جدول المحتويات
متى فرض الصيام ؟ من المعلومات التي يجب أن يكون المسلم والمسلمة على بيّنةٍ واضحةٍ منها؛ وذلك لأن العلم الشرعيّ يجب على كلّ مسلم ومسلمة تعلُّمه، فبه يتبيّن الحلال والحرام، وبه يصل المرء إلى فعل الخيرات التي بها يحظى بالثواب الجزيل من ربّ العالمين، ويبتعد عن الحرام، وفيما يلي سنتعرّف على ما هو الصيام، ومتى فُرض الصيام، وما الفرق بين صيام التطوّع والفريضة.
تعريف الصيام
المُتصفّح لمعاجم اللغة العربية يجد أن كلمة ” صيام” تدُور حول الإمساك، فـت” صام” بمعنى: أمسك، وفي اصطلاح أهل العلم يُطلق الصيام على: إمساكٌ عن المُفطرات من طلوع الشمس إلى غُروب الشمس، أو: إمساكٌ مخصوصٌ في وقتٍ مخصوصٍ عن شيءٍ مخصوصٍ، أو الإمساك عن شهوتي الفرج والبطن من طلوع الشمس إلى غروب الشّمس، والصوم هو الرّكن الرّابع من أركان الإسلام الخمس، جاء بعد الشّهادتين، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزّكاة، وقبل حج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا، ومما يدُل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:” بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت لمن استطاع إليه سبيلًا”.[1]
متى فرض الصيام
ذُكرت الكثير من الآراء في موعد فرضية الصوم، فقد قال بعضهم: إنه فُرض في شهر شعبان من السنة الثانية من هجرة النبي -صلى الله عليه وسلّم-بعد تحويل القبلة بشهرين[2]، وقال البعض الآخر: إن فرضيّته كانت لليلتين من شهر شعبان في السنة الثانية للهجرة[3]، وهو واجبٌ على كلّ مسلمٍ بالغٍ، عاقلٍ، عنده القدرة على الصيام، وبقوله: ” مسلم”؛ خرج غير المُسلم، والبالغ أخرج الصبي، والعاقل أخرج المجنون، فإنّهم غير مكلّفين بالصّوم، ومن عنده القدره أخرجت من لا طاقة له بالصّوم، وقد ثبتت مشروعيّة الصوم في القرآن الكريم، والسنة النبويّة، والإجماع، فالقرآن الكريم في قوله -تعالى-:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”[4]، والسنة النبوية في قول ابن عمر -رضي الله عنهما-:” بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ”[5]، وأجمعت الأمة الإسلاميّة من لدُن محمد -صلى الله عليه وسلّم-، إلى يومنا هذا إلى فرضية الصوم على كلّ مسلم ومسلمة.
مراحل فرض الصيام
الأحكام الشرعيّة في الشّريعة الإسلامية على نوعين: النوع الأول: أحكام ثابتةٌ لا تتغيّر بتغيُّر الزّمان والمكان، والنوع الآخر: أحكام تتدرّج حكمها بتدرُّج الزّمان والمكان، ومن الأحكام التي تتدرّج بتدرّج الزمان والمكان هو الصيام، وقد تدرّج حكمه على ثلاثة مراحل[6]، وهي كالآتي:
المرحلة الأولى
بدأت المرحلة الأولى في الصيام بصيام يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر المحرّم، وقد كانت قُريش تصوم هذا اليوم في الجاهلية، وهو اليوم الذي نجّى فيه الله – عزّ وجلّ-سيّدنا موسى -عليه السّلام- من فرعون وجُنده، واليوم الذي قُتل فيه سيدنا الحسين، وذلك في موقعة كربلاء، وقد صام النبي هذا اليوم قبل الهجرة، وكان صيام هذا اليوم في بادئ الأمر واجبًا، يُأثم من يفطره إلا لعذر شرعيٍّ مباح، وقد فُرض في السنة الأولى من الهجرة، ولكن فرضيّة صيام رمضان في السنّة الثانية من الهجرة؛ نسخت حكمه من الوجوب إلى الاستحباب[7]، فقد روى الإمام البُخاري في صحيحه، عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-:” من شاء صامه، ومن شاء تركه” [8]
المرحلة الثانية
تلك المرحلة تتمثّل في المُدّة من بعد فرضيّة شهر رمضان، فبعد أن كان الصوم المفروض هو يوم عاشوراء، نُسخ هذا الحكم، وصار الصوم الواجب هو شهر رمضان، وهو ثلاثون يومًا، ولذا قال الله -تعالى- في كتابه العزيز:” أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” [9]، فقد حدّد الله أن الصيام أيامًا معدوداتٍ، ومن كان مريضًا، أو على سفر؛ فليفطر في تلك الأيام، ويقضيها في أيام أُخر، فالأمر في تلك الآية بالتخيير بين أداء الفدية والصوم.
المرحلة الثالثة
تلك المرحلة ثثمثّل في المرحلة الثانية من فرضيّة الصوم، وذلك بوجوب صومه على كل مسلم ومُسلمة بدون تخيير، وفي ذلك يقول الله -تعالى-:” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”[10]، وقد اكتسب شهر رمضان تلك الأفضليه، وذلك لنزول القرآن الكريم فيه، فهذه الآية نسخت آية ” أيامًا معدودات..”
الفرق بين صوم الفريضة وصوم التطوع
هناك بعض الفروق بين صوم الفريضة وصوم التطوّع، ولعلّ من أبرز تلك الفروق:
- صوم الفريضة يُحدّد بأيام معدودة، كانت قبل فرض صوم رمضان يوم عاشوراء، وصارت ثلاثين يومًا بعد فرضيّته، أما صوم التطوّع فلا أيام محدّدة له، وإنما يحرم في أيام العيدين، وبعض الأيام الأخرى.
- قد يكون صوم الفريضة في غير أيام رمضان، وذلك في أيام القضاء والكفّارة.
- يأثم من يفطر رمضان عمدًا، بأن يصوم ستّين يومًا متتابعين، وإن فطر في أثنائها؛ فليصُم تلك الأيام من أولها، أو إطعام ستّين مسكينًا.
- لا يأثم من يفطر في أيام التطوّع؛ لأنها من قبيل السّنن التي يُأجر فاعلها، ولا يأثم تاركها.
- يوما عرفة وعاشوراء من أفضل الأيام التي يصوم فيها المُسلم تطوّعًا.
- الصوم رياضة روحيّة للنّفس، وترويضها إلى فعل الخيرات، وترك المُنكرات.
- يحرُم صيام يومي عيد الأضحى وعيد الفطر.
ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرُّف على متى فرض الصيام ، والتعريف بالصوم في المعاجم اللغويّة، وفي اصطلاح أهل العلم، وحكمة مشروعيّة الصيام، والدليل عليه من القرآن الكريم، ومن السّنة النبويّة المطهرة، ومن الإجماع، والمراحل التي فُرض فيها الصّوم، من أوّل ما كان فرضًا، وبعد أن نُسخ، وتحوّل من الفرضية إلى الاستحبابب عد فرضيّة صوم رمضان.
المراجع
- ^ الأساس في التفسير , سعيد حوّى (1424هــ)، الأساس في التفسير (الطبعة السادسة)، القاهرة: دار السلام، صفحة 411-412. , 7/9/2020
- ^ اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون , موسى العازمي (2011)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية، صفحة 322، جزء 2. بتصرّف , 7/9/2020
- ^ الحاوي الكبير , علي بن محمد البغدادي (1999)، الحاوي الكبير (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 396، جزء 3. بتصرّف , 7/9/2020
- ^ سورة البقرة، , آية: 183 , 7/9/2020
- ^ صحيح البخاري , رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح. , 7/9/2020
- ^ الوجيز في أصول الفقه , محمد الزحيلي (2006)، الوجيز في أصول الفقه (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الخير للطباعة، صفحة 233، جزء 2. بتصرّف. , 7/9/2020
- ^ التحرير والتنوير , محمد الطاهر بن عاشور (1984)، التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية للنشر، صفحة 201، جزء 1. بتصرّف. , 7/9/2020
- ^ صحيح البخاري , رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2002، صحيح. , 7/9/2020
- ^ سورة البقرة , آية 184 , 7/9/2020
- ^ سورة البقرة , آية:185 , 7/9/2020