حكم إنكار البعث

حكم إنكار البعث
حكم إنكار البعث

حكم إنكار البعث، هو عنوان هذا المقال، ومن المعلوم أنَّ هناك عددًا من الآيات التي أثبتت وجود حياة أخرى يعيشها الإنسان بعد موته، كما أنَّ هناك عددًا من الآيات التي أمرت عباد الله -عزَّ وجلَّ- بالإيمان بالبعث، ومن هنا فإنَّه سيتمُّ تخصيص هذا المقال للحديث عن حكم إنكار البعث، كما سيتمُّ ذكر الأدلة على وجود البعث، ثمَّ بيان أسباب إنكار البعث، وفي الختام سيتمُّ ذكر ثمرات الإيمان بالبعث.

حكم إنكار البعث

إنَّ إنكار البعث حرامٌ وغير جائز، وهو ناقضٌ من نواقض الإيمان، لذلك فإنَّ من أنكر البعث يعدُّ كافر؛ إذ أنَّه أنكر ما جاء به القرآن الكريم، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ}،[1] وقوله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ* وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ* إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ* كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ* ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ* ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}،[2] وفيما يأتي بعض الأدلة التي يُمكن بها إقناع منكري البعث بالبعث:[3]

  • إنَّ أمر البعث وصل حدَّ التواتر، حيث أنَّه نُقل عن الأنبياء والمرسلين جميعهم، كذلك نُقل عن جميع الديانات السماوية، وتلقته أممهم بالقبول.
  • إنَّ العقل شهد بإمكانية البعث، حيث أنَّ:
    • أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- الذي خلق المخلوقات من العدم، لن يعجزه بعثهم من جديد، ودليل ذلك قوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}.[4]
    • أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- الذي خلق السماوات السبع، لن يعجزه خلق الآدمي من جديد، وقد قال تعالى: {أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}.[5]
    • إنَّ كل ذي بصر يشاهد الأرض مجدبة ميتة النبات ، فإذا نزل المطر عليها أخصبت وحيي نباتها بعد الموت ، والقادر على إحياء الأرض بعد موتها قادر على إحياء الموتى وبعثهم.
  • إنَّ الحسَّ كذلك شهد البعث واقعًا، وقد ذُكر ذلك في القرآن الكريم صراحةً حيث قال تعالى: {وْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.[6]
  • إنَّ الحكمة تقتضي البعث بعد الموت ليُجازي كلُّ امرئٍ على ما فعل في الحياة الدنيا، وإلا لكان خلق البشر عبثًا لا قيمة له.

شاهد أيضًا: الفرق بين نواقض الإيمان ومنقصاته

أسباب إنكار البعث

بعد بيان حكم إنكار البعث، سيتمُّ في هذه الفقرة بيان أسباب إنكار بعض البشر للبعث يوم القيامة، وفيما يأتي ذلك:[7]

  • الاستبعاد: حيث أنَّهم لم يروا ميتًا عاد إلى الحياة مجددًا، فهم يرونه أمرًا مستبعدًا، وسبب ذلك عدم قناعتهم بأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- قادرٌ على كلِّ شيء.
  • الكبر: وهو آفة الجهال والمعرضين عن الله -عزَّ وجلَّ- وهؤلاء يمنعهم كبرهم رغم معرفتهم الحقيقة من الإيمان بالبعث واليوم الآخر.
  • ميلهم إلى الشهوات: إنَّ ميل هؤلاء المنكرون للبعث إلى الشهوات وانغماسهم في الملذات التي ألفوها وأحبوها كانت سببًا في إنكار البعث يوم القيامة.
  • العوامل الاقتصادية: إذ أنَّ إيمانهم باليوم الآخر والبعث سيمنعهم من التجارة فيما حرَّم الله -عزَّ وجلَّ- من المسكرات والمخدرات وغيرها.
  • العوامل السياسية: إذ أنَّ الإيمان باليوم الآخر والبعث سيجعل هؤلاء سواسية مع البشر، وسيحرمهم من تنصيب أنفسهم كزعماء على الناس.

شاهد أيضًا: ما يضاد الإيمان من قول وعمل.. مفهوم الإيمان وأقسامه ودرجاته

ثمرات الإيمان بالبعث

إنَّ الإيمان بالبعث له عدة ثمرات تعود على الفرد والمجتمع، ومن هذه الثمرات:[8]

  • إنَّ الإيمان بالبعث يجعل المسلم بعيدًا كلَّ البعد عن عن المعاصي والمخالفات والبدع والظلم.
  • إنَّ الإيمان بالبعث يجعل المسلم ملازمًا للتوبة النصوح.
  • إنَّ الإيمان بالبعث يجعل المسلم مطمئنًا؛ إذ أنَّه يدرك حقيقة الدنيا وأنَّها مجرد متاع الغرور، وأنَّ الحياة الحقيقية هي حياة الآخرة، فإن وصل إلى هذا الإيمان فإنَّه يكون بعيدًا عن الجزع والخوف.

شاهد أيضًا: حكم الإيمان باليوم الآخر.. ثمرات الإيمان باليوم الآخر

وبذلك نكون قد وصلنا إلى ختام مقال حكم إنكار البعث، والذي تناولنا فيه الحديث عن حكم إنكار البعث، والأدلى على إثبات البعث، كما تمَّ الحديث عن أسباب إنكار البعث، وفي الختام تمَّ ذكر ثمرات إيمان المسلم بالبعث على الفرد والمجتمع.

المراجع

[1]الأنعام: 29-30
[2]المطففين: 10-17
[4]الأنبياء: 104
[5]يس: 81
[6]البقرة: 259