حكم من لم يقضي صيام رمضان

حكم من لم يقضي صيام رمضان

حكم من لم يقضي صيام رمضان، هو عنوان هذا المقال، ومن المعلوم أنَّ الإسلام أباح في حالاتٍ معينة للمسلم أن يُفطر في شهر رمضان، شريطة قضاء ما أفطر بعد انتهاء رمضان، فهل يجوز للمسلم التساهل في أمر القضاء؟ وما هي الحالات التي تُبيح له الإفطار؟ وما حكم تأخير قضاء رمضان إلى رمضان الذي يليه؟ كلُّ هذه الأسئلة سيتمُّ الإجابة عليها في هذا المقال، وفيما يأتي ذلك:

حكم من لم يقضي صيام رمضان

لا يجوز للمسلم ترك قضاء ما أفطره في نهار رمضان، بل يؤثم على ذلك؛ حيث أنَّ قضاء رمضان واجبٌ عليه ويبقى دينٌ لله -عزَّ وجلَّ- في ذمة المسلم وجيب أداؤه، ودليل ذلك قول السيدة عائشة -رضي الله عنها-: “كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ”،[1] ولا يسقط هذا الحق إلَّا إن كان المسلم عاجزًا عنه فيطعم حينها عن كلِّ يومٍ مسكينًا.[2]

شاهد أيضًا: حكم من دخل رمضان وقد بقي عليه أيام من رمضان السابق

حكم تأخير قضاء رمضان إلى رمضان الذي يليه

بعد بيان حكم من لم يقضي صيام رمضان، سيتمُّ بيان حكم القضاء، حيث يُستحب للمسلم المبادرة إلى قضاء ما أفطره من شهر رمضان؛ إذ أنَّ ذمته تبقى مشغولة حتى يؤدي ما عليه، إلَّا أنَّ ذلك ليس بواجبٍ عليه، بل يجوز له تأخير القضاء ما لم يضيق الوقت بألَّا يبقى بينه وبين رمضان القادم إلَّا ما يسع أداء ما عليه، فيتعين حينها ذلك الوقت للقضاء عند الجمهور، لكن ما حكم تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان التال عند الأئمة، هذا ما سيتمُّ ذكره في هذه الفقرة وفيما يأتي ذلك:[3]

  • الحنفية: ذهب الأحناف إلى جواز تأخير قضاء الصيام مطلقًا، وإن هلَّ عليه رمضانٌ آخر.
  • الشافعية والحنابلة: قالوا بعدم جواز تأخير القضاء حتى يدخل رمضانٌ آخر، بل يأثم المسلم على ذلك، ودليلهم قول السيدة عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: “كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إلَّا في شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَوْ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ”،[4] ووجه الدلالة من ذلك أنَّه لو كان بإمكانها تأخير القضاء حتى يدخل عليها رمضانٌ آخر لفعلت.

شاهد أيضًا: هل يجوز القضاء قبل رمضان بيوم أو يومين

ما يلزم من تأخير قضاء رمضان حتى يدخل رمضان آخر

ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب الفدية في حقِّ من أخر القضاء حتى هلَّ عليه رمضان آخر، حتى أنَّ الشافعي قال بتكرار الفدية بتكرار سنين التأخير؛ وعلل ذلك بأنَّ الحقوق المالية لا تتداخل، بينما ذهب الحنفية إلى عدم وجوب الفدية في حقِّ من أخرَّ القضاء، مستدلين بقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}،[5] ووجه الدلالة أنَّ الإطلاق في الآية الكريمة دليلٌ على جواز التراخي في القضاء وبناءً على ذلك فلا يلزم من أخرَّ القضاء شيئًا.[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز قطع صيام القضاء

الأعذار المبيحة للإفطار في رمضان

بعد أن قدمنّا حكم من لم يقضي صيام رمضان، سيتمُّ بيان الأعذار التي تبيح للمسلم الإفطار في رمضان، حيث أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- أباح للمسلم في بعض الحالات من الإفطار في شهر رمضان المبارك، وسيتمُّ في هذه الفقرة ذكر هذه الأعذار، وفيما يأتي ذلك:[7]

  • المرض: وهو كلُّ ما خرج المسلم به عن حدِّ الصحة، ودليل الإباحة للمريض بالإفطار قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.[8]
  • السفر: بدليل الآية الكريمة: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، ويُشترط في السفر المرخص في الفطر ما يأتي:
    • أن يكون السفر طويلًا مما تُقصر الصلاة فيه.
    • أن لا يعزم المسافر الإقامة خلال سفره.
    • أن لا يكون سفره في معصية عند الجمهور.
  • الحمل والإرضاع: يرخص للحامل والمرضع الإفطار في شهر رمضان إذا خافت على نفسها أو جنينها أو ولدها المرض أو الضرر والهلاك.
  • خشية الهلاك بسبب الجوع أو العطش: أباح الشرع الحنيف أن يأكل من وصل إلى حدِّ المشقة بسبب الجوع والعطش حتى خشي على نفسه الهلاك بأن يأكل أو يشرب ما يدفع عن نفسه المشقة وأن يُمسك بقية يومه.

شاهد أيضًا: هل يجوز الإفطار بسبب الجوع والعطش

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام مقال حكم من لم يقضي صيام رمضان، والذي تمَّ فيه بيان عدم جواز ترك القضاء، كما تمَّ بيان حكم تأخير القضاء حتى يهلَّ رمضانٌ آخر عند الفقهاء، ثمَّ ذكر ما يلزم من أخرَّ القضاء، وفي الختام تمَّ بيان الأعذار المبيحة للإفطار في شهر رمضان الفضيل.

المراجع

  1. ^ صحيح مسلم، مسلم، عائشة أم المؤمنين، 335، حديث صحيح
  2. ^ موسوعة الفقه الإسلامي، محمد بن إبراهيم التويجري، ص183 , https://al-maktaba.org/book/32292/1736 , 12/4/2021
  3. ^ الموسوعة الفقهية الكويتية، مجموعة من المؤلفين، ص10 , https://al-maktaba.org/book/11430/5692#p1
  4. ^ صحيح مسلم، مسلم، عائشة أم المؤمنين، 1146، حديث صحيح
  5. ^ الموسوعة الفقهية الكويتية، مجموعة من المؤلفين، ص10-11 , https://al-maktaba.org/book/11430/5693#p1 , 12/4/2021
  6. ^ islamqa.info , الأعذار التي تبيح الفطر في رمضان , 12/4/2021
  7. ^ البقرة: 184

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *