كيف يكون الرسول حكما بعد وفاته

كيف يكون الرسول حكما بعد وفاته

كيف يكون الرسول حكما بعد وفاته ؟ هو السؤال الذي ستتم الإجابة عليه في هذا المقال، فقد وردت آيات قرآنية تبيّن ضرورة تحكيم رسول الله وأنّ هذا من الإيمان بالله تعالى والإيمان برسوله، فالإيمان بالله لا يصح دون الإيمان برسوله، وطاعة الله لا تكتمل من غير طاعة رسول الله، وفي السطور التالية سيتم توضيح جميع ذلك.

سبب نزول آية فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك

قال تعالى في سورة النساء: “فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”،[1] وقد حكى أهل العلم من المفسّرين والمحدّثين سبب نزول هذه الآية، وهو أنّ الزبير بن العوّام -رضي الله عنه- وهو ابن عمّة رسول الله تخاصم هو ورجل من الأنصار حول سقاية بستانيهما، فرفعا شكواهم إلى الرسول فحكم بحكمٍ فيه مزيد مصلحة للأنصاري.

إلّا أنّ ذلك لم يرضيه وقال بأنّ هذا الحكم لصالح الزبير لقرابته من رسول الله، فأغضب ذلك الرسول وغيّر حكمه بما يُعطي للزبير حقّه كاملًا، فنزلت هذه الآية، وقد كان غضب رسول الله ليس انتصارًا لنفسه وإنّما لما بَدر من الصحابي الأنصاري من انتهاك لمنصب النبّوة، فالصحابة الكرام عدول ولكنّهم غير معصومين، وفيما يأتي سنفسّر هذه الآية ونبيّن كيف يكون الرسول حكما بعد وفاته.[2]

كيف يكون الرسول حكما بعد وفاته

اهتّم العلماء بتفصيل مسألة تحكيم رسول الله في حياته وبعد وفاته لأنّ هذا من صميم الدين الإسلامي ومن جوهره، وفيما يأتي تفصيل ذلك:

تحكيم الرسول في حياته

فسّر ابن كثير -رحمه الله- الآية السابقة بأنّ الله -عزّ وجلّ- يُقسم بنفسه الكريمة المقدّسة أنّه لا يؤمن أحدٌ من الناس حتّى يُحكّم رسول الله في جميع أموره، ويأخذ بحكمه وينقاد له في ظاهره وباطنه، لأنّ حكم رسول الله هو الحق، فهو لا يأتي بشيءٍ من عنده، وإنّما يوحى إليه من ربّه، ومعنى تحكيم الرسول في حياته، أي: طاعته قلبًا وقالبًا حتّى لا يجد الإنسان أي حرج أو تردد أو شك في نفسه وقلبه من الانقياد لحكم رسول الله وأوامره ونواهيه، فيُسلّم لذلك تسليمًا كليًّا كاملًا، ومن خلال تفسير هذه الآية سنبيّن كيف يكون الرسول حكما بعد وفاته.[3]

تحكيم الرسول بعد وفاته

إنّ تحكيم الرسول بعد وفاته يعني تحكيم سنّته وشرعه، فالاحتكام لسنّة رسول الله هو الاحتكام لشرع الله، ويجب على المسلمين ألّا يخرجوا عن شريعة الله، وأن يُحكّموا شرعه في كل شيء، وهذا فيما يتعلّق بالعبادات كالصلاة والصيام، والمعاملات كالبيع والشراء والزواج والطلاق، وفي جميع الشؤون الدينية والدنيوية، لأنّها تخص كل شيء، وقد أمر الله تعالى بذلك في أكثر من آية، ويجب أيضًا أن يلجأ المسلمون بعد وفاة الرسول لسنّته عند حدوث الخلافات والنزاعات، مع انشراح الصدر والتسليم المطلق لتلك الأحكام ، والاطمئنان لها والرضا بها، والاقتداء برسول الله في جميع الأمور.[4]

أنواع الناس في تحكيم شرع الله

إنّ تحكيم شرع الله وسنّة رسوله واجب على المسلمين، بالإضافة إلى طاعة الله وطاعة رسوله، ولكنّ البعض قد يرى عدم وجوب تحكيم شرع الله، ومن يرى ذلك على خطرٍ عظيم يجب عليه أن يُغيّر معتقده هذا ويتوب إلى ربّه، كما أنّ الناس ينقسمون في هذا إلى ثلاثة أنواع فيما يأتي بيانها:[4]

  • من يقول إنّ شرع الله وسنّة رسوله أفضل من قوانين البشر، ولا بأس من تحكيم غير شرعهما.
  • من يقول إنّ شرع الله وقوانين البشر سواء ولا فرق بينهما.
  • من يقول إنّ القانون أفضل وأولى بالتطبيق والتحكيم من شرع الله، وهذا أقبح نوع.

وبهذا نكون قد بيّنا سبب نزول قوله تعالى: “فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك”، وفسّرنا هذه الآية وبيّنا كيف يكون الرسول حكما بعد وفاته وفي حياته، ووجوب تحكيم شرع الله وسنّة رسول الله، وعدم جواز الاعتقاد بأنّ قوانين البشر تساوي شرع الله أو هي أفضل منها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *