مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم وماذا كان موقف قريش منها

مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم

مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم مهمة عظيمة وجليلة، حيث أرسل الله تعالى رسوله الكريم محمد ﷺ رحمة للعالمين، ونورًا للضالين في ظلمات الكفر، وهداية للحائرين المتخبطين الباحثين عن الحق، وجعل رسالته خاتم الرسالات وأتمها فيجد بها كل إنسان ضالته الإيمانية والحياتية، ولا يشقى باتباعها مخلوق أبد الدهر حتى قيام الساعة.

مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم

إن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم الأساسية هي التبليغ والدعوة إلى الدين، كما اشتملت مهمة الرسول ﷺ ورسالته على جوانب عدة  أخرى منها:

  • أنه ﷺ جاء بدعوة الحق -وهي دعوة جميع الأنبياء والمرسلين- ألا التوحيد وعبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون﴾ [الأنبياء -25]، فهو ﷺ المبعوث لإخراج الناس من ظلام الكفر والشرك إلى نور الإيمان والتوحيد.
  • أنه ﷺ أرسل إلى الناس أجمعين -من الإنس والجن- وليس إلى قومه خاصة فرسالته عامة وليست خاصة، وكيف لا وهي خاتمة الرسالات!، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [سبأ -28].
  • أنه ﷺ جاء بالبشرى لمن أطاع الله تعالى بالجنة ونعيمها، وينذر من يكفر ويعصي بالنار والعذاب الأليم، قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيم﴾ [البقرة -119].
  • أنه ﷺ جاء لتزكية النفس وتعليم الناس خير أمور دينهم ودنياهم، وتخليصهم من سيء العادات الذي قد انتشر حينها، ويذر فيهم دستورًا ومنهجًا يضمن لهم اتباعه الفلاح في الدنيا والآخرة ألا وهو القرآن الكريم وهدي السنة النبوية الشريفة، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [الجمعة :2].
  • أنه ﷺ جاء لإتمام مكارم الأخلاق وتهذيب النفوس وتخلصيها من ضلالها وظلماتها وما قد يصيبها من أدناس، ونشر الصفات الحميدة التي ترقى بالبشر أجمعين، قال ﷺ: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” [رواه أحمد في مسنده، والألباني في صحيحه].[1]

كم كان عمر النبي عندما بعث

بعث النبي ﷺ وكان عمره أربعين عامًا، حيث نزل عليه ﷺ الوحي في شهر رمضان في غار حراء، ومكث بعدها في مكة ثلاثة عشر عامًا ما بين الدعوة إلى الله سرًا وجهرًا، ثم هاجر إلى المدينة المنورة وبقي بها عشرة سنوات إلى أن أذن الله تعالى بانتقاله إلى الرفيق الأعلى.

حال قريش عند بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم

قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ساد الفساد في حياة العرب و عقائدهم، فعلى الجانب الديني، تعددت الأديان في شبه الجزيرة العربية، وانتشرت عبادة الأصنام والأوثان، وعلى الجانب الاجتماعي، اشتدت النزعة القبلية العصبية، وازدادت المنازعات بين القبائل، وطغى الظلم والطبقية حتى على مستوى القبيلة الواحدة، كما ظهرت العديد من العادات السيئة كوأد البنات، والتعامل بالربا وغيرها. لذا أرسل الله تعالى نبيه ﷺ ليصلح ما طرأ فيهم فساد للفطرة وينشلهم من ضلالهم، فدعاهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، ووجههم إلى دين فيه المساواة بين الخلق دون التمييز بينهم تبعًا للون أو جنس أو قبيلة وإنما بتقوى القلوب وحدها، وحثهم على التخلي عن العصبية والجاهلية والظلم ليحيوا حياة سوية قويمة.[2]

شاهد أيضًا: كم كان عمر النبي عندما بعث .. والمهمة التي بعث من أجلها الرسول

موقف قريش من بعثة الرسول

على الرغم من علم قريش بأخلاق النبي ﷺ وصلاحه، وتلقيبهم إياه بالصادق الأمين، إلا أنهم واجهوا دعوته بالرفض والعناد والكفر، ولم يؤمن مع النبي ﷺ في بادئ الأمر إلا قلة من المستضعفين الذين وجدوا في الإسلام النجاة والإنصاف مما يواجهون من ظلم وإجحاف سادات قريش، كما آمن معه ﷺ نفر ممن صلحت قلوبهم واستنارت بصيرتهم فعرفوا الحق حقًا حين دعا إليه الرسول ﷺ وسارعوا إلى الاستجابة لدعوته.

ولما ظهر الإسلام في قريش وبدأ في الانتشار خاف كبار معاندي قريش وساداتها من الكفار على سلطتهم ونفوذهم فأخذوا يؤذون المسلمين بصورة عامة، والمستضعفين منهم بصورة خاصة، ويلحقون بهم أشد أنواع العذاب ليردوهم عن دينهم، إلا أنهم -رضوان الله عليهم جميعًا- صبروا وصمدوا ولم يحيدوا عن الحق بعد أن هداهم الله إليه رغم ما لاقوه من ويلات العذاب والتنكيل.

ولم يكن النبي ﷺ مستثنىً من إيذاء قريش فنالهم منهم ما ناله من إيذاء بالقول والفعل، حتى إذا رأى ﷺ ما نال أصحابه من قريش، وضاقت بهم مكة أشار عليهم بالهجرة الأولى في الإسلام وهي الهجرة إلى بلاد الحبشة حيث أن بها ملكًا عادلًا لا يظلم عنده أحدًا، فهاجر نفرًا من المسلمين فرارًا بدينهم، وكانت هذه الهجرة في السنة الخامسة من البعثة.[3]

معنى أن الله أظهر دين الاسلام وأعز نبيه

وعد الله تعالى نبيه الكريم ﷺ بإظهار الإسلام ونصرته، وعمومه ربوع الأرض، وقد ذكر النبي ﷺ هذه البشارة في قوله: ” ليَبْلُغن هذا الأمر ما بلغ اللَّيل والنَّهار، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا أدخله اللهُ هذا الدِّين، بِعِزِّ عَزِيزٍ أو بِذُلِّ ذَليلٍ، عِزًّا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلًّا يُذِلُّ الله به الكفر” [رواه أحمد والطبراني والحاكم].

وقد بدأت أمارات هذه البشارة في موسم من مواسم الحج حيث كان النبي ﷺ يعرض نفسه على قبائل العرب القادمة من كل صوب يدعوهم إلى الإسلام، فساق الله تعالى إليه نفر من الخزرج يستمعون إليه منقادين بنور الإيمان، قال أبو نعيم -رحمه الله- في كتابه “الدلائل” عن ذلك:

” فقال لهم: «مَنْ أَنْتُمْ»؟ قالوا: نفرٌ من الخزرج، قال: «أَمِنْ مَوالِي اليَهود»؟! قالوا: نعم. قال: «أَفَلَا تَجْلِسُونَ إِليَّ أُكَلِّمُكُمْ»؟! قالوا: بلى، فجلسوا إليه، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن، وكان من أسباب مسارعتهم إلى قبول دعوة الإسلام أن يهودَ كانوا يساكنونهم في المدينة، وكانوا أهل كتابٍ وعلمٍ، وكانوا أهل شِركٍ وأصحاب أوثان، وكانت تقع بين اليهود وبين الأوس والخزرج وقائع وحروب، وكانت الغلبةُ للعرب، فكان إذا وقع شيءٌ منها قالوا لهم: “إِن نبيًّا مبعوثًا الآن قد أظلَّ زمانَه سنتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم”، فلما كلَّم رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أولئك النَّفر، ودعاهم إلى الله تهامَسوا وقال بعضهم لبعض: “تعلمون والله إنه النبي الذي توعَّدكم به يهود، فلا يَسْبِقُنَّكُم إليه”.

وبالفعل رجعوا إلى قومهم ينبئونهم عن الإسلام ليبدأ عصر جديد في نصرة الإسلام انطلاقًا من المدينة المنورة إلى سائر العالم وتتحقق بشارة النبي ﷺ.

أهم أعمال الرسول بعد البعثة

بدأ النبي ﷺ بعد بعثته بتبليغ رسالة الله تعالي إلى الناس، والدعوة إلى التوحيد وعدم الشرك بالله، وأرسى تعاليم الإسلام وتشريعاته من حقوق وواجبات لجميع فئات الناس دون تفرقة بينهم، فقد قام ﷺ بالعديد من الأمور منها:

  • إنهاء العصبية القبلية التي كانت منتشرة بين العرب، والمناصرة على أساس الحق فقط، وظهر ذلك جليًا في إنهائه ﷺ العصبية والنزاع بين الأوس والخزرج، وألف بالإسلام بين قلوبهم قال تعالى: ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم﴾ [الأنفال -63].
  • توحيد الأمة جميعها تحت راية واحدة وهي راية الإسلام بعد أن كانوا قبائل متفرقة متناثرة، مما أكسبهم قوة على المستوى الاقتصادي والديني والاجتماعي، ويظهر ذلك في مؤاخاته ﷺ بين المهاجرين والأنصار.
  • خلص المجتمع من العادات السيئة ودعا إلى مكارم الأخلاق.
  • بني النبي ﷺ اقتصادًا إسلاميًا قويًا يقوم على الأسس الإسلامية في المعاملات بين الناس، ويظهر ذلك بداية من إقامة السوق الإسلامي غرب المسجد النبوي الشريف بالمدينة.
  • أسس قوة عسكرية قوية، وجيشًا شامخًا لحماية المسلمين ونصرة الإسلام، وأذن بالجهاد وأرسى له مبادئ وتعاليم، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِين﴾ [البقرة -190]، وقال: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِين﴾ [البقرة -194].

وهكذا تمت مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم ورسالته للعالمين ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾، تاركًا لنا – ﷺ- ما إن تمسكنا به لا نضل بعده أبدًا في الدنيا، باقيًا لنا شفيعًا في الآخرة، فاللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا المختار وعلى آله وصحبه ومن ولاه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *