حكم ادعاء علم الغيب

حكم ادعاء علم الغيب

حكم ادعاء علم الغيب من الأحكام التي قد يتساءل حولها الكثير من البشر، وذلك نظراً لانتشار الدجالين في أرض الله الواسعة، وإنّ ممّا لا شكّ فيه هو أنّ الله سبحانه وحده من يعلم الغيب، قال تعالى في سورة لقمان: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}،[1] فما هو علم الغيب؟

علم الغيب

إنّ بيان حكم ادعاء علم الغيب يقتضي في بداية الأمر التعريف بعلم الغيب، وبيان اختصاص الخالق سبحانه وحده به، فقد أمضت البشريّة أوقاتاً كثيرة في محاولة التعرف على علم الغيب ومحاولة كشف الغيب وأسراره وخباياه، ولكنّ علم الغيب تعجز البشريّة جمعاء عن الوصول إلى أسراره إلّا ما شاء الله لهم أن يعرفوا، فهو علمٌ يختّص به الله سبحانه وحده، قال تعالى في سورة النمل: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}،[2] وعلم الغيب له نوعين:[3]

  • الغيب المطلق: وهو ما لا يعلمه إلّا الله عزّ وجل، ويكون غائبًا عن كلّ الخلق.
  • الغيب للجاهل به: وهو ما يكون من الأمور غير المعروفة عند بعض الخلق، ومعلومةٌ عند بعضهم الآخر، ولم يختصّ هذا العلم الخالق وحده به.

حكم ادعاء علم الغيب

إنّ حكم ادعاء علم الغيب من الأمور التي يتساءل حولها الكثير من الناس، فقد يدّعي بعض النّاس أنّه من الصّالحين ويعلمون الغيب، كأن يدلّ النّاس على المناطق الأنسب لحفر الآبار، وأن يتنبأ بسقوط إحدى المباني، أو أن يتنبأ بخصوبة العام من عدمه، كلّها أشياء تدفع المرء إلى أن يصدّق ذلك المدّعي في حال وقوعها، و إنّ حكم ادعاء علم الغيب يكون على أمرين:[4]

  • الأمر الأوّل: هو من كان يدّعي الغيب بلا أسباب تدفعه إلى التوقّع فهو كاهنٌ أو منجّمٌ أو رمّالٌ ونحو ذلك من المخرفين، فلا يجوز تصديقهم ولا يجوز سؤالهم عمّا قد يحدث، بل وينكر عليهم ما وقع، ويرفع أمرهم إلى الولاة فينظرون في أمرهم، يستتابوا ويعاقبوا.
  • الأمر الثاني: إذا كان دافع المرء من التنبؤ مبنيٌّ على استنتاجاتٍ وأسبابٍ واضحةٍ كأن يعرف مكان حفر البئر لدراسة طبيعة المكان فلا حرج في ذلك، على أن يقرن معرفته بمشيئة الله.

حكم من يدعي علم الغيب عن طريق التجارب وقراءة الأفكار

إنّ حكم ادعاء علم الغيب بشكلٍ عامٍّ فيه كفر، فإنّ العلم بما يكون في النفوس هو علم يختصّ به الخالق سبحانه، وصفةٌ تلازمه وحده، فهو من يعلم ما يبدي الخلق وما يكتموه في داخلهم، قال تعالى: {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}.[5] وأمّا الخلق فإنّ الغيب محجوبٌ عن معرفتهم وإدراكهم، ويكون ادعاؤهم من باب التكلف وقفو ما ليس لهم به علم، وعلى ذلك فإنّ حكم من يدعي علم الغيب عن طريق التجارب وقراءة الأفكار هو من حكم ادعاء علم الغيب وهو غير جائزٍ في الشريعة الإسلاميّة وقد يصل إلى الكفر.[6]

حكم ادعاء معرفة الغيب عن طريق بعض الأولياء

الخوض في حكم ادعاء علم الغيب يدفع إلى التعمّق أكثر في أحكام ادعاء هذه المعرفة، فكان التكهن في شريعة الإسلام حرامًا، وأحمع العلماء أنّ من ذهب إلى الكاهن وصدّقه فقد كفر، وذلك ما روي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حينما قال: “من أتى كاهِنًا فصدَّقَهُ بما يقولُ أو أتى امرأةً حائضًا أو أتى امرأةً في دُبُرِها فقد برئَ ممَّا أنزلَ اللَّهُ على محمَّدٍ”،[7] وكذلك حكم ادعاء معرفة الغيب عن طريق بعض الأولياء لا يخرج عن ذات الحكم، فالأنبياء والرسل والأولياء لا يعلمون الغيب.[8]

علم الغيب في القرآن

إنّ الخوض في الحديث عن علم الغيب وأحكامه كما أخبر بها أهل العلم نقلًا عن مصادر الشريعة الإسلاميّة، يدفع إلى الخوض في ذكر علم الغيب في القرآن الكريم، فممّا لا شكّ فيه أنّ العديد من الآيات القرآنيّة تحدّثت عن الغيب، وسيتمّ ذكر بعض هذه الآيات فيما سيأتي من السور:

  • الأنعام: قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.[9]
  • هود: قال تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.[10]
  • السجدة: قال تعالى: {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.[11]

حكم ادعاء علم الغيب مقالٌ فيه تمّ الحديث عن علم الغيب وتعريفه، وبيان أنّه علم اختصّ الله به نفسه دونًا عن العالمين، وتمّ ذكر الحكم الشرعيّ لمن يدّعي الغيب، وبيان حكم تصديقه، بالإضافة إلى ذكر بعض من مواطن علم الغيب في القرآن الكريم.

المراجع

  1. ^ سورة لقمان , الآية 34
  2. ^ سورة النمل , الآية 65
  3. ^ islamqa.info , الغيب المطلق لا يعلمه إلا الله , 14/12/2020
  4. ^ binbaz.org.sa , حكم ادعاء علم الغيب , 14/12/2020
  5. ^ سورة البقرة , الآية 33
  6. ^ islamweb.net , حكم من يدعي علم الغيب عن طريق التجارب وقراءة الأفكار , 14/12/2020
  7. ^ صحيح أبي داود , الألباتي/أبو هريرة/3904/صحيح
  8. ^ islamweb.net , حكم ادعاء معرفة الغيب عن طريق بعض الأولياء , 14/12/2020
  9. ^ سورة الأنعام , الآية 59
  10. ^ سورة هود , الآية 123
  11. ^ سورة السجدة , الآية 6

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *