حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت وما هي شروط التبرع بالتفصيل

حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت

حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت من الأحكام الفقهية التي يرغب فيها الكثير من المُسلمين، وخاصّةً طُلّاب العلم الشرعيّ الذين يُرجع إليهم الناس في أمور دينهم؛ حتى يتعرّفوا على الحرام والحلال، وما يُغضب الله؛ فيجتنبوه، وما يُرضي الله؛ فيقومون به، وقد أفتى العُلماء بالكثير من الأحكام في بيع الأعضاء وتجارتها، وفيما يلي سنتعرّف على حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت.

حكم التبرع بالاعضاء

التبرُّع بالأعضاء من الأحكام التي تدُور حول أمرين، فقد يكون التبرع بعضو من الأعضاء التي يتوقّف معها الحياة، وذلك كالقلب، أو الدّماغ، أو غيرها من الأشياء التي يُسلب معها الحياة، وقد يكون من الأعضاء التي تظلّ معها الحياة، ولا تُفقد، وحُكم هذا مختلفٌ عن حُكم ذاك، فإن كان العضو مما يُفقد به الحياة؛ فغير جائزٍ أن تتمّ عملية التبرع، وذلك لأن هذا يدخُل تحت نِطاق الانتحار، والانتحار هو سلبٌ للروح التي وهبها الله للإنسان.

وكذلك الأعضاء التي يحدث بسببها عجز، أو يُفقد معها وظيفة أساسية كاليدين والقدمين، فلا يجوز أيضًا التبرّع بها؛ لأن هذا يُحدث ضررًا جسيمًا للإنسان،  أما إذا كان العضو لا تُفقد من خلاله الحياة كالكُلى، وغيرها من الأعضاء التي لا تُفقد معها الحياة؛ فيجوز للمرء أن يتبرّع بها ولا حرج، ولكن يجب تطبيق الضوابط الشرعيّة التي أقرتها الشريعة الإسلامية في ذلك الأمر؛ تفاديًا لأية محاولة من محاولات تجارة الأعضاء؛ لأن الله-تعالى- قد كرّم الإنسان، وفي ذلك يقول الله-تعالى-:” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا”[1]

حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت

حياةُ الأحياء خير، ولهذا قد أقرّ العُلماء أن التبرع بالأعضاء أو بيعها بعد الموت جائز، ولكن يُشترط في ذلك شروط وهي: أن يكون الميت قد مات موتًا كُليّّا، أي: أن الحياة قد فُقدت منه، ولا يُعتدّ بالموت الإكلينيكي، وإنما يُشترط أن يكون موتًا يفقد معه التنفُّس، أو يتوقّف معه الأعضاء الرئيسة كالقلب، والذي من خلاله تتوقّف كافّة العمليات في الجسم، ويتوقف معه حياة الإنسان، وكذلك لا بُد وأن يكون الميت قد أوصى في حياته بأنه يُريد نقل من أعضاء جسده بعد الموت.

أو أنه يُجوّز للناس أن يأخذوا ما يحتاجونه من جسده بعد مماته، متى ما احتاجوا إلى ذلك، وهذا إن دل فإنه يدُل على رضاه التامّ الذي يُباح من خلاله التبرُّع بالاعضاء، وقد أفتى بعض العلماء أن التبرع بالاعضاء بعد الموت غير جائزٍ؛ حتى ولو توافرت فيه تلك الشروط، وذلك لأنه يُشبّه بيع الأعضاء ببيع السّلَع التي يتداولها التُّجّار فيما بينهم، وأن هذا يستبيح للناس أن يجعلونها تجارةً لهم يكسبون من خلالها الأموال الطائلة، وهي من قبيل التجارة المحرمة، كما أن الأعضاء التي وهبها الله-عز وجل-للإنسان ليست ملكًا للإنسان، وإنما هي ملك لله؛ وهبها الله للإنسان، ولا يجوز لأحدٍ أن يتصرّف في مُلك أحدٍ، فما بالُك إن كان مالكها هو الله.[2]

شروط التبرع بالاعضاء بعد الموت

وقد أفتى العلماء بجواز التبرُّع بالأعضاء أو بيعها، ولا تكون هذه العملية هباءً، وإنما تُنفّذ طبقًا للقواعد الشرعيّة التي أوجبتها الشريعة الإسلامية ومن تلك الشروط:[3]

  • أن يكُون التبرع أو البيع للضرورة القُصوى، كأن تكون حياة هذا المرء الذي يحتاج إلى التبرُّع متوقفةً على ذلك، وأنه لو لم يُتبرّع له سيموت، ففي هذا الوقت يجوز تبرُّع أحد الناس له، أو أن يقوم بيع أعضائه التي تكون بها حياته، وذلك وفقا لضوابط يُحدّدها الشرع والأطباء.
  • أن يكون الميّت قد أوصى في حياته، وهو في كامل قِواه العقليّة، بأنه مُستعدّ بعد موته لأن يتبرّع بأعضائه لشخصٍ مُعيّنٍ، أو جهةٍ مُعيّنة، وإن لم يكُن أوصى بذلك، أو لم يكُن في كامل قواه العقلية؛ فعملية التبرّع أو البيع غير جائزة من الناحية الشرعية.
  • أن يكون الميّت قد مات حقيقةً؛ فيتأكّد من حوله، أو من أوصى لهم بجواز التبرّع أو البيع أنه قد تحقّق موته، فإن لم يُتحقّق من موته؛ فلا تجوز عملية النقل، كما أن الموت الإكلينيكي أو غيره من الحالات التي يفقد معها الإنسان الوعي، ولكن لا يفقد معها الحياة حقيقةً، كأن يكون تنفسّه يعمل؛ فهذا أيضًا لا يُجوّز عملية النّقل.
  • أن يكون هناك هيئة طبيّة مُختصّة تقوم بعمله نقل الأعضاء، ولا يُشترط لها عدد معيّن، وإنما الذي يُشترط هو حاجة عملية النقل، فإن احتاجت لثلاثة أطبّاء يقوم بها الثلاثة، وهكذا؛ فيختلف ذلك من إنسان لآخر، ومن عملية نقل لعمليّة نقل أخرى، ولكن يجب أن يكون الطبيب على وعيٍ تامٍّ بتلك العملية؛ حتى لا يحدُث ما لا يُحمد عُقباه.
  • إجراء عملية نقل الأعضاء في الأماكن المُختصّة لها، لكي تتوفر فيها الرّقابة الشرعيّة والقانونية لذلك، ولا يجوز إجراؤها في الأماكن غير المُخصصة لها.

حكم التجارة في أعضاء الإنسان

تجارة الأعضاء من التجارات التي حرّمتها الشريعة الإسلامية، وذلك لأنها تُبيح للنّاس أن يُتاجروا في ما لا مِلك لهم، فهذه التّجارة تُبيح للناس أن يجعلوا الإنسان كالسلعة التي تُباع وتُشترى، كما أن هذه الأعضاء ليست ملكًا لأحدٍ، وإتمام هي ملكٌ لله الذي استودعها في الإنسان، ويجب عليه أن يُحافظ عليها، كما أن تلك التجارة تُجرى في ظروفٍ ليس فيها أيّ احترازاتٍ سواء أكانت تلك الاحترازات قانونيّة أو شرعيّة، وتلك التجارة قد تُزهق أرواح الكثيرين عند إجراء تلك العمليّة؛ لأنه قد يُجريها أطبّاء غير متخصّصين، وقد تحدُث في ظروفٍ استثنائيّة لا يُمكن تفادي معها أية عقباتٍ قد تحدُث للمُتبرّع في ذلك الوقت.[4]

ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرف على حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت ، وما حُكم بيع الأعضاء للأحياء أو للأموات، وما هي التجارة المُحرّمة التي لا يجوز معها نقل الأعضاء أو التبرُّع بها، وما هي الشروط والقوانين التي من خلالها تتمّ عملية التبرُّع أو البيع للأعضاء، وماذا لو لم يكُن الميّت قد أوصى بالتبرع أو نقل تلك الأعضاء قبل الموت، وماذا لو مات المرء إكلينيكيًّا، وهل يُشترط أن يكون أطباء متخصصون يقومون بهذه العملية، أو مكانٍ مُخصّص لها.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , حكم التبرع بالأعضاء , 11/11/2020
  2. ^ islamqa.info , التبرع بالأعضاء للمسلم وغير المسلم , 11/11/2020
  3. ^ binbaz.org , ما حكم التبرع بالأعضاء , 11/11/2020
  4. ^ islamweb.net , التجارة في أعضاء الإنسان , 11/11/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *