من الامثلة على التدرج في التشريع مراحل تحريم الخمر

من الامثلة على التدرج في التشريع مراحل تحريم الخمر

من الامثلة على التدرج في التشريع مراحل تحريم الخمر ، ومن حِكَم التدرُّج في التشريع التيسيرُ على البشر، وقد راعى الإسلام سنةَ التدرج فيما شرعه للناس إيجابًا أو تحريمًا، فحينما فرض العبادات فرضها بتدريجٍ، وعند تحريمِ المحرَّمات كان كذلك بتدريج، ومن ذلك التدرج في تحريم الخمر فقد انتشرت بين العرب في الجاهلية عاداتٌ ذميمة، ومنكرات معيبة، صبغت حياتهم صبغةً جاهليّة، وأوردتهم مسالك الغيّ والضلال، ومن بين تلك العادات: عادة شرب الخمر، وجاءت الشريعة الإسلامية لتنهى عن تلك العادة وتحرمها تحريماً قاطعاً، فالخمر أم الخبائث، وكبيرة من الكبائر، وسببٌ لتغييب العقل الذي هو نعمةٌ من نعم الله على الإنسان.

من الامثلة على التدرج في التشريع مراحل تحريم الخمر

من الامثلة على التدرج في التشريع مراحل تحريم الخمر، فقد تدرّجت الشريعة الإسلامية في تحريم الخمر، فلم تنزل آيةٌ من آيات الله تعالى في تحريمه مرةً واحدة، بل مر تحريم الخمر بثلاث مراحل، وفي ذلك حكمة بالغة للشرع الحكيم، حيث يكون للتدرج وقع في النفس الإنسانية التي قد تجد صعوبة في ترك أمر اعتادته سنين طويلة، وهذه المراحل هي:[1]

مرحلة تأثيم من يشرب الخمر

جاء في المرحلة الأولى لتحريم الخَمْر بيانُ الله عزّ وجلّ في مُحكم آياته بأنّ شُرب الخَمْر إثم كبير، ولم يُصرّح الله تعالى بالتحريم المباشر لشُرب الخَمْر الذي اعتاده النّاس، وكان صعباً فراقهم لها والانتهاء عن شربها؛ لكونها الملاذ والفخر لشاربها، فقال الله تعالى : “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ”.[2]

مرحلة النهي عن الصلاة عند شرب الخمر

كان الخطاب الرباني في هذه المرحلة روحيّاً يخاطب النفس المؤمنة الحريصة على رضا الله تعالى، فقد نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين أن يقربوا الصلاة وهم سكارى، وكان منادي رسول الله ينادي ألا يقرب الصلاة سكران، حيث حصل مرة أن صلى أحد المهاجرين بالناس فاختلطت عليه القراءة، فالخمر يتعارض مع حضور القلب، وخشوع النفس، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ”[3]، وعند نزول تلك الآيات ترك بعض المسلمين الخمر حرصاً على الصلاة، بينما بقي البعض يشربونها مع المشقة.

مرحلة تحريم شرب الخمر

جاء تحريم الَمْر في المرحلة الأخيرة، فأمر الله تعالى عباده بالتجلّي عمّا يُسفّه عقولهم، ويدفعهم لدنِيّة ذواتهم، وبغض بعضهم البعض، ويصدّهم عن عبادتهم، فما بُعث الإسلام إلّا لرفعتهم، حيث قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ”[4]، فانصاعت النّفوس والقلوب لخالقها بالامتثال والتسّليم لأمره.

شاهد أيضًا: ما هو حد شرب الخمر

عقوبة شارب الخمر

حرَّم الله سبحانه وتعالى الخمر في الإسلام للأسباب التي سبقَ ذكرها، فقد دلَّ على تحريم الخمر ما ورد في كتاب الله تعالى وفي سنة نبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”[4]، وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: “لا يزني الزَّاني حينَ يزني وَهوَ مؤمنٌ، ولا يشرَبُ الخمرَ حينَ يشرَبُ وَهوَ مؤمنٌ، ولا يسرقُ حينَ يسرقُ وَهوَ مؤمنٌ، ولا ينتَهبُ نُهبةً يرفعُ النَّاسُ إليْهِ فيها أبصارَهم حين ينتهِبُها وَهوَ مؤمنٌ. وعن سعيدٍ وأبي سلمةَ عن أبي هريرةَ عن النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ مثلَه إلا النُّهبةَ” [5]، وعن ابن عمرَ رضي الله عنهما أنَّ رسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عليهِ وسلَّم قال: “لعَنَ اللَّهُ الخَمرَ وشارِبَهَا وساقِيَهَا وبائِعَهَا ومُبتَاعهَا وعاصِرَهَا ومُعتَصِرَهَا وحامِلَهَا والمَحمُولَةَ إِليْهِ” [6]، أمَّا عقوبة شارب الخمر في الدنيا فهي الجلدُ، وعلى ذلك اتفق جميع الفقهاء والعلماء مستندين إلى الحديث الذي وردفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ “جلد في الخمرِ بالجريدِ والنعالِ. ثمَّ جلد أبو بكرٍ أربعين. فلما كان عمرُ، ودنا الناسُ من الريفِ والقرى، قال: ما ترون في جلدِ الخمرِ؟، فقال عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ: أرى أن تجعَلَها كأخفِّ الحدودِ، قال: فجلد عمرُ ثمانينَ”[7]، ووافق الصحابة فعل عمر رضي الله عنه ولم يخالفوه، وقد اختلف بعض الفقهاء في عدد الجلدات ولكنَّ معظم الفقهاء استندوا إلى هذا الحديث على أنَّ عقوبة شارب الخمر هي الحد وهو ثمانون جلدة اقتداءً بفعل سيدنا عمر رضي الله عنه.[8]

شاهد أيضًا: من العادات السيئة التي انتشرت بين العرب قبل

الحكمة من تحريم شرب الخمر

بعد توضيح حكم شرب الخمر في الإسلام، فقد يسأل المسلم عن الحكمة من تحريم شرب الخمر، ولماذا نهى الله ورسوله عنها، والخمر هي من الخبائث ومحرّمة تحريمًا تامًا في الإسلام بكثيرها وقليلها، ويأتي التحريم في الشريعة الإسلاميّة لحفظ النفس وصيانة الجسد، وليس من أجل العقوبة أو الحرمان، ومن هذا الباب فقد حُرمت الخمر لأنّها تغيّب عقل من يشربها، فتجعله يقوم بأفعالٍ تضرّ ببدنه وبروحه وبماله وبأولاده وبعرضه وبشرفه وبمجتمعه وبالناس من حوله أيضًا، إضافةً إلى ذلك فشرب الخمر يؤدي إلى إصابة الجسد بأمراضٍ كثيرة كالضغط وتشمّع الكبد والجنون والبَلَه، كما أنّ تغييب العقل بسبب شرب الخمر يُعطّل الإنسان عن عمله وعن عبادته، فتناول الإنسان للخمر هو جناية على عقله الذي كرّمه الله به وشرّفه على باقي المخلوقات، ولذلك كان تحريم الخمر شُربًا وتجارةً أو زراعةً، لصيانة الأبدان والعقول وحفظ الأعراض والأموال والأخلاق والنفوس من الهلاك.[9]

وهذكا نكون قد أجبنا على من الامثلة على التدرج في التشريع مراحل تحريم الخمر، وعرفنا ما هي عقوبة من يشرب الخمر من المسلمين، وأخيرًا عرفنا ما هي الحكمة من تحريم شرب الخمر في الإسلام.

المراجع

  1. ^ alukah.net , التدرج في تحريم الخمر , 24-04-2021
  2. ^ سورة البقرة , الآية 219
  3. ^ سورة النساء , الآية 43
  4. ^ سورة المائدة , الآية 90-91
  5. ^ صحيح البخاري ,  أبو هريرة،البخاري،2475،صحيح
  6. ^ إرواء الغليل , عبدالله بن عمر،الألباني، 2385،صحيح
  7. ^ صحيح مسلم , أنس بن مالك،مسلم،1706،صحيح
  8. ^ islamqa.info , عقوبة شارب الخمر ، وهل تصح منه الصلاة والصيام ؟ , 24-04-2021
  9. ^ al-eman.com , حكمة تحريم الخمر: , 24-04-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *