هل يهتز عرش الرحمن عند بكاء العبد

هل يهتز عرش الرحمن عند بكاء العبد؟ هو ما سوف نتحدّث عنه ونجيب عليه في مقالنا التالي، فعل فعلاً يهتز عرش الرحمن لأحد من الخلق، أم أن الأمر محض كلام ليس له دليل من الصحة ولا يوجد أحاديث تثبته، وهلا فعلاً يهتز عرش الرحمن إذا ظلم العبد اليتم من عباد الله تعالى؟

ما المقصود بعرش الرحمن؟

العرش في اللغة: هو الكُرسي، والكرسي العظيم، وكرسي المُلك الذي لا يعرف سعته وعظمته ومكوناته سوى الله تعالى، كرسي عظيم وهو أعظم مخلوقات الله تعالى، له قوائم، وله حَمَلة من الملائكة يحملونه، والله تعالى فوق العرش، فالعرش: كرسي عظيم، ومخلوق عظيم، لا يعلم عن مدى عظمته وسعته إلا الله تعالى، وهو شبيه بالقبة على العال، بل هو سقف العالم كلّه، وهو سقف الجنة أيضا، فهو سقف كل العالم، ولكن ليس فوقه شيء سوى الله تعالى، وكراسي الملوك يُقال لها عروش، ولكن عرش الله تعالى لا يشبهه عرش أحد من مخلوقاته أبدًا.[1]

شاهد أيضًا: معنى استوى في قوله تعالى ثم استوى على العرش

هل يهتز عرش الرحمن عند بكاء العبد

عرش الرحمن لا يهتز لبكاء أحد من العباد، ولا يجوز نقل هذا الكلام أبدًا لأنها من الأمور التي لا مجال للاجتهاد فيها، ولا يوجد حديث بهذا المعنى أي أن عرش الرحمن يهتز عند بكاء أحد من العباد، ولكن ورد في الأحاديث الضعيفة والموضوعة أن عرش الرحمن يهتز عند بكاء اليتيم، وهو من الأحاديث الموضوعة التي لا يجوز تداولها بأي حال من الأحوال، ونص الحديث عن عمر بن الخطاب  قال: (إنَّ اليتيمَ إذا بَكَى ؛ اهتزَّ عرشُ الرَّحمنِ لبكائِه ، فيقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لملائِكتِه : من أَبكى عبدي وأنا قبضتُ أباهُ وواريتُه في التُّرابِ ؟ ! فيقولونَ ربُّنا لا عِلم لنا فيقولُ الرَّبُّ تعالى اشهَدوا لَمن أرضاهُ أُرضيهِ يومَ القيامةِ)[2]، والحديث وارد عن اثنين من الصحابة ولكنه بإسناد ضعيف جدًا، قال الألباني: “متن الحديث ضعيف جدًا، ولا يؤخذ به أبدًا، وقال ابن عراق: ” في سنده مَن لم أقف لهم على ترجمة”، وقال عنه ابن أبي الدنيا: “هذا الحديث من طريق درست بن زياد، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب من كلامه، ولكن درست قال فيه أنه حديث واهي واتفق العلماء على ضعفه”.[3]

شاهد أيضًا:

متى اهتز عرش الرحمن؟

لقد اهتز عرش الرحمن عند موت الصحابيّ الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه، وقد ذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث، ومنها حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ)[4]، ومناقب سعد بن معاذ لا تحصى، فهو: السيد الكبير، والشهيد، وأحد السابقين، وله الكثير من المناقب في كتاب الصحاح والسّير، وقد أسلم سعد بن معاذ على يد مصعب بن عمير، فلما أسلم، قال لقومه: “إن كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام، حتى تؤمنوا بالله ورسوله، فأسلموا جميعهم”، وكان على رأس المستقبلين للنبي صلى الله عليه وسلم عند قدومه إلى المدينة، وشهد معركة بدر وغير الكثير من المعارك مع المسلمين، وقد أصيب يوم الأحزاب بسهم قطع كاحله، ولكنه تمنى من ربه أن لا يُميته حتى يحكم يهود بني قريظة، وكان له ذلك، فقد حكم بني يهود بني قريظة حكم العادل، وتوفي رضي الله عنه في السنة الخامسة من الهجرة، وكان عمره حينها 37 عامًا، ودُفن في البقيع.[5]

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي اهتز عرش الرحمن لموته

في الختام تعرفنا على هل يهتز عرش الرحمن عند بكاء العبد فإن عرش الرحمن لا يهتز لبكاء أحد أبدًا، وما ورد عن اهتزاز العرش عند بكاء اليتيم ما هو إلا من الأحاديث الموضوعة والمكذوبة التي لا يؤخذ به أبدًا، وقد اهتز عرش الرحمن عند موت معاذ بن سعد كما ورد في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.