اين تقع القسطنطينية واهم المعلومات عنها

اين تقع القسطنطينية ؟ هذه المدينة التي يعود تاريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد . والتي كانت في ما مضى قرية للصيادين. إلى أن أصبحت عاصمة الإمبراطورية الرومانية، حيث كانت تعرف باسم بيزنطة من عام 395 م وحتى عام1453 م . في الوقت الذي كانت فيه  أعظم وأغنى وأكبر مدن العالم كما وكانت حاضنة البطريركية المسكونية المسيحية للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية.

اين تقع القسطنطينية

تقع القسطنطينية عند التقاء كل من قارتي آسيا وأوروبا وتحديداً على مضيق البوسفور في تركيا . كما وهي عبارة عن شبه جزيرة، ويحدها من الغرب إقليم مرمرة، ومن الشرق مضيق البوسفور، ومن الشمال القرن الذهبي ، ومن الغرب القارة الأوروبية.

اقرأ أيضاً: اين تقع جزر سليمان

تسميات القسطنطينية

تقع القسطنطينية في موقع استراتيجي فريد قلّ نظيره في مدن العالم ،حيث تربط قارتين،  ويعود تأسيسها لعام 658 قبل الميلاد. كانت تعرف باسم هالكيدون (خلقيدونيا) . أول من سكنها الصيادون اليونان الذين أسموها بيزنطيوم (بيزنطة) نسبة لقائدهم. أما في عهد الامبراطور قسطنطين الذي أعاد توحيد الإمبراطورية الرومانية عام 324 م ، فقد جعلها عاصمته، ولقبها بنوفا روما التي تعني (روما الجديدة) . وسماها الناس على اسمه القسطنطينية. وبقيت تحمل هذا الاسم حتى فتحها العثمانيون على يد محمد الفاتح الذين حولوا اسمها إلى إسلامبول. والتي تعني تخت الإسلام أو (امتداد الإسلام ) و الأستانة. وهي تعرف اليوم باسم إسطنبول الاسم الذي أطلقه عليها الرئيس التركي مصطفى كمال أتاتورك .

نبذة تاريخية عن القسطنطينية

ظن الامبراطور دقليانس الذي حكم الإمبراطورية الرومانية من عام 284 م وحتى 305 م ، أن امبراطوريته تقع على مساحات شاسعة . كانت أكبر من أن يحكمها شخص واحد. فعمد إلى تقسيمها إلى نظام رباعي أي (حكم من أربعة) مع إمبراطور ( أغسطس ) وإمبراطور مشارك ( قيصر ) في كل مناطقها في الشرق والغرب. فاختار دقلديانس حكم المناطق الشرقية. وجعل قسطنطين على السلطة في المناطق الغربية. الذي  استطاع أن يهزم الحاكم الطموح منافسه ماكسينتيوس على السلطة في معركة جسر ميلفيان. وأصبح هو الإمبراطور الوحيد للغرب. وكان ذلك في عام 312 م. كما هزم لوسينيوس  في الشرق عام 313 م في معركة شريسوبوليس ، وبذلك أعاد توحيد الإمبراطورية. فعلى الرغم من أنه كان لنيقوميديا كل مقومات العاصمة ، لكنها كانت عاصمة أسلافه ، فأراد شيئاً جديداً له. في الوقت الذي أراد أن تكون عاصمته في موقع طروادة القديمة ، إلا أنه قرر أخيراً بناء مدينته الجديدة في موقع بيزنطة القديمة. ولقبّها روما الجديدة (نوفا روما) .

مزايا موقع بناء القسطنطينة

تقع القسطنطينية في موقع تميز بالعديد من المزايا التي جعلت الامبراطور يختارها لتكون عاصمة امبراطوريته فيها . والتي نوجزها فيما يلي:

• لأنها تقع قريبة من المركز الجغرافي للإمبراطورية.
• نظراً لأنها شبه جزيرة و محاطة من أغلب جهاتها بالمياه، فيمكن الدفاع عنها بسهولة.
• فيها ميناء ممتاز- بفضل القرن الذهبي –
• سهولة الوصول عبرها إلى منطقة نهر الدانوب وحدود الفرات.
• بفضل تمويل خزانة Lucinius وفرض ضريبة خاصة ، بدأ مشروع إعادة بناء ضخم للمدينة . وسرعان ما أصبحت القسطنطينية المركز الاقتصادي والثقافي للشرق، ومركزاً لكل من الكلاسيكيات والفلسفة اليونانية والمثل العليا المسيحية.

خصائص القسطنطينية

على الرغم من أنه تقع القسطنطينية على أنقاض المدينة القديمة بيزنطة إلا أن قسطنطين احتفظ ببعض بقايا المدينة  كالاكروبوليس القديم . في حين أنه بنى روما الجديدة بحجم أربعة أضعاف حجم بيزنطة. كما وتم تقسيمها إلى أربعة عشر مقاطعة.  وجعل فيها الخصائص التالية :

• كانت القسطنطينية تتميز بطرقها الواسعة، والتي تصطف على جانبيها تماثيل الأباطرة كالإسكندر الأكبر ، وقيصر ، وأغسطس ، ودقلديانوس ، وبالطبع قسطنطين وهو يرتدي زي أبولو . مع صولجان في يده يمسك بالكرة الأرضية في اليد الأخرى.
• تقع القسطنطينية على سبعة تلال تماماً مثل روما القديمة.
• كانت المدينة تتمركز في شارعين فيهما أعمدة يعود تاريخهما إلى سبتيموس سيفيروس. كما ويتقاطعان بالقرب من حمامات زيوكسيبوس وتستراتون بقوس رباعي الاتجاهات.
• إلى الشمال من القوس ، كانت البازيليكا القديمة التي حولها قسطنطين إلى ساحة مربعة ، محاطة بالعديد من الأروقة ، وتضم مكتبة ومزارين.
• في الجنوب أقام القصر الامبراطوري الجديد والذي يتميز بمدخله الضخم.
• ساحة المدينة التي كان يفاخر أهلها بها كانت قاعة كبيرة للاجتماعات. كما كانت بمثابة سوق كبير، حيث تجري فيها الصفقات التجارية . كما وكانت محكمة القانون المدني  والعسكري .
• تم تحويل السيرك القديم إلى نصب تذكاري للنصر في دلفي .و يعرف بعمود الثعبان تخليداً لذكرى انتصار اليونان على الفرس في بلاتيافي عام 479 قبل الميلاد .
• تم توسيع ميدان سباق الخيل لتجري فيه سباقات العربات .
• اهتم قسطنطين بتوفير ما يكفي من الماء لمواطنيه. وذلك لما عانته روما الجديدة لفترات من الجفاف الشديد . في فصل الصيف وأوائل الخريف ومن الأمطار الغزيرة في الشتاء. لذلك شق القنوات لجلب المياه إلى المدينة، ولحل مشكلة تخزين المياه قام عام 330 م بإنشاء خزان Binbirderek الشهير والذي لا يزال موجوداً إلى اليوم.

موقع القسطنطينية بعد الامبراطور قسطنطين

كانت تقع القسطنطينية لقرون بعد قسطنطين تحت حكم مجموعة من الأباطرة الضعفاء .حتى وصل القيصر جستنيان إلى الحكم من عام 527 م إلى 565 م ،حيث كانت الإمبراطورية تعاني انحطاطاً في كل الميادين. كما وتعاني من الفوضى وأعمال الشغب وقامت فيها ثورة نيقيا التي ذهب ضحيتها ثلاثين ألف شخص . دمرت خلالها أقسام كبيرة من المدينة كالقصر الجديد، وكنيسة آيا صوفيا ، وإيريني الجديدة . وبعد انتهاء الحرب قرر جوستنيان بداية نهضة جديدة للمنطقة ، و إعادة أمجاد الماضي. سرعان ما استعادت المدينة في عهده ألقها كمركز إشعاع فكري وحضاري لافت. كما أعاد ترميم كل الصروح والكنائس المهدمة ، وفي مقدمتها كنيسة آيا صوفيا.

جوستنيان وكنيسة آيا صوفيا

بالعودة إلى اين تقع  القسطنطينية،  نجد فيها العديد من الآثار والصروح الهامة التي يعود تأسيسها لعهد جوستنيان. الذي لم يكن يدخر أي نفقات في سبيل بناءها .كما هو الحال حين عزم على بناء الكنيسة الجديدة آيا صوفيا حيث قال : ” أريد أن أبني كنيسة لن يجرؤ أحد على تدميرها.” فأحضر الذهب من مصر ، والبرفير من أفسس ، والرخام الأبيض من اليونان ، والأحجار الكريمة من سوريا ومن شمال إفريقيا. كما ويذكر المؤرخ الروماني بروكوبيوس عن بنائها : ” إنه يرتفع إلى ارتفاع يتناسب مع السماء ، وكأنه يرتفع من مبانٍ أخرى يقف مرتفعاً وينظر إلى الأسفل على بقايا المدينة … إنه مبتهج بجمال لا يوصف “. في حين استغرق بناؤها أكثر من ست سنوات. كما وشارك في أعمال البناء أكثر من عشرة آلاف عامل . إلا أنه قيل بعد الانتهاء من بنائها أن جستنيان قال مقولته الخالدة والتي هي :  ” سليمان ، لقد تجاوزتك.”

اقرأ أيضاً: اين تقع البانيا

القسطنطينية والعثمانيين

كانت تقع القسطنطينية عبر تاريخها  في دائرة المطامع لاحتلالها والسيطرة عليها ، وفي عام 1452 م تمكن القائد لعثماني محمد الثاني من فتحها وذلك عبر معاهدات أجراها مع الإمارات المجاورة للقسطنطينية.كما مع كل من البندقية وجنوة والصليبيين من (فرسان القديس يوحنا ). بعد امتداد نفوذه في دول البلقان ، حيث كانت الامبراطورية تعاني من ترهل وضعف ، نتيجة إنهاكها في حروب مع الجوار وانتشار مرض الطاعون في أرجائها. فاستغل محمد الثاني هذه الظروف في محاصرة الامبراطور قسطنطين الحادي عشر وعزله . كما بنى قلعة أورملي على خليج البوسفور ونصب المدافع الملكية ، ومنع الإمدادات من الوصول إليها فقام الامبراطور بإرسال مبعوثين إلى محمد الثاني ليفاوضوه في شأن حصار المدينة فقطع رؤوسهم. وبعد 45 يوماً من الحصار دخل العثمانيون المدينة من بوابة رومانوس بعد أن دكوا أسوارها بالمدافع الملكية. وقتلوا الامبراطور قسطنطين الحادي عشر. وكان ذلك بتاريخ 29 أيار/ مايو من عام 1453 م . لينتهي عهد الدولة البيزنطية التي حكمت مدة 1100 سنة .

معلومات عن القسطنطينية إسطنبول المعاصرة

تقع  القسطنطينية اليوم في مدينة إسطنبول التركية حالياً، والتي مازالت تحتفظ بموقعها كواحدة من أهم مدن العالم . وفيما يلي نشير إلى بعض المعلومات عنها في القرن العشرين :

• كانت مدينة إسطنبول عاصمة العثمانيين في آسيا الصغرى . كما وكانت تعرف بالأستانة ، إلى أن قام الرئيس مصطفى كمال أتاتورك بنقل العاصمة منها إلى أنقرة.
• تعتبر إسطنبول أكبر مدن تركيا و ثاني أكبر مدينة في العالم ، بعد نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.
• كما وتعتبر من بين أكثر 10مدن في العالم اكتظاظاً بالكثافة السكانية.
• تحتضن إسطنبول ركيزة القطاعات الاقتصادية، والثقافية ،والمالية والاستثمارية والسياحية والتعليمية في تركيا.
• تم اختيار إسطنبول في عام 2010 م لتكون عاصمة الثقافة الآسيا أوربية المشتركة .
• بفضل موقعها التاريخي والحضاري تم تصنيفها على قائمة اليونسكو من ضمن مواقع حفظ التراث العالمي.

بذلك نكون قد عرضنا اين تقع القسطنطينية هذه الإمبراطورية التي حكمت العالم القديم والتي كان لأبنائها الأيادي البيضاء في نشر الفلسفة والفكر والإشعاع الحضاري والفكري في الأدب والفنون في أرجاء المعمورة. وشهدت ازدهاراً عمرانياً وثقافياً وعسكرياً ما زالت آثاره باقية تشهد على عظمة من أسسوها. لتكون اليوم إسطنبول حاضرة الماضي العريق والحاضر الزاخر بمظاهر التطوير والحداثة، وعلى قائمة المدن الأكثر زيارةً على مستوى العالم