كيف توزع الاضحية على مستحقيها

كيف توزع الاضحية على مستحقيها

كيف توزع الاضحية على مستحقيها سؤال من الأسئلة التي تكثر بين المسلمين قبل عيد الأضحى المبارك، فهو العيد الذي يضحِّي فيه الناس تقرُّبًا من الله سبحانه وتعالى، والأضحية في اللغة هي اسم يُطلق على ما يُضحَّى به، وهي ما يُذبح في عيد الأضحى من الأنعام، أمَّا في الإسلام فهي ما يتمُّ ذبحه والتضحية به في يوم النحر وأيام التشريق في سبيل التقرب من الله تعالى، وفيما يأتي من هذا المقال ستتمُّ الإجابة عن السؤال القائل: كيف توزع الاضحية على مستحقيها.[1]

مشروعية الأضحية

قبل الإجابة عن السؤال: كيف توزع الاضحية على مستحقيها، لا بدَّ من الحديث عن حكم أو مشروعية الأضحية في الإسلام، وفي هذه المسألة ذهب أهل العلم إلى رأيين اثنين، الرأي الأول أنَّ الأضحية واجبة على كلِّ مسلم، وإلى هذا القول ذهب أبو حنيفة وابن تيمية، وهو أحد قولي الإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل، واستدلَّ أصحاب هذا الرأي بقول الله تعالى في سورة الكوثر: “فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ”[2] واستدلُّوا أيضًا بما جاء عن جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- حيث قال: “صَلَّى النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ النَّحْرِ، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ، فَقالَ: مَن ذَبَحَ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ، فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، ومَن لَمْ يَذْبَحْ، فَلْيَذْبَحْ باسْمِ اللَّهِ”[3] أمَّا الرأي الثاني فهو أنَّ الأضحية سنّة مؤكدة، وهذا ما قال به جمهور أهل العلم، وبه قال الشافعي وإليه مال الإمام أحمد والإمام مالك أيضًا، واستدلَّ أصحاب هذا الرأي بما جاء عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- في قوله: “صلَّيتُ مع رسولِ اللهِ عيدَ الأضحَى، فلمَّا انصرف أتى بكبشٍ فذبَحهُ، فقال: بسمِ اللهِ واللهُ أكبرُ، اللَّهمَّ هذا عنِّي وعمَّن لم يُضحِّ مِن أُمَّتي”[4] والله تعالى أعلم.[5]

اقرأ أيضًا: على من تجب الاضحية

كيف توزع الاضحية

في كيفية توزيع الأضحية ذهب أتباع المذهب الحنفي والمذهب الحنبلي إلى أنَّ الأضحية تُقسَّم ثلاثة أقسام، فثُلثٌ للبيت وثُلث للصديق والثلث الأخير للفقراء، جاء عن الإمام أحمد بن حنبل أنَّه قال: “نحن نذهب إلى حديث عبد الله: يأكل هو الثلث، ويطعم من أراد الثلث، ويتصدَّق على المساكين بالثلث…”،واستدلَّ أصحاب هذا القول بحديث حسن ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنَّه قال: “ويُطْعِمُ أهْلَ بَيتِه الثُّلثَ، ويُطْعِمُ فُقراءَ جِيرانِه الثُّلثَ، ويتصدَّقُ على السُّؤَّالِ بالثُّلثِ، تعني الأُضحيَّةَ”،[6] وذهب أتباع المذهب الشافعي إلى أنَّه يُفضَّل أن يتم التصدق بجميع الأضحية وترك شيء يسير، ويرى المالكية أنَّه لا تحديد في حجم ما يأكل المضحي وما يتصدَّق من الأضحية، فيحل له أن يأكل منها ما يشاء وأن يضحِّي بما يشاء، واستدلَّ المالكية في هذا القول بما جاء عن ثوبان مولى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: “ذَبَحَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قالَ: يا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هذِه، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ منها حتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ”،[7] ولعلَّ ما ذكره المالكية من عدم تحديد ما يُؤكل وما يُضحَّى به الأقرب والأصح، فمسألة تقسيم الأضحية مسألة واسعة، فمن شاء تثليثها فلا ضير ومن شاء قسمها نصفين، ولا بدَّ من القول أنَّ المُستحب في الإسلام أن يجمع المضحي بين الأكل والصدقة والهدية بحسب قدرته واستطاعته، والله تعالى أعلم.[8]

اقرأ أيضًا: هل قص الشعر يبطل الاضحية

حكم الأكل من الأضحية

بعد الإجابة عن سؤال كيف توزع الاضحية على مستحقيها، لا بدَّ من المرور على مسألة حكم الأكل من الأضحية، وفي هذه القضية ذهب أهل العلم إلى أنَّ الأكل من الأضحية مستحب وليس بواجب، وهذا مذهب الأئمة الأربعة، بينما ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الأكل منها، واستدلَّ العلماء في هذه الآراء بظاهر النصوص الشرعية التي تحثُّ المسلمين على الأكل من الأضاحي، قال تعالى في القرآن الكريم: “فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”،[9] وجاء عن الإمام النووي أنَّه قال في مسألة الأكل من الأضحية: “وَأَمَّا الْأَكْل مِنْهَا فَيُسْتَحَبّ وَلَا يَجِب، هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْض السَّلَف أَنَّهُ أَوْجَبَ الْأَكْل مِنْهَا لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث فِي الْأَمْر بِالْأَكْلِ…”، ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَّه لو أكل الإنسان الأضحية كاملة ولم يتصدَّق بشيءٍ منها، فعليه أن يشتري شيئًا من اللحم مهما كان حجمه ويتصدَّق بهذا اللحم على الفقراء تعويضًا منه عن الأضحية، والله تعالى أعلم.[10]

وهكذا وفي ختام مقالنا نكون قد عرضنا أبرز ما ورد في كيفية توزيع الأضحية، وأبرز آراء أهل العلم في هذه المسألة الفقهية، كما فصَّلنا في مشروعية الأضحية وحكم الأكل منها أيضًا.

المراجع

  1. ^ dorar.net , ذَبحُ الأضْحِيَّةِ , 28-07-2020
  2. ^ الكوثر , الآية 2
  3. ^ صحيح البخاري , البخاري، جندب بن عبد الله، 985، حديث صحيح
  4. ^ شرح الطحاوية , الألباني، جابر بن عبد الله، 456، حديث صحيح بشواهده
  5. ^ ar.islamway.net , أحكام الأضحية في الإسلام , 28-07-2020
  6. ^ كشاف القناع , أبو موسى المديني، عبد الله بن عباس،3/22،حديث حسن
  7. ^ صحيح مسلم , مسلم، ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، 1975، حديث صحيح
  8. ^ www.saaid.net , كيفية توزيع الأضحية , 28-07-2020
  9. ^ الحج , الآية 36
  10. ^ islamqa.info , حكم أكل جميع الأضحية أو التصدق بجميعها , 28-07-2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *