ما هو حكم صيام تاسوعاء فقط

حكم صيام تاسوعاء فقط

حكم صيام تاسوعاء فقط سيتم بيانه في هذا المقال، حيث جاء الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة المنورة ووجد اليهود يصومون العاشر من محرم ويقتصرون عليه فقط؛ ثم صام الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لأصحابه: “أنتم أحق بموسى منهم فصوموا”، فاستجابوا بما أمر الرسول عليه السلام، ومن الجدير بالذّكر أنه لا يوجد في الحديث ما يدل على أن هذه اللحظة كانت بداية صوم عاشوراء.

حكم صيام تاسوعاء فقط

إن صيام يوم تاسوعاء فقط لا بأس به؛ لأن حكم الصيام مستحب، ولكن الأفضلية في السنة النبوية الشريفة صيام يوم عاشوراء وأن يسبقه بصيام تاسوعاء، ف عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (هذا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ علَيْكُم صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فمَن أَحَبَّ مِنكُم أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ، وَمَن أَحَبَّ أَنْ يُفْطِرَ فَلْيُفْطِرْ)، وأيضًا: عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَومَ عَاشُورَاءَ، فمَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ تَرَكَهُ).[1]

حكم صيام عاشوراء فقط

اختلف العلماء في حكم تحديد يوم عاشوراء بالصيام على وجهين، وفيما يلي بيانه:

  • القول الأول: قال أكثر علماء المالكي والشافعي والحنبلي: يجوز صيام يوم عاشوراء وحده بغير كراهة، وهذا عند ابن عثيمين.
  • القول الثاني: قال الحنفية: يكره صيام يوم عاشوراء وحده دون صيام اليوم الذي يسبقه أو بعده ، مع اتفاقهم مع أكثر العلماء في الحصول على أجر صيام عاشوراء بالصيام وحده.

أهمية يوم عاشوراء

عاشوراء من الأيام الفاضلة والشهيرة، وله أهمية كبيرة في قلوب المؤمنين، فهم يستدعون نصر الله تعالى لأنبيائه، ويذكرون أنه يوم النبي موسى عليه السلام عندما أطلقه فرعون وجيشه، وبعد ذلك أغرقهم الله وأوقفهم عن موسى ومن آمن به في مشهد يرسخ الإيمان بالنصر والقوة في نفوس هؤلاء المرضى في دينهم وموسى – السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عليه – كان يصوم هذا اليوم بحمد الله تعالى بنعمته وعظمته، كما صام أهل الكتاب هذا اليوم أيضًا، وصام قريش قبل الإسلام أيضًا، لكنهم أخذوا لحظة لتجديد الخيام من الكعبة وكأن الشرائع تتبع صيام هذا اليوم، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصوم قبل شهر رمضان.

سبب تسمية يوم عاشوراء بهذا الاسم

قد ذكرت القواميس اللغوية أن سبب تسمية يوم عاشوراء بهذا الاسم هو أن عاشوراء يشير إلى اليوم العاشر من شهر محرم لليهود، وقال الإمام الحافظ بن حجر: “عاشوراء مد على المشهور، وروى القصر، وزعم ابن دريد أنه اسم إسلامي، ولم يكن معروفًا في الجاهلية”، وإذا تصفحت قواميس اللغة العربية؛ سوف تجد أن عاشوراء مأخوذ من “عشوراء” بحذف الألف بعد العين أي اليوم العاشر أو اليوم العاشر اتفق العلماء على أن المراد بعاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم، وهذا الشهر معروف بهلاله إذا كانت العلوم الفلكية ومن معهم من علماء الفتوى قادرين على رؤية هلال محرم؛ يحسب بعد تسعة أيام من رؤية الهلال واليوم العاشر هو عاشوراء.

اقرأ أيضًا: صيام عاشوراء متى يكون

سبب صيام يوم عاشوراء

إن سبب صيام عاشوراء ما كان يفعله بنو إسرائيل وكان سيدنا موسى – عليه السلام – ومن معه من بني إسرائيل يصومون في هذا اليوم، وهذا اليوم يحمل لهم ذكرى سعيدة؛ إنه اليوم الذي أنقذ فيه الرب – تبارك وتعالى – سيدنا موسى من فرعون وجيشه، بعد أن ألهمه أن يضرب البحر بقضيبه؛ انشقاق كل فرقة كانت مثل التل العظيم، وغرق الفرعون ومن معه، كما أنها تحمل ذكرى أخرى أثرت في التاريخ الإسلامي وهي مقتل سيدنا الحسين – رضي الله عنهما في غزوة كربلاء.[2]

صيام يوم عاشوراء في الجاهلية

كانت قريش تحتفل بيوم عاشوراء وتكرر وتستر الكعبة المشرفة، وقد برروا سبب صيام عاشوراء في العصر الجاهلي أن قريش ارتكب إثمًا في عصر الجاهلية، فصار الأمر خطيرًا في قلوبهم، وأرادوا التكفير عن ذنبهم فقرروا صيام يوم عاشوراء فساموه الحمد لله على رفع الذنب عنهم، مما يجدر ذكره أن قريشًا كانت تصوم عاشوراء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: “كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُه”.

ويذكر أهل الأخبار أن قريش كانت تصوم يوم عاشوراء في هذا اليوم كانوا يحتفلون ويأكلون ويغطون الكعبة المشرفة، وقد برروا ذلك بارتكاب قريش إثمًا في عصر الجاهلية، فثقلت قلوبهم وأرادوا التكفير عن ذنبهم، قرروا أن يصوموا يوم عاشوراء، فقاموا بصيامه شاكرين الله على إزالة الذنب عنهم، ولما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وجدهم – اليهود – يصومون يوم عاشوراء، فقالوا: هذان هما؛ كان يوم أنقذ الله موسى وأغرق آل فرعون، فصام موسى الحمد لله، فقال: أستحق موسى أكثر منهم، فصامه وأمر بصيامه، وأصر على يوم عاشوراء الذي أرسل يوم عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أفطر فليصوم بقية يومه.[3]

صيام تاسوعاء وعاشوراء إسلام ويب

ورد فضل صيام تاسوعاء وعاشوراء في السنة النبوية الشريفة، فعن الربيع بنت عفراء -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أَرْسَلَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلى قُرَى الأنْصَارِ، الَّتي حَوْلَ المَدِينَةِ: مَن كانَ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَن كانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ فَكُنَّا، بَعْدَ ذلكَ نَصُومُهُ، وَنُصَوِّمُ صبيانا الصِّغَارَ منهمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَذْهَبُ إلى المَسْجِدِ، فَنَجْعَلُ لهمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ علَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إيَّاهُ عِنْدَ الإفْطَارِ).

والحكمة التي لا غنى عنها في صيام التسعة مع عاشوراء تكمن في عدة جوانب ذكرها العلماء، ونشأها الإمام النووي – رحمه الله – وإيضاحها على النحو التالي:

  • الحرص على صيام يوم تاسوعاء من أسباب ارتباط يوم عاشوراء بالصيام، مثل يوم الجمعة، عند النهي عن الصيام.
  • الحذر من صيام يوم عاشوراء وتجنب الوقوع في خطأ الرقم الناتج عن غياب الهلال مما يجعل موعد يوم عاشوراء غير واضح.
  • التناقض في صيام أيام التسعة وعاشوراء مع اقتراب غير المسلمين من حصرهم في صيام عاشوراء.

اقرأ أيضًا: هل يجوز صيام عاشوراء بنية قضاء رمضان

استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء معًا

روى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

مراتب صيام يوم عاشوراء

لصيام يوم عاشوراء الكثير من الأجر والبركات، ولعل أهمها أنه يكفر عن كل ذنوب السنة التي سبقت صيامه، وأنه منذ عام عاشوراء هو صيام الجميع. ابتداءً من شهر محرم، بقصد المسلمين أن يوضحوا لليهود أنهم لا يصومون إلا يوم عاشوراء، والذي يقسم صيام عاشوراء إلى ثلاث درجات، وتتراوح من الأكثر فائدة إلى الأقل كما يلي:

  • المرتبة الأولى: أن يصوم المسلم يوم عاشوراء وما قبله، وهذا أفضل المسلم.
  • المرتبة الثانية: أن يصوم المسلم يوم التاسع من عاشوراء، وهو ما قصده الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: “لئِنْ بَقِيتُ إلى قَابِلٍ لأصومنَّ التَّاسِعَ”.
  • المرتبة الثالثة: يجب على المسلم أن يصوم يوم عاشوراء فقط، لكنه فقد بعض الأجر، لكن الصيام وحده في عاشوراء له أجر عظيم بإذن الله.

بينا في هذا المقال حكم صيام تاسوعاء فقط وتبين أنه من الأفضل صيام يوم عاشوراء ويسبقه يوم تاسوعاء؛ لما ورد على ذلك العديد من الأحاديث في السنة النبوية الشريفة والتي تدل على فضله، ويُستحب للعبد المسلم أن يصلي يومي تاسوعاء وعاشوراء معًا.

المراجع

  1. ^ ابن القيم (1415ه - 1994م)، زاد المعاد في هدي خير العباد (الطبعة السابعة والعشرون)، الكويت: مكتبة المنار الإسلامية، صفحة 72، جزء 2. بتصرّف , 16-08-2021
  2. ^ وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 219، جزء 29. بتصرّف , 16-08-2021
  3. ^ عبيد الله المباركفوري (1404ه - 1984م)، مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (الطبعة الثالثة)، بنارس - الهند: إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء، صفحة 48، جزء 7. بتصرّف , 16-08-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *