الموقف الصحيح للمأموم الواحد

الموقف الصحيح للمأموم الواحد ، هو عنوان هذا المقال، ومن المعلوم أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- شرع للمسلمين صلاةَ الجماعةِ، وجعلها تفضلُ صلاةَ الفردِ بسبعٍ وعشرون، ومعلومٌ أنَّ صلاةَ الجماعةِ تصحُّ باثنينِ، لكن في حال أنَّ المأمومَ كان رجلًا واحدً فهل يقف بجانب الإمامِ أم خلفه؟ وهل يقف على يمينه أم يساره؟ وفي حال أنَّه وقف على يسا الإمامِ ما حكم صلاته؟ وأين يقف المأمومين إن كانوا اثينَ فأكثر؟ وأينَ تقف المرأةُ في صلاةِ الجماعة؟ وما حكمِ صلاتها حال وقفت بجانب الإمام؟ كلُّ هذه الأسئلة سيجد القارئ الإجابة عليها في هذا المقال.

الموقف الصحيح للمأموم الواحد

ذهب الأئمة الأربعة إلى أنَّ المأمومَ إذا كان واحدً فإنَّه يقف على يمين الإمام،[1] ودليل ذلك ما رُوي عن ابن عباسٍ -رضي الله عنه- حيث قال: “بِتُّ عِنْدَ خَالَتي مَيْمُونَةَ لَيْلَةً، فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا كانَ في بَعْضِ اللَّيْلِ، قَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَتَوَضَّأَ مِن شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا – يُخَفِّفُهُ عَمْرٌو ويُقَلِّلُهُ جِدًّا -، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ، فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا ممَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ، فَقُمْتُ عن يَسَارِهِ، فَحَوَّلَنِي، فَجَعَلَنِي عن يَمِينِهِ”.[2]

شاهد أيضًا: اين فرضت الصلاة ومتى وما هي مكانتها في الإسلام

هل يقف المأموم الواحد مساويًا للإمام

إذا وقف الأمومَ الواحدَ يمينَ الإمام فيجبُ عليه المساواةَ في الصفِّ، فلا يتقدم الإمام عليه حتى ولو بشيءٍ يسير؛ إذ أنَّ الإمامَ والمأمومَ يعدَّان صفًا، ويجب في صلاةِ الجماعةِ تسوية الصفوفِ، ودليل ذلك ما رُوي عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- حيث قال: “لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أوْ لَيُخالِفَنَّ اللَّهُ بيْنَ وُجُوهِكُمْ”،[3] كما أنَّ في الحديث المرويِّ عن ابن عباس -رضي الله عنه- ذكر فيه أنَّ النبيَّ إنَّما حوله على يمينه ولم يذكر فيه أنَّه تقدم عليه أو أخر ابن عباس عنه.[4]

شاهد أيضًا: رتب الشرع الأحق بالإمامة بين الناس فيؤمهم 

هل قال أحد الفقهاء بتقدم الإمام عن المأموم المنفرد

نعم ذهب فقهاء المالكيةِ والشافعية بقولِ أنَّ على الإمامِ أن يتقدمَ قليلًا عن المأمومِ المنفردَ، ليتميَّز الإمامَ عنه، وخشية من أن يتقدمَ المأمومَ على الإمامِ ولو قليلًا، وإلى هذا القول ذهب الفقيه محمد صاحب أبو حنيفة، ولا بدَّ من التنبيه إلى أنَّ الراجح في هذه المسألةِ هو مساواةِ الإمامِ مع المأمومَ المنفرد.[5]

شاهد أيضًا: حكم الابتداء بالنافلة إذا أقيمت الصلاة

حكم الصلاةِ عند وقوف المأموم على يسار الأمام

تباينت آراء أهل العلمِ في حكم صلاةِ من وقف على يسارِ الإمام، وفي هذه الفقرة من هذا المقال سيتمُّ بيان آرائهم في ذلك، وفيما يأتي ذلك:[6]

• الرأي الأول:  إذا وقفَ المأمومَ على يسارِ الإمامِ فإنَّ صلاته صحيحة، مع كراهة ذلك، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والشافعية وهو كذلك قولٌ مرويٌ عن الإمام أحمد.
• الرأي الثاني: إذا وقف الأمومَ على يسارِ الإمامِ فإنَّ صلاته باطلةٌ، وهذا مذهب الحنابلة.

شاهد أيضًا: التقدم على الإمام في انتقالات الصلاة تسمى

الموقف الصحيح للمأمومين إذا كانوا اثنين

إذا كان المأمومين اثنين فأكثر فيسنُّ لهما الوقوف خلفَ الإمامِ، وهذا متفقٌ عليه بين الأئمة الأربعة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة،[7] ودليل ذلك ما رُوي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- حيث قال: ” ثُمَّ جِئْتُ حتَّى قُمْتُ عن يَسَارِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَ بيَدِي فأدَارَنِي حتَّى أَقَامَنِي عن يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بنُ صَخْرٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عن يَسَارِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بيَدَيْنَا جَمِيعًا، فَدَفَعَنَا حتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ”.[8]

شاهد أيضًا: من قال حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم

الموقف الصحيح للمرأة في صلاة الجماعة

إنَّ المرأةَ في صلاةِ الجماعةِ  تقف خلف الإمامِ، سواء أكانت منفردةَ أو كان معها رجلٍ مأمومٍ غيرَ الإمامِ،[9] وما يدلُّ على ذلك ما رُوي عن أنسِ بن مالك -رضي الله عنه وأرضاه- حيث قال: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى به وَبِأُمِّهِ، أَوْ خَالَتِهِ، قالَ: فأقَامَنِي عن يَمِينِهِ، وَأَقَامَ المَرْأَةَ خَلْفَنَا”،[10] أمَّا في حالِ وجودِ مجموعةٍ من الرجال فإنَّ المرأةَ في هذه الحالة تقف خلف الرجالِ، ودليل ذلك ما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: “خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجالِ أوَّلُها، وشَرُّها آخِرُها، وخَيْرُ صُفُوفِ النِّساءِ آخِرُها، وشَرُّها أوَّلُها”.[11]

شاهد أيضًا: فضل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

حكم صلاة المرأة إذا وقفت بجانب الإمام

تباينت آراء أهل العلم في حكمِ صلاة المرأةَ إذا وقفت أثناءها بجانب الرجلِ، وفي هذه الفقرةِ سيتمُّ ذكر هذه الآراء، وفيما يأتي ذلك:[12]

• الرأي الأول: تبطل صلاة المرأةِ عند وقوفها بجانب الرجل في الصلاة، وهذا مذهب أبي حنيفة.
• الرأي الثاني: لا تبصل صلاة المرأةِ عند وقوفها بجانب الرجل في الصلاة وهذا مذهب الشافعي.

شاهد أيضًا: كان موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما تولى أمر المسلمين

حكم تقدم المأموم على الإمام

تباينت آراء أهل العلم في حكم صلاةِ المأمومِ إذا تقدم على إمامه، فذهبوا في ذلك إلى ثلاثةِ أقوالٍ، وفي هذه الفقرة من مقال الموقف الصحيح للمأموم الواحد، سيتمُّ ذكر ذلك، وفيما يأتي ذلك:[13]

• الرأي الأول: لا تصحُّ صلاةُ المأمومِ إذت تقدمَ على الإمامِ مطلقًا، وهذا مذهب الحنفية والشافعية وقول عند الحنابلة.
• الرأي الثاني: تصحُّ صلاة المأمومِ إذا تقدم على إمامِه بغير عذرٍ أثناء الصلاةِ مع الكراهة، بينما إذا تقدم لعذرٍ فلا يُكره له ذلك وهذا مذهب المالكية.
• الرأي الثالث: تصحُّ صلاةُ المأمومِ إذا تقدم على الإمامِ لعذرٍ، ولا تصحُّ إذا تقدمَ عليه من غيرِ عذرٍ، وهذا مذهب الحنابلة.

شاهد أيضًا: يؤمر الطفل بالصلاة إذا بلغ سن 

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي يحمل عنوان الموقف الصحيح للمأموم الواحد، والذي تمَّ فيها بيانُ المكانِ الذي يقف به الرجلَّ المأمومَ إذا كان منفردًا، وبيان حكمِ صلاة المأمومِ إذا وقف على يسار الإمامِ أثناءَ الصلاةِ، كما سيتمُّ بيان الموقفَ الصحيحَ للمأمومين إذا كانوا اثنينِ فأكثر، كما سيتمُّ بيان موقفِ المرأة وآراء الفقهاء في حكمِ صلاتها عند وقوفِها بجانب الرجلِ وفي ختام هذا المقال تمَّ بيان حكمِ تقدمِ المأمومِ على الإمامِ.