حكم أخذ الأجرة على الأعمال الصالحة

حكم أخذ الأجرة على الأعمال الصالحة

حكم أخذ الأجرة على الأعمال الصالحة من الأمور الهامة التي لابد للمسلم معرفتها، فيجب على المسلم أن يكون هدفه في عمل الطاعات نيل رضى الله -عز وجل- ومرضاته، وليس طمعًا بثناء الناس أو المال أو الجاه، وفي هذا المقال سنبين حكم أخذ الأجرة على الأعمال الصالحة، كما سنوضح معنى طلب الدنيا بالآخرة، وماهي عقوبة من أراد الدنيا بعمل الآخرة.

حكم أخذ الأجرة على الأعمال الصالحة

قسم ابن عثيمين -رحمه الله- الأجر الذي يُعطاه من قام بطاعة من الطاعات، إلى ثلاثة أقسام:[1]

  • أن يكون بعقد أجرة: بأن يكون المقابل المادي هو المقصود من العقد، فالصحيح أن ذلك لا يصح كما لو قام أحد بالإمامة والأذان بأجرة؛ لأن عمل الآخرة لا يصح أن يكون سببا لعمل الدنيا، فعمل الآخرة أشرف وأسمى من كونه وسيلة لعمل الدنيا، لقوله -تعالى-: “بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى”.[2]
  • أن يكون جعالة: وهو ما يعطاه الإنسان على أمر يفعله، كأن يقال: من قام بالأذان؛ فله كذا من المال، فالصحيح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أن ذلك جائزاً؛ لأن هذا العمل ليس أجرة وليس ملزمًا.
  • أن يكون العوض من بيت مال المسلمين: أي أن الدولة تعطيه لمن يقوم بالأعمال الصالحة كالأذان، فهذا مباح ولا شك في ذلك، لأنه من المصارف الشرعية لبيت المال.

و لا ينبغي أن تكون نية العبد في هذا العمل مجرد أخذ المال، لأنه إذا كانت هي مقصود العبد فقد حرم عليه أخذ الأجر، وإن أخذه بقصد الاعانة على طاعة الله، وعلى القيام بهذا العمل الصالح فلا بأس في ذلك.

اقرأ أيضاً: حكم الصلاة في المقبرة

طلب الدنيا بعمل الآخرة

المراد بإرادة الدنيا بعمل الآخرة هو: أن يعمل المسلم الأعمال الصالحة التي يراد بها وجه الله والدار الآخرة، لا يريد بذلك ثواب الله تعالى، وإنما يريد مالا أو جاها أو منزلة أو وظيفة في الدنيا، كمن أذن ليأخذ راتب المؤذن، أو حج ليأخذ المال‏، أو كمن تعلم في كلية ليأخذ الشهادة فترتفع مرتبته‏، أو كمن جاهد في سبيل الله تعالى؛ لمجرد الحصول على الغنيمة، ويلتقي المرائي ومن أراد الدنيا بعمل الآخرة: أن كلاهما لم يقصد طاعة الله والآخرة، ويختلفون في: أن المرائي يريد الثناء من الناس، ومن يريد الدنيا بعمل الآخرة يريد مالاً أو مكانة، ولا يجوز للمسلم أن يفعل شيئا من الأعمال الصالحة لمجرد الطموحات الدنيوية، حتى يكون رضاه وغضبه متوقفين على ما يهب له من الدنيا، دون الالتفات إلى الحياة الواقعية، وهي الآخرة.[3]

عقوبة من أراد الدنيا بعمل الآخرة

من أراد الدنيا بعمل الآخرة، فقد استحق غضب الله -عز وجل- وعقابه، وفيما يلي عقوبة إرادة الحياة الدنيا بعمل الآخرة:

  • حبوط الأعمال الصالحة، فقد قال -تعالى- في كتابه العزيز:”مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ*أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ“.[4]
  • الحرمان من دخول الجنة، فقد قال رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: “ من تعلَّم علمًا مما يُبتغى به وجهُ اللهِ لا يتعلَّمُه إلا ليصيبَ به عرضًا من الدُّنيا لم يجدْ عَرفَ الجنَّةِ يومَ القيامةِ – يعني ريحَها“.[5]
  • الخسارة والتعاسة في الحياة الدنيا وعدم الراحة، فقد روي عن النبي -صل الله عليه وسلم أنه قال: “تَعِسَ عبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالقطيفَةِ وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعطَ لَمْ يَرْضَ“،[6] فقد سمي عبدًا للدينار لأنه يعمل الأعمال الصالحة لأجل المقابل المادي فقط، وارتبط رضاه وغضبه فيهما.

إن حكم أخذ الأجرة على الأعمال الصالحة الجواز إذا كانت من الدولة، وكانت نيته خالصة لله -تعالى- فقط، وبينا في هذا المقال المراد من طلب الدنيا بالآخرة، وعقوبة من أراد الدنيا بعمل الآخرة، وهي إحباط عمله وحرمانه من دخول الجنة، وتعاسته في الحياة الدنيا.

المراجع

  1. ^ ar.islamway.net , ما حكم أخذ المال على فعل الطاعات؟ , 2020-12-29
  2. ^ سورة الأعلى - آية 16-17. , 2020-12-29
  3. ^ al-eman.com , كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين , 2020-12-29
  4. ^ سورة هود - آية 15-16. , 2020-12-29
  5. ^ الراوي : [أبو هريرة] | المحدث : ابن باز | المصدر : مجموع فتاوى ابن باز الصفحة أو الرقم: 27/229 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح , 2020-12-29
  6. ^ الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 2886 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] , 2020-12-29

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *