الفرق بين الضمان والكفالة وتعريفها في فقه المذاهب الأربعة

الفرق بين الضمان والكفالة

ما الفرق بين الضمان والكفالة ؟ لقد جاء دين الإسلام بحفظ الكليات الخمس؛ وهي الدين والمال والنفس والعرض والعقل، وإن مما تحفظ به الأموال ما ذكره علماء الفقه في كتبهم من الرهن والحوالة والضمان، فإنها كلها تعد عقودًا يستفاد منها استيفاء الحقوق، وإن الضمان والكفالة من هذه العقود، ولهما من الأحكام والمسائل مجموعة قام أهل العلم ببيانها وتوضيحها، ونحن في هذا المقال سوف نشرح لكم عن كل من الكفالة والضمان بشكل مبسط مع بيان الفرق بينهما.

الضمان والكفالة في الاسلام

يعد باب الضمان من أهم الأبواب الفقهية فيما يخص المعاملات المالية، وهو من الأمور الذي تعم به البلوى، وإن الناس يسألون عن أحكامه دائمًا، والضمان موجود إلى زماننا هذا، فيما يسمى بالكفالة وله أنواع متعددة؛ كفالة مال، وكفالة وجه، وكفالة حضور. وإن باب الرهن، وباب الضمان، وباب الحوالة، أبواب توصف في الفقه بأنها عقود استيثاق، أي يتوثق بها في الحقوق. ففي الرهن مثلًا فإن صاحب الحق يستوثق المال الذي دفعه، أو يستوثق العين التي باعها من خلال حقه بالرهن، أما في الضمان فإن صاحب الحق يستوثق بالرجل الكافل. [1]

وقد يطلق على الضامن؛ الضمين أو الضامن، أو الزعيم، أو الغارم، يستوثق من حقه، فيقول لك مثلاً: أنا أعطيك مائة ألف، ولكن أعطني كفيلاً، مثلما قال لك: أعطني رهناً، فهنا يقول: أعطني كفيلاً، فهناك استيثاق بالعين، وهنا استيثاق بالأشخاص والذمم. وهذا ليس على الإطلاق، بل له تفصيل في المذاهب الأربعة وتقسيمات مختلفة كما سنتناول فيما يأتي. [1]

شاهد أيضًا: قانون الغاء الكفيل

الفرق بين الضمان والكفالة

لا تختلف الكفالة في المعنى الاصطلاحي عن معناها في اللغة تبعًا للقانون المدني، وقد اختلف الفقهاء فـي إعطـاء معنى واحد للكفالة فمنهم من أطلق عليها لفظ الضمان، ومنهم من فرق بين الضمان والكفالة، فبينوا أن الاختلاف بين الكفالة والضمان يتمثل في النقاط الآتية: [2]

  • الاختلاف في التعريف: الضمان: التزام مكلف بأن يؤدي حق وجب على غيره. أما الكفالة فتعرف بأنها التزام الشخص جائز التصرف في إحضار الشخص الذي عليه الحق، وبناء على ذلك يمكننا أن نقول أن الكفالة هي إحضار المدين.. والضمان إحضار الدَّين.
  • الاختلاف في الدرجة: الكفالة أدنى درجة من الضمان؛ لوذلك أنها متعلقة بالبدن وليست متعلقة بالدَّيْن.
  • الاختلاف في الإبراء: إذا أحضر الشخص الكفيل المكفول إلى صاحب الحق يكون بذلك قد برئ منه، سواء أوفاه دينه أو لم يوفه إياه.

ما هو الفرق بين الكفالة والضمان في القانون

عرفت مجلة الأحكام العدلية في مصر الكفالة وفق ما جاء في الفقه الحنفي وهـي: ” ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة بشيء أي أن يضم أحد ذمة آخـر ويلتـزم أيضـًا المطالبة التي لزمت حق ذلك”، وإن اختيار مجلة الأحكام العدلية لتعريف الحنفيين لعله يرجع إلى الأسباب الآتية التي تعتمد على الفرق بين الكفالة والضمان: [3]

  • لم يفرق القانون بين الكفالة والضمان.
  • تناول تعريف الكفالة في القانون أقسام الكفالة والتي هي كفالة المال والبدن والعين، باعتبارها والضمان بمعنى واحد.
  • أخرج مفهوم الحوالة لتبقى ذمة الأصيل مشغولة بالدين.
  • لم يفرق بين عنصري الالتزام وهي المطالبة أو المسؤولية والمديونيـة، فالكفيل مطالب بوفاء الدين وأداء الحق من خلال ضم ذمته إلى ذمة الأصيل، أما الأصـيل يبقى ملتزمًا بعنصري الالتزام وهما المطالبة والمسؤولية.

تعريف الضمان والكفالة لغة

ويعرف الضمان لغة بأنه التزام في ذمة الغير وهو لفظ مشتق من الضمن؛ والذمة من ضمان البدن تأتي في معنى الكفالة، فيقال  كفل فلان أي؛ فلاناً ضمه إليه ومن ذلك قوله تعالى: “وكفلها زكريا” أي؛ ضمها لنفسه كي يعولها ويقوم هو بترتيبها. والكفالة مصدر كفل بفتح الفاء أو ضمها أو كسرها، ويقال كفل: كفلاً، وكفولاً. ويتعدى بالباء فيقال: كفلت بالرجل، وأيضًا قد يتعدى بعن إن تعلق بالمديون ليقال: كفلت عن المديون ، ويتعدى باللام إن تعلق بالدائن فيقال: كفلت للدائن. أما معناه اصطلاحاً ففيه تفصيل المذاهب الأربعة. [4]

شاهد أيضًا: حالات نقل الكفالة بدون موافقة الكفيل

الضمان والكفالة في الفقه الاسلامي وأقسامها

يختلف تعريف الضمان والكفالة وأقسامها بين المذاهب الأربعة تبعًا لما يتضمنه التعريف من قيود، و اوجه الشبه والاختلاف بين الضمان والكفالة حسبما ورد على مفهوم كل منها، وتتمثل التعريفات في المذاهب الأربعة على النحو الآتي: [4]

معنى الضمان والكفالة عند الحنفية

 قال الحنفيون في تعريف الكفالة رأيان يتمثلا فيما يأتي: 

  • الأول: هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة سواء بنفس أو دين أو عين وتكون الأقسام ثلاثة كفالة بالنفس وكفالة بالدين وكفالة بالعين.
  • الثاني: هي ضم ذمة إلى ذمة في أصل الدين.

وعندهم أن التعريف الأول أصح من التعريف الثاني؛ لأنه عام يشمل الأقسام الثلاثة، أما التعريف الأول فهو مقصور على الكفالة في الدين، وذلك بأنه إن كان لشخص عند شخص آخر دين له أن يطالبه بكفيل موثوق به عنده كي يضمه للمديون الأصلي. ولهم في هذا اختلاف أيضًا.

معنى الضمان والكفالة عند الشافعية

الضمان عند الشافعية؛ عقد يستلزم التزام حق ثابت في ذمة الغير أو إحضار عين مضمونة، أو بدن من يستحق حضوره. وفي معنى التعريف يكون للضمان ثلاثة أقسام:

  • ضمان الدين:  وفيه يلتزم الضامن ما في ذمة المديون من حق، بحيث تشتغل به ذمته، كما اشغلت ذمة المديون به، وإن دفع أحدهما برئت ذمة الآخر.
  • ضمان رد العين المضمونة: مثل العين المضمونة وكذلك العين المستعارة، فإن اغتصب زيد من عمر سلعة يصح لخالد أن يضمن زيداً في رد السلعة المغصوبة، ويكون بذلك ملزمًا بردها ما دامت باقية. أما إن هلكت فلا شيء عليه ومثل ذلك ما لو استعار منه عينًا.
  • الكفالة: وهي التزام إحضار شخص ضمنه؛ فإن كان لزيد عند عمر دين يصح لخالد إحضار بدن المدين عند الحاجة، وهذا الضمان يسمى (كفالة) فالكفالة عند الشافعية نوع واحد من الضمان وهي خاصة بالتحديد بضمان الأبدان.

معنى الضمان والكفالة عند المالكية

قال المالكية: الضمان والكفالة والحمالة لها معنى واحد؛ وهو أن يشغل صاحب الحق ذمة الضامن مع ذمة المضمون؛ وذلك إن كان شغل الذمة متوقفًا على شيء أو لم يكن متوفقًا على السواء. والضمان عندهم ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما يأتي:

  • ضمان المال: فإذا ضمن شخص آخر في مال تشغل ذمته بذلك المال مثلما شغلت ذمة الأصيل فيه من غير أن يتوقف على أمر آخر.
  • ضمان الوجه: التزام الاتيان بالغريم بالدين عند الحاجة؛ وهذا الضمان لم يصح في غير المال، كما لا تشغل ذمة الضامن بالمال إلا إن لم يحضر المديون، أما لو أحضره فلا يلزم.
  • ضمان الطلب: التزام الضامن طلب الغريم والتفتيش عنه، وهذا القسم يصح فيه الضمان في غير المال ولا تشغيل ذمة الضامن بالمال إلا إن ثبت تفريطه في إتيانه بالمضمون أو في الدلالة عليه.

معنى الضمان والكفالة عند الحنابلة

قال الحنابلة في ضمان الديون الثابتة فإن ضمن شخص آخر في دين شغلت ذمته بذلك الدين مثل ذمة المديون الأصلي فلم ينتقل الدين من ذمة المضمون لذمة الضامن بل هو باق مع شغل الضامن، ويثبت لصاحب الحق مطالبة الاثنين فإن برئت ذمة المضمون بقضاء أو حوالة برئت ذمة الضامن لأنه تابع له. أما إذا برئت ذمة الضامن لم تبرأ ذمة المضمون. ومثله إن قضى الحاكم ببراءة ذمة الضامن أو فيما لو حال الضامن صاحب الدين عنه فإن المديون الأصلي لا تبرأ ذمته، ويثبت لصاحب الدين الحق في مطالبته.

أما إن قبض دينه من أحدهما فعلاً فإن ذمتهما تبرأ من الدين، ثم إن دفع الضامن الرجوع على المضمون جاز له أن يرجع وصح. أما إن لم ينو فليس له الحق في الرجوع. أما القسم الثاني؛ فهو ضمان ما يؤؤل للوجوب وإن لم يكن واجبًا بالفعل؛ وذلك مثل العين المغصوبة والمستعارة، فمثل هذه العين إن لم تكن واجبة في ذمة الغاصب أو المستعير بالفعل ولكنها تؤول للوجوب لأنه ردها إلى صاحبها ما دامت قائمة، فإن هلكت كان ملزمًا بقيمتها فمعنى ضمان هذه العين أو ضمان قيمتها عند هلاكها.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام هذا المقال، وقد سلطنا فيه الضوء على تعريف الضمان و تعريف الكفالة وأقسامهما كما وردت عند المذاهب الأربعة، كما تطرقنا إلى الحديث عن الفرق بين الضمان والكفالة بشكل مبسط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *