حكم النفقة على الأولاد وإغناؤهم عن الحاجة للناس
جدول المحتويات
حكم النفقة على الأولاد وإغناؤهم عن الحاجة للناس ، من المواضيع الهامة التي تمس كل فرد مسلم، وقد بلغ اهتمام الشريعة الإسلامية بالأبناء مبلغًا عظيمًا، فشرع الله لهم ما يكفُل حقوقهم لينشئوا نشأة سوية في دينِهم ودُنياهم، ففي هذا المقال سنتعرف على حكم النفقة على الأولاد وإغناؤهم عن الحاجة للناس ، كما سنوضح شروط وجوب النفقة، وما فضل الإنفاق على الأبناء.
حكم النفقة على الأولاد وإغناؤهم عن الحاجة للناس
اتفق العلماء على وجوب نفقة الأب على أولاده الصغار الذين لا مال لهم حتى يبلغوا الحلم، فقال تعالى:(وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[1]، ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لِهِنْدٍ رضي الله عنها: (خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ)[2ٍ]، واتفقوا على أن الأب يلزمه نفقة أبنائه العجزة من الذكور والإناث حتى يستغنوا كبارا كانوا أو صغارا، وأنه لا تلزمه نفقة ولده الذي له مال يستغني به ولو كان هذا الولد صغيرا، ولا تلزمه نفقة ابنه الذكر إذا بلغ الحلم وكان قادرا على التكسب، واختلفوا في لزوم نفقة الأب لابنه البالغ الفقير القادر على الكسب، فأكثر العلماء يرون أنه لا تلزمه نفقته، لقدرته على الكسب، وذهب بعضهم إلى أن الأب يجب عليه نفقة ولده البالغ الفقير ولو كان قادرا على الكسب مستدلين بقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدٍ : (خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ)[3]، فلم يستثنِ منهم بالغًا وَلا صَحِيحًا، ولأنه فقير، فاستحق النفقة على والده الغني، كما لو كان كفيفًا، واختلفوا أيضا في البنت التي بلغت الحلم هل يلزم والدها النفقة عليها، فذهب أكثر العلماء إلى أنه يلزمه أن ينفق عليها حتى تتزوج.[4]
شروط وجوب النفقة
ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط :[5]
- أن يكون المنفق عليهم فقراء، لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم، فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يستغنون به: فلا نفقة لهم؛ لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة.
- أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم، فاضلا عن نفقة نفسه، إما من ماله وإما من كسبه، فأما من لا يفضل عنه شيء، فليس عليه شيء، فإن رجلًا جاء إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – فقال له: (يا رسولَ اللهِ عندي دينارٌ ، قال : تصدَّقْ به على نفسِك ، فقال : عندي آخرُ ،قال : تصدَّقْ به على ولدِك، قال : عندي آخرُ ، قال : تصدَّقْ به على زوجتِك ، أو زوجِك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال : عندي آخر قال: أنت أبصر).[6]
- أن يكون المنفِق وارثًا لقول الله تعالى:( وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ )[7]؛ ولأن بين المتوارثين قرابة تقتضى كون الوارث أحق بمال الموروث من سائر الناس فينبغي أن يختص بوجوب صلته بالنفقة دونهم .
فضل الإنفاق على الأبناء
فالإنفاق على الأبناء من أحد القربات التي يتقرب العبد بها إلى ربه كما قال تعالى:(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[8]، ولقد تظافرات الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلمُ فِي فَضْلِ النفقة عَلَى الزوجات والأبناء لَا سِيَّمَا الْبَنَاتِ فقال صلى الله عليه وسلم:(دِينَارٌ أَنْفَقْته فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْته فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك )[9]، وقال عليه الصلاة والسلام :(مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ)[10]، وفي هذا الباب أحاديث عدة تحث المسلم على الإنفاق على أهله وتبين عظمته وفضله.
وبهذا نكون قد بينا أن حكم النفقة على الأولاد وإغناؤهم عن الحاجة للناس ، واجب على الأب ويؤثم إذا قصر في ذلك، وبينا أن هناك ثلاث شروط لوجوب النفقة على الفرد المسلم ، وأوضحنا فضل الإنفاق على الأبناء.