثين العرب، كانوا يوفدون من قِبَل الحكومة المركزيّة للدولة الإسلاميّة، والأقليّة منهم كانوا يوفدون من قبل الحكومات المحليّة.

مدينة بغداد وعلاقتها بالصين

كان التجار المسلمون يسافرون شرقاً، باتجاه شواطئ الجنوب الشرقيّ للصين. والكثير منهم يرسون في مدينة (كوانجو) أو مدينة يانجو الواقعة في الشمال منها. حيث كانوا ينقلون إليها أصناف البضائع من العطور مثل (اللبان، والصمغ، والكافور، والعنبر، والفلفل، عود الند، والعود الهندي، وعود البخور، وماء الورد … إلخ). ومن الجواهر (العاج، قرن الكركدن، العقيق، المرجان، الكهرمان). ومن النباتات الطبيّة (العر، اللّيلك، والقرنفل … إلخ). بالإضافة إلى المُنتجات الزجاجيّة بمختلف الأشكال والأنواع. ويعودون منها محمّلين بالبضائع الصينيّة، كالخزف والحرير والشاي والمسك وغيرها. كما كانت السفن التجارية الصينيّة، تبحر بدورها بعيداً، لتصل شواطئ عُمان والبحرين والبصرة. وكان الخليفة العباسي المنصور قد طرح فكرة بناء عاصمة جديدة في بغداد. فقال عنها: “ستجعل نهر دجلة صلة وصل بيننا وبين الصين البعيدة”. كما توقّع، لم يمضِ وقت قصير على تأسيس بغداد، حتّى فتحت فيها (سوق صينيّة) تبيع البضائع الصينيّة.

وصل اجدادنا العرب الى الصين واسيا ، عبر حركة التبادل التجاريّة في العصور القديمة. والتي كانت صفحة مشرقة في تاريخ العلاقات الصينيّة – الآسيويّة العربية. وفي الحقيقة، كان العرب هم الذين بنوا جسراً للتواصل، بين شرق العالم وغربه. فقد نقلوا بدورهم إلى العالم الغربي، ما ابتكرته الصين من فنون صناعة الورق، والبوصلة، والطباعة. ولعلّهم ساهموا في مسيرة الرقيّ الاجتماعيّ والتنويريّ في أوروبا. كما أنّهم حملوا معهم إلى الصين البضائع والأشياء النادرة والقيّمة، كالقرآن الكريم، والكتب النفيسة، والحيوانات كالزرافة  مثلاً، التي لم تكن آنذاك معروفة في كلّ آسيا.

المراجع

  1. ^ sa.china-embassy.org , طريقان ربطا بلاد العرب بالصين سياسيا , 10/3/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *