حكم الصلاة في المقبرة

حكم الصلاة في المقبرة هو موضوع الذي سيتناوله هذا المقال،خلق الله تعالى الانسان وأمره بعبادته وسنّ له تشريعات وفروض في حياته الدنيا ووعده بالجنّة والنار في الآخرة ينال فيها جزاء عمله وجعل الموت حقّ على كلّ كائن حيّ فينتقل بذلك من حياته الفانية إلى عالم البرزخ لينتظر حسابه وينال جزاءه في الآ خرة، فيجب على المسلم أن يعمل بجدٍ وأن يخلص في طاعته لربه ويؤمن بوحدانيته ويؤدي فرائضه التي فرضها الله عليه ويجتنب ما نهاه ليفوز برضاه وجنته.[1]

الصلاة

قبل الخوض في حكم الصلاة في المقبرة لا بدّ من بيان أهميّة الصلاة في حياة المسلم، فعند الموت تخرج الروح من الجسد ويتوقف عمل الإنسان فيجب على العبد أن يستثمر وقته وعمره بعبادة الله وطاعة أوامره وأداء ما عليه من فروضٍ وواجباتٍ، من أهم تلك الفروض التي فرضها الله تعالى على عباده هي الصلاة.

فالصلاة هي عماد الدّين وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ أوَّلَ ما يُحاسبُ به العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه ، فإن صلُحتْ فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقدْ خاب وخسِر ، فإن انتَقَص من فريضتِه شيئًا قال الرَّبُّ تبارك وتعالَى: انظُروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فيُكمِلَ به ما انتَقَص من الفريضةِ ، ثمَّ يكونُ سائرُ عملِه على ذلك”،[2] وفُرِضَ على المسلم خمسة صلوات في اليوم وهم صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب وصلاة العشاء فهذه الفروض واجبة على كل مسلم بالغ وعاقل ولا يجب التهاون في أدائها أبدا، وكما أنه للصلاة أجر عظيم في الآخرة فلها منافع دنيوية فهي تُقوّم سلوك المسلم وتعلمه الالتزام وتغرس فيه روح الرقابة والخوف من الله تعالى.[3]

شاهد أيضًا: دعاء الاستفتاح من واجبات الصلاة القولية

حكم الصلاة في المقبرة

لقبول الصلاة وصحتها شروط أهمها الطهارة ونظافة البدن والمكان الذي تؤدى فيه الصلاة، ومما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الصلاة عند القبور أو اتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها، وقد اتفقت المذاهب الثلاث الحنفي والمالكي والشافعي على كراهة الصلاة في المقابر ولكن قالوا أن الصلاة تكون صحيحة ولا يجب إعادتها مع وجوب الاستغفار والتوبة، حيث قال ابن قدامة أن: الصلاة في هذه صحيحة مالم تكن نجسة.وأما المذهب الحنفي فقد قال أن الصلاة في المقابر لا تصحّ واستدلّ بذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: “الأرضُ كلُّها مساجِدُ إلَّا الحمَّامَ والمقبرَةَ”،[4] فحكم الصلاة في المقبرة فيه خلاف بين المكروه والمحرم.[5]

شاهد أيضًا: حكم دخول النساء للمقابر

حكم صلاة الجنازة في وسط المقابر

إنّ بيان حكم الصلاة في المقبرة يدفع إلى الحديث عن حكم صلاة الجنازة في وسط المقابر، فقد شرّع الله الصلاة على الموتى والدعاء لهم واتباع جنازتهم وجعل لذلك ثواباً جزيلاً وسميت الصلاة على الميت بصلاة الجنازة وهي فرض كفاية وليست فرض عين وقد اختلف العلماء في حكم صلاة الجنازة في وسط المقابر وقالو في ذلك قولين:[6]

• القول الأول: وهو قول الحنفية في إجازة صلاة الجنازة في المقابر واستدلوا على ذلك بقول ابن المنذر:ذكر نافع أنه صُلّيَ على عائشة وأم سلمة وسط قبور البقيع.
• أما القول الثاني:حيث أجمعت بقية المذاهبعلى كراهة الصلاة على الميت وسط القبور وهذا هو الراجح وقالوا أن صلاة النبي صلى الله عيليه وسلم وسط على القبور ليبين للناس أنه جائزفي حال لم يتمكنوا من الصلاة على الجنازة في المسجد أو خارج المقبرة.

شاهد أيضًا: حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت

حكم الصلاة في الطائرة

الخوض في بيان حكم الصلاة في المقبرة يقتضي بيان حكمها في أماكن مختلفة، كما الحال في حكم الصلاة في الطائرة، فالصلاة فرض لايمكن التكاسل عنه أو التهاون به ولاتسقط الصلاة عن الإنسان إلّا في حالٍ واحد وهو الجنون حيث يفقد الإنسلن عقله ويكون غير عاقل لما يقوم بفعلهولكن دين الإسلام دين يسر فقد تجاوز بعض الشروط لقبول الصلاة وصحتها في حالاتٍ خاصّة كالمرض والسفر فمثلاً الوقوف واستقبال القبلة شرطان أساسيان لقبول الصلاة فعند السفر بالطائرة مثلاً قد يصعب على المرء ذلك فقد أجاز العلماء ومنهم ابن عثيمين صلاة الفرض في الطائرة مع أداء شروطها حسب الاستطاعة وأجاز ذلك خوفاً من فوات وقت الصلاة فإن استطاع المء أن يصلي قياما وركوعاً وسجوداً كان ذلك أفضل وإن لم يستطع فلا بأس بالصلاة جلوساً.[7]

حكم الصلاة في الكنيسة

بعد الخوض في بيان حكم الصلاة في المقبرة وفي الطائرة لا بدّ من بيان حكمها في الكنائيس، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فأيْنَما أدرَكتْكَ الصَّلاةُ فصَلِّ، فهو مسجِدٌ”،[8] فقد أجاز العلماء الصلاة في الكنيسة عند الحاجة فقط حيث قال ابن قدامة: لا بأس بالصلاة في الكنيسة النظيفة، واتفق معه أكثر العلماء أما ابن عباس ومالك فقد قالوا عن كراهة الصلاة في الكنيسة لأجل الصور ، فيجب على المسلمين السعي لتوفير وتأمين المساجد والمصليات لأن الصلاة في الكنيسة وإن كانت تصح لكنه يوجد خلاف على جوازها خشية الفتنة بالصةر والتصاوير الموجودة في الكنائس.[9]

حكم الصلاة في المقبرة كان عنوان هذا المقال الذي تناول عدة جوانب منها الصلاة وحكمها في المقبرة وصلاة الجنازة في المقابر وحكم الصلاة عند السفر بالطائرة وحكم الصلاة بالكنائس.