ما هو حكم الأذان والإقامة للصلوات الخمس المفروضة؟

حكم الأذان والإقامة

اتَّفق الفقهاء على حكم الأَذان والإقامة في حقِّ الرِّجال، للصَّلوات الخمس المفروضة دون غيرها، وأنَّهما من خصائص الإسلام وشعائره الظَّاهرة، فلا يجوز تعطيلهما، وأنَّه لو اتَّفق أهل بلد على تركها قُوتِلُوا، وأنَّه لو صلَّى مُصَلٍّ من غير أذان ولا إقامة، فصلاته صحيحة، وهما من فروض الكفايات، إذا قام بهما من يكفي، سقط الإثم عن الباقين.                  

تعريف الأذان

الأذان في اللُّغة: الإعلام، قال تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [التَّوبة:3]، أي: إعلام، وقال تعالى: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾ [الحجُّ:27]، أي: أعلمهم به.    

الأذان في الشَّرع: الإعلام بدخول وقت الصَّلاة المفروضة، بألفاظ معلومة مأثورة، على صفة مخصوصة.

ألفاظ الأذان: “الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، أشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله، أشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاَّ الله”.

تعريف الإقامة

الإقامة في اللُّغة: مصدر أقام، وأقام الصَّلاة: أدام فعلها، وأقام للصَّلاة: نادى لها، وللإقامة في اللُّغة معانٍ عدَّة، منها: الاستقرار، والإظهار، والنِّداء، وإقامة القاعد.

الإقامة في الشَّرع: الإعلام بالقيام إلى الصَّلاة بألفاظ معلومة مأثورة، على صفة مخصوصة.

ألفاظ الإقامة: “الله أكبر، الله أكبر، أَشهد أن لا إله إلاَّ الله، أشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح، قد قامت الصَّلاة، قد قامت الصَّلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاَّ الله”.

الفرق بين الأذان والإقامة

يشترك الأذان والإقامة في أنَّ كُلًّا منهما (إعلام)، إلاَّ أنَّ الإعلام في الأذان هو للغائبين ليتأهَّبوا للصَّلاة، بينما الإعلام في الإقامة هو للحاضرين المتأهِّبين لافتتاح الصَّلاة، وصيغة الأذان قد تنقص أو تزيد عن صيغة الإقامة، على خلافٍ بين المذاهب الأربعة. 

حكم الأذان والإقامة

أجمع الفقهاء على أنَّ الأذان سنَّة مؤكَّدة، ما عدا الحنابلة، فإنَّهم قالوا: إنَّه فرض كفاية، بمعنى إذا أتى به أحد، فقد سقط عن الباقين، وفيما يلي تفصيل في حكم الأذان:

وفق الشَّافعيَّة 

الأذان سنَّة كفاية للجماعة، وسنَّة عين للفرد، إذا لم يسمع أذان غيره، فإن سمعه وذهب إليه، وصلَّى مع الجماعة أجزأه، وإن لم يذهب، أو ذهب ولم يصلِّ، فإنَّه لم يجزئه، ويسنُّ للصَّلوات الخمس المفروضة في السَّفر والحضر، ولو كانت فائتة، فلو كان عليه فوائت كثيرة، وأراد قضاءها على التَّوالي، يكفيه أن يؤذِّن أذانًا واحدًا، ولا يسنُّ الأذان لصلاة الجنازة، ولا للصَّلاة المنذورة، ولا للنَّوافل، ومثل ذلك؛ إذا أراد أن يجمع بين الظُّهر والعصر، أو المغرب والعشاء، فإنَّه يصلِّيهما بأذانٍ واحد.

وفق الحنفيَّة

الأذان سنَّة مؤكَّدة على الكفاية لأهل الحيِّ الواحد، وهي كالواجب في لحوق الإثم لتاركها، وإنَّما يسنُّ في الصَّلوات الخمس المفروضة في السَّفر والحضر للمنفرد، والجماعة أداءً وقضاءً، إلاَّ أنَّه لا يكره ترك الأذان لمن يصلِّي في بيته في المِصْر، لأنَّ أذان الحيِّ يكفيه كما ذُكِر، ولا يسنُّ لصلاة الجنازة، والعيدين، والكسوف، والاستسقاء، والتَّراويح، والسُّنن، والرَّواتب، وكذلك الوتر لا يسنُّ الأذان له.

وفق المالكيَّة 

الأذان سنَّة كفاية لجماعة تنتظر أن يصلِّي معها غيرها، بموضع جرت العادة باجتماع النَّاس فيه للصَّلاة، ولكلِّ مسجد، ولو تلاصقت المساجد، أو كان بعضها فوق بعض، وإنَّما يؤذَّن للفريضة العينيَّة في وقت الاختيار، ولو حكمًا، كالمجموعة تقديمًا أو تأخيرًا، فلا يؤذَّن للنَّافلة، ولا للفائتة، ولا لفرض الكفاية كالجنازة، ولا في الوقت الضَّروريِّ، بل يكره في كلِّ ذلك، ولا يكره الأذان لجماعَة لا تنتظر غيرها، وللمنفرد، إلاَّ إذا كان بفلاة من الأرض، ويجب الأذان كفاية في المِصْر، وهو البلد الَّذي تقام فيه الجمعة.

وفق الحنابلة

الأذان فرض كفاية في القرى والأمصار للصَّلوات الخمس المفروضة، الحاضرة على الرِّجال الأحرار في الحضر دون سفر، ولا يؤذَّن لصلاة الجنازة، ولا عيد، ولا نافلة، ولا صلاة منذورة، ويسنُّ لقضاء الصَّلاة الفائتة، وللمنفرد، سواءً كان مقيمًا أو مسافرًا، وللمسافر ولو جماعة.

أمَّا الإقامة فإنَّ حكمها كحكم الأذان المتقدِّم، وذلك عند الشَّافعية والحنفيَّة والحنابلة، لكنَّ المالكيَّة قالوا بخلاف ذلك، إِذ قالوا: الإقامة سنَّة عين لذكر بالغ، وسنَّة كفاية لجماعة الذُّكور البالغين، ومندوبة عينًا لصبيٍّ وامرأة، إلاَّ إذا كانا مع ذكر بالغ فأكثر، فلا تندب لهما، اكتفاءً بإقامة الذَّكر البالغ. 

الألفاظ ذات الصِّلة بالأذان والإقامة

هناك ألفاظ لها صلة بالأذان والإقامة، وهي: 

الدَّعوة، النِّداء: وكِلاَ اللَّفْظَيْن يتَّفق مع الأذان في المعنى العام، وهو النِّداء والدُّعاء وطلب الإِقبال.

التَّثويب: وهو الرُّجوع، والتَّثويب في الأذان هو العَوْد إلى الإعلام بالصَّلاة بعد الإعلام الأوَّل، وهو زيادة عبارة: (الصَّلاة خير من النَّوم)، مرَّتين بعد الحَيْعَلَتَيْن في أذان الفجر، وذلك عند جميع الفقهاء، أو زيادة عبارة: (حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح) بين الأذان والإقامة، وهذا عند الحنفيَّة.      

وفي ختام المقال، يتَّضح ممَّا سبق أنَّ حكم الأذان سنَّة مؤكَّدة، عند فقهاء الشَّافعيَّة والحنفيَّة والمالكيَّة، ويعتبره فقهاء الحنابلة فرض كفاية، وأنَّ حكم الإقامة مثل حكم الأذان، عند فقهاء الشَّافعيَّة والحنفيَّة والحنابلة، لكنَّ فقهاء المالكيَّة قالوا بخلاف بذلك.   

المراجع

  1. ^ الموسوعة الفقهيَّة , وزارة الأوقاف والشُّئون الإسلاميَّة
  2. ^ الوجيز في الفقه الإسلاميِّ , وهبه الزُّحيليُّ
  3. ^ الفقه على المذاهب الأربعة , عبد الرَّحمن الجزيريُّ
  4. ^ الفقه الميسَّر , عبد الله بن محمد الطيَّار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *