حكم صيد حمام الحرم وحكم أكل أو إتلاف بيضه

حكم صيد حمام الحرم سنذكره بالتفصيل في هذا المقال، فمن المعلوم أنَّ المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى من أفضل المساجد على الإطلاق، وهي المساجد التي يُشرع السفر إليها للعبادة، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هذا، وَمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأقْصَى”،[1] وحيث أنَّ للحرم أحكامٌ تخصه،[2] سيتم تخصيص هذا المقال للحديث عن بعض أحكامه، وفيما يأتي ذلك:

حكم صيد حمام الحرم

إنَّ صيد حمام الحرم المكي لا يجوز ولا يحل، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ هذا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَومَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ، فَهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ، وإنَّه لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فيه لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لي إلَّا سَاعَةً مِن نَهَارٍ، فَهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ إلَّا مَن عَرَّفَهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا”،[3] ووجه الدلالة من هذا الحديث أنَّه إن كان يحرم على المسلم تنفير حمام الحرم فإنَّ قتله أيضًا يحرم عليه من بابٍ أولى، كذلك يحرُم على المسلم صيد حمام المسجد النبوي عند الإمام مالك والشافعي وأحمد، كما أنَّهم عدُّوه آثمًا.[4]

حكم أكل أو إتلاف بيض حمام الحرم

اختلف الفقهاء في جزاء من أكل أو أتلف بيض حمام الحرم، فذهب الإمام مالك إلى أنَّ فيه عُشر دية أمِّه، وذهب الشافعي إلى أنَّ من أتلف بيض حمام الحرم يلزمه قيمة ما أتلفه، ووجه الشاهد من ذلك أنَّ حكم أكل أو إتلاف بيض حمام الحرم يعدُّ حرامًا ويأثم من تعمَّد إتلافه؛ إذ أنَّ ترتيب العقوبة على الفعل في الإسلام دليلٌ قاطعٌ على حرمة هذا الفعل.[5]

حكم تنفير حمام الحرم للجلوس مكانها

يحرمُ على المسلم تنفير حمام الحرم للجلوس مكانها في الظِّل،[6] ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ”.[7]

حكم صيد البرِّ للمحرم

يحرُم على المحرم قتل صيد البر واصطياده، وهذا بإجماع الفقهاء ودليلهم في ذلك قول الله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}،[8] كما يحرم عليه الأكل منه؛ لأنَّ الشرع عدَّ صيد المحرم ميتة.[9]

كفارة صيد البرِّ للمحرم

إنَّ كفارة قتل صيد البرِّ للمحرم  إن كان أن يذبح مثل ما قتل ويتصدَّق به على المساكين، أو أن يشتري بقيمة ما قتل من الصيد طعامًا لهم، أو أن يصوم عن كلِّ مدٍ يومًا، ودليل ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ۗ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ۚ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ}،[10] هذا إن كان قتله من النعم، أمَّا إن قتل ما لايُشبه النعم فإنَّه يخيَّر بين الصيام والإطعام، وهذا هو مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.[11]

حكم صيد البحر للمحرم

أجاز الشرع الحنيف للمحرم أن يصطاد الحيوان البحري وأن يأكله،[12] ودليل ذلك قول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ}.[13]

حكم الصيد في الأشهر الحرم

إنَّ الصيد المباح في الأشهر الحرم جائزٌ في الشريعة الإسلامية، إلَّا أنَّها تمتاز عن غيرها من الأشهر بأنَّ المعصية فيها أشدُّ إثمًا، والطاعة فيها أكثر أجرًا؛ إذ أنَّ هذه الأشهر معظمة في الإسلام حيث قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}،[14] كما أنَّه كانت معظمة في شريعة إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-.[15]

حكم صيد حمام الحرم، مقال تحدث عن أحكام حمام الحرم من حيث صيده وتنفيره وأكل أو إتلاف بيضه، كما تمَّ الحديث عن أحكام الصيد للمحرم حيث تمَّ بيان ما يجوز وما لا يجوز له صيده، وأخيرًا تمَّ الحديث عن حكم الصيد في الأشهر الحرم ومكانة هذه الأشهر في الإسلام.