ما هي اداب الاستماع

اداب الاستماع

ما هي اداب الاستماع سؤالٌ يجول في خاطر الكثيرين من محبّي طلب العلم، فمن المعروف أنّ من أسس طلب العلم ونهجه بعد النيّة هو حسن الاستماع، ومن أهل العلم من يرى أنّ أول العلم هو الاستماع، ومنهم من يقدّم النيّة أو الصمت عليه، ولكن ممّا لا شكّ فيه أنّ الاستماع هو شرطٌ رئيسٌ وأساسٌ ثابتٌ في منهج طلب العلم، وعلى من يطلب العلم أن يتقن الأدب في الإنصات والاستماع ونحو ذلك من الأمور التي سيتناول تفصيلها المقال فيما سيأتي.[1]

تعريف الإنصات والاستماع

قبل الخوض في بيان وتوضيح اداب الاستماع الواجب على المسلم وغيره من طلبة العلم أن يلتزمها في طريقه، لا بدّ من الخوض في تعريف كلٍّ من الإنصات والإستماع وبيان الفرق بينهما، يقول الله تعالى في سورة الأعراف: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}،[2] وكذلك قال تعالى في سورة الحج: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}،[3] فقد بيّن الخالق سبحانه أهميّة الاستماع والإنصات في كتابه الكريم، وفيما يأتي تعريف كلًّا من الاستماع والإنصات:[4]

  • الاستماع: هو ما كان من المرء بقصد السمع لكي يفهم ما يقوله الملقن، فيفهمه السامع ويستفيد من المسموع، وهو انشغال القلب بما يتلقاه المستمع من المتكلم.
  • والإنصات: هو ما كان من السكوت بقصد الاستماع، فينصت المرء إذا سكت سكوت المستمع.

شاهد أيضًا: لماذا يعد حسن الاستماع مهما في التواصل مع الآخر

ما هي اداب الاستماع

بعد الخوض في تعريف الإنصات والإستماع وبيان كونهما ضرورةٌ من ضرورات طلب العلم لا بدّ من الخوض في ذكر اداب الاستماع كما ذكرها أهل العلم والاختصاص، ومن هذه الآداب:[5]

  • الإنصات بكامل الاهتمام والتركيز، وهي أول ما يكون من الآداب التي ينبغي على المرء التحلّي بها في استماعه.
  • وعدم مقاطعة المتكلم حتّى ينهي كلامه، وذلك من باب التقدير والاحترام.
  • كذلك الابتعاد عن سماع الغيبة، أو ما قبح من الكلام المسموع، فهو أمرٌ حرّمه دين الإسلام.
  • وكذلك أن يتّسم المستمع بالبشاشة والوجه الطلق، ويبتعد تمام البعد عن الكآبة والعبوس، وكذلك أوصى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جابر بن سليم أبو جرى الهجيمي حينما قال له: “لا تَسبَّنَّ أحدًا و لا تحقِرَنَّ من المعروفِ شيئًا وأن تُكلِّمَ أخاكَ وأنتَ مُنبسطٌ إليهِ وإيَّاكَ و إسبالَ الإزارِ فإنَّ إسبالَهُ من المخيَلَةِ و إنَّ اللهَ لا يحبُّ المخيَلةَ ارفَع إزارَكَ إلى نصفِ السَّاقِ فإن أبيتَ فإلى الكَعبينِ وإن امرُؤٌ شتَمكَ بما يعلَمُ منكَ فلا تَشتُمهُ بما تَعلَمُ منهُ فإنَّ وبالَ ذلكَ عليه”.[6]
  • ومن اداب الاستماع أيضًا حفظ العهود وصيانة الأمانة والسر.

شاهد أيضًا: اداب التعامل مع الاخرين للاطفال

ما هي اداب الاستماع إلى القرآن الكريم

إنّ الخوض في بيان اداب الاستماع العامة يدفع المؤمن إلى طرح بعض التساؤلات الخاصّة بالعقائد الدّينية، ومن هذه التساؤلات: ما هي اداب الاستماع إلى القرآن الكريم، وهي:[7]

  • أن يحسن المرء التأمّل في آلاء الآيات التي يسمعها، ويتّعظ ممّا يسمعه.
  • وكذلك أن لا يكثر التلفت يمنةً ويسرى إلى لضرورة، فلا يصرف نظره وتركيزه عن القراءة والاستماع.
  • كما لا يجب على المؤمن أن يكثر الكلام بغير محلّه، وذلك لتعظيم وتقديس كلام الله عزّ وجلّ.
  • كذلك يجب عليه أن يستحضر قلبه، ويخشع أثناء استماعه لخالقه، ويتدبّر معنى الآيات.
  • ويجب عليه أن يكون حسن الإنصات والاستماع حتّى ينهي من يقرأ تلاوته، قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.[8]

شاهد أيضًا: ما حكم الكلام أثناء الخطبة

صفات المستمع الجيد

قد يتساءل المرء حول صفات المستمع الجيد بعد معرفته لما سبق ذكره من اداب الاستماع العامّة والخاصّة في حسن الإنصات للقرآن الكريم، ومن صفات المستمع الجيد:

  • الحضور الذهنيّ الكبير، كما أنّه يشعر المتكلم بالمسايرة أثناء حديثه.
  • كما تعدّ العين من الصفات التي تدّل على الاستماع الجيّد، من خلال ثباتها واتصّالها مباشرةً بعينيّ المتكلّم.
  • كذلك إبداء بعض الإبماءات المناسبة في الأوقات اللازمة، كالابتسامة أو طرح التعليقات التي تدعم الحديث.
  • وكذلك يحسن المستمع الجيّد استماعه ويشجعّ المتكلّم على مواصلة حديثه حتّى نهايته.
  • وقد يردد المستمع الجيّد بعض الكلمات من خلف المتحدّث كما هي ليدّل على حسن إنصاته واهتمامه بالموضوع.
  • الالتزام بالقاعدة العامّة للاستماع والتي تنصّ على وجوب الاستماع بنسبة 80% والتّحدّث بنسبة 20%، ولا تكون المقاطعة إلّا في الأوقات الملائمة.
  • كذلك المستمع الجيّد يتعاطف مع المتّحدّث، وقد يسأله بعض الأسئلة المفتوحة والواضحة والتي قد تدعم موضوع الحديث.

أهمية الاستماع

إنّ الخوض في ذكر اداب الاستماع بعد بيان تعريفه، وكذلك ذكر بعض صفات المستمع الجيّد يقتضي الخوض في ذكر الأهميّة البالغة لحسن الإصغاء، وتعود أهمية الاستماع إلى:

  • كونه يعدّ مساعدًا على فهم الموضوع بدقّة، والحصول على أكبر قدر من المعلومات الممكنة والواضحة.
  • كما أنّه يعزّز من الأسباب التي تدفع إلى تكوين الصداقة، وذلك من خلال تبادل الاهتمام في الأفكار المطروحة بين المتّحدث والمستمع.
  • كذلك إظهار رزانة الشخص وتفهمّه، والاهتمام بما يكون لدى الآخرين.
  • وكذلك يساعد على تعلّم أساسيات التفاوض بين الناس، وأساسيات عرض البيانات، واكتساب المقدرة على التحليل بطرق وسبل جديدة.
  • كما أنّ له دور كبير في حفظ القرآن، بالإضافة لكون الاستماع إلى القرآن مأجورًا صاحبه في شريعة الإسلام.
  • الاستيعاب الكبير، وتطوّر اللغة لدى الأطفال.

أنواع مهارات الاستماع

وكذلك كما أنّها ذكرت اداب الاستماع وبيّنت أهمّيته في المجتمع، لا بدّ من الخوض في ذكر أنواع مهارات الاستماع، والتي تتلخّص فيما سيأتي:

  • الإنصات: وهو السكوت المطلق ليتمكّن المستمع باغتنام أكثر ما أمكن من المعلومات التي يطرحها المتكلّم.
  • والمناقشة: وهي ما يكون من الأخذ والردّ في سبيل التزّود من المعلومات وتبادل الأفكار المطروحة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المشاركة بالحديث بين المتحدث والمستمع.
  • كذلك الاستماع اليقظ: وهو الاستماع الذي يعتمد على تحليل المعطيات وفهمها، كما حال الطلاب في دروسهم.
  • الاستماع النقدي: وهو ما يتعدّى مرحلة التحليل والفهم إلى مرحلة إصدار الأحكام.
  • والاستماع الهامشي: وهو الاستماع غير المركز، حيث يكون ذهن المستمع مشتّتًا بأكثر من موضوعٍ واحد.
  • وأخيرًا الاستماع الاستمتاعي: وهو ما يكون بغيّة الحصول على المتعة ومداعبة الرّوح.

شاهد أيضًا: هل هناك فرق بين التفاوض والاقناع

مراحل ومستويات الاستماع

بعد ذكر اداب الاستماع وأنواعها لا بد من الخوض في الحديث عن مراحل ومستويات الاستماع، والتي تبدأ بالسمع وتنتهي بالتدبر، مرورًا بكلٍّ من السماع والاستماع والإنصات، وهي موضّحةٌ فيما سيأتي:

  • السمع: وهي ما كان من الحواس الخمس ويملكها كلّ إنسانٍ كامل.
  • السماع: وهي ما يكون من استقبال أذن المرء للذبذات الصوتيّة بشكلٍ عامّ.
  • الاستماع: وهو ما يكون من الاهتمام والانتباه والتدقيق فيما تستقبله أذن المرء من الأصوات.
  • الإنصات: وهو أكبر ما يكون في درجات الإستماع، فيكون فيه المرء منتبهًا بتركيزٍ قويّ.
  • التدبّر: وهو ما يكون بعد الإنصات من استخلاص الفوائد التي قد تنفع المستمع في دينه ودنياه.

شاهد أيضًا: ما التركيب المسؤول عن السمع في الأذن

ما هي اداب الاستماع مقالٌ فيه تمّ بيان كون الإنصات وحسنه من أهمّ الأسس التي يرتكز عليها طلب العلم، كما تمّ الخوض في بيان أهميّة وأنواع مهارات ومراحل ومستويات الاستماع.

المراجع

  1. ^ saaid.net , أسس منهج طلب العلم عند السلف , 03/01/2021
  2. ^ سورة الأعراف , الآية 204
  3. ^ سورة الحج , الآية 46
  4. ^ islamweb.net , تعريف الاستماع والإنصات , 03/01/2021
  5. ^ saaid.net , مهارات الإصغاء وآدابه , 03/01/2021
  6. ^ الفتوحات الربانية , ابن حجر العسقلاني/جابر بن سليم أبو جري الهجيمي/5/322/صحيح
  7. ^ alukah.net , آداب التلاوة والاستماع , 03/01/2021
  8. ^ سورة الأعراف , الآية 204

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *