حكم الإجهاض في الإسلام

حكم الإجهاض في الإسلام

حكم الإجهاض في الإسلام، هو عنوان هذا المقال، ومن المعلوم أنَّ الإجهاضَ هو عبارة عن إنهاء الحمل بإسقاط الجنين أو المضغةِ من رحم المرأة، ومن المعلوم أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- قال في كتابه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}، لكن هل الإجهاضَ يعدُّ قتلًا للولد؟ وما حكمه في الشريعة الإسلاميةِ؟ هذا ما سيتمُّ بيانه في هذا المقال.

حكم الإجهاض في الإسلام

يختلفُ حكمِ الإجهاضِ في الشريعة الإسلاميةِ بحسب بعض التفاصيل، وفي هذه الفقرة من هذا المقال، سيتمُّ بيان حكمِ الإجهاضِ بشيءٍ من التفصيل، وفيما يأتي ذلك:

شاهد أيضًا: هل الجنين في بطن أمه عليه زكاة فطر

حكم الإجهاض قبل نفخ الروح

اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض بإرادة المرأة قبل نفخِ الروحِ في الجنين على أربعة أقوال، وسيتمُّ فيما يأتي ذكر هذه الأقوال:[1]

  • القول الأول: يُباح للمرأة الإجهاض قبلَ نفخِ الروحِ في الجنين مطلقًا، وهذا مذهب بعض الحنفية وقول اللخميِّ من علماء المالكية واشترط أن يكون الإجهاض قبل الأربعين يومًا، وكذلك قال به أبي إسحاق من فقهاء الشافعية، وهو قولٌ عند علماء الحنابلة حيث أباحوا الإجهاضَ في أوَّل مراحل الحملِ.
  • القول الثاني: يُباح للمرأة الإجهاض قبل نفخ الروحِ في الجنين لعذرٍ، وهذا القول هو حقيقة مذهب فقهاء الحنفية، وفيما يأتي بعض الأعذار التي تبيح إسقاط الجنين قبل نفخ الروحِ فيه:
    • انقطاع اللبن من ثدي الأم بعد ظهور الحملِ عليها وليس هنام مالٌ للأبِ يستأجر به مرضعةٌ لصغيره.
  • القول الثالث: يُكره للمرأة إسقاط جنيها قبل نفخِ الروحِ فيه مطلقًا، وهذا الرأيُ موجودٌ عن بعض فقهاء المالكية، وهو رأيٌ محتملٌ عند فقهاء الشافعية.
  • القول الرابع: يحرم على المرأة إسقاط جنينها قبلَ نفخِ الروحِ فيه، وهذا هو القول المعتمد في المذهب المالكي، وهو الأوجه عند فقهاء الشافعية، وهو مذهب الحنابلة أيضًا.

شاهد أيضًا: ما حكم إزهاق الروح عند الله

حكم الإجهاض بعد نفخ الروح

يحرم على المرأة الإجهاض بعد نفخِ الروحِ في الجنين، ولا يجوز قتله إلَّا إذا كان بقاؤه يؤدي إلى هلاك الأمِّ أو وفاتها، وهذا بإجماع أئمة المذاهب الإسلامية؛ إذ أنَّ هذا الجنين بعد أن نثفخت فيه الروح أصبحَ إنسانًا ونفسًا لها كرامتها واحترامها، ومن المعلوم أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- حرَّم قتل الإنسان حيث قال: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}،[2][3] ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ قاتل الجنين يلزمه الدية بالإضافة إلى كفارة القتل، وفيما يأتي تفصيل ذلك:

  • إنَّ دية الجنين هي عشرُ دية أمِّه، وهو ما يساوي حوالي 213 جرامًا من الذهب تقريبًا، وتُدفع هذه الدية إلى ورثة الجنين على قدر أنصبتهم، دون القاتل، فلا يرث القاتل منها شيئًا.
  • أمَّا الكفارة فتكون عبارة عن عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد القاتل فيلزمه صيام شهرين متتابعين.

حكم إجهاض الجنين المشوه في الإسلام

لا يجوز في الإسلام إجهاض الجنين المشوَّه بعد نفخ الروح فيه، مهما بلغ من التشوِّه ما بلغ، خاصةً إذا قرر الأطباء استمرار حياته، كذلك لا يجوز إجهاض الجنين الذي يُخشى عليه من التشوُّه.[4][5]

شاهد أيضًا: ما هي كبائر الذنوب

حكم إجهاض الجنين المتخلق من اغتصاب في الإسلام

لا يجوز للمرأة التي ابتُليت بالاغتصاب أن تُجهض جنينها الذي نُفخت فيه الروح؛ لأن في إجهاض الجنين بعد نفخ الروح تعد بيّن وإزهاق لنفس بريئة خلقها الله تعالى، وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم.[6]

شاهد أيضًا: استيلاء الشخص على حق غيره قهرًا بغير حق يسمى

حكم إجهاض الجنين المتخلق من الزنا في الإسلام

يحرم في الشريعة الإسلامية إجهاض الجنين المتخلق من الزنا بعد نفخ الروح فيه، ومما يدل على ذلك قصة الغامدية التي جاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليطهرها من الزنا ويُقيم الحدَّ عليها، فأمرها أن تذهب حتى تضع جنينها، ووجه الدلالة من ذلك أنَّه لم يأمرها بإسقاطه أو قتله، كما أنَّ الزنا جريمةً يجب أن يُعاقب عليها من فعلها، وليس الجنين الذي نتج عن هذا الفعل المحرَّم.[7]

شاهد أيضًا: حكم الزنا لغير المتزوج

حقوق الجنين بعد إجهاضه

ذهب الشافعية والمالكية والحنابلة إلى أنَّ الجنين الذي نُفخت فيه الروح من حقِّه أن يُغسَّل ويكفَّن وهي رواية عند الحنفية أيضًا، وهناك قولٌ آخرٌ للشافعية ذهبوا في إلى عدم وجوب تغسيل وتكفين الجنين بل يُغسل دمه ويُلفُّ بخرقة ويُدفن، أمَّا الجنين الذي لم تثنفخ الروح فيه فجمهور العلماء على عدم وجوب تغسيله وتكفينه.[8]

الحالات التي يباح فيها الإجهاض في الإسلام

يُباح في الشريعة الإسلامية إجهاضَ الجنين بعد نفخ الروح فيه في حالتين، وفيما يأتي ذكر هاتين الحالتين:[9]

  • إذا كان وجود الجنين يسبب خطرًا محققًا على حياة الأم.
  • إذا كان الجنين ميتًا في رحم أمِّه.

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي تمَّ فيه بيان حكم الإجهاض في الإسلام، سواء أكان الإهاضُ بعد نفخ الروح أم قبلها، وسواء أكان الجنينُ سليمًا أم مشوهًا، وسواء أكان الجنين تخلَّق من زنًا أو من اغتصاب، كما تمَّ بيان حقوق الجنين بعد إجهاضِه، وفي ختام المقال تمَّ بيان الحالات التي يباح فيها الإجهاضَ.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , اتجاهات العلماء في حكم الإجهاض قبل نفخ الروح , 30/5/2021
  2. ^ المائدة: 32
  3. ^ islamqa.info , الإجهاض بعد نفخ الروح , 30/5/2021
  4. ^ aliftaa.jo , يجوز إجهاض الجنين المشوه إذا كان عمره دون أربعة أشهر , 30/5/2021
  5. ^ islamqa.info , حكم إسقاط الجنين المشوَّه , 30/5/2021
  6. ^ islamqa.info , حكم إجهاض جنين من الاغتصاب بعد بلوغه مائة وعشرين يوما , 30/5/2021
  7. ^ aliftaa.jo , لا يجوز إحهاض الحمل الناتج عن الزنا , 30/5/2021
  8. ^ الفقه الميسر، عبدالله الطيار، ص468 , https://al-maktaba.org/book/33241/468 , 30/5/2021
  9. ^ islamqa.info , الحالات التي يجوز فيها للطبيب إجراء عمليات التعقيم الدائم والإجهاض , 30/5/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *