حكم الإجهاض قبل نفخ الروح

حكم الإجهاض قبل نفخ الروح، هو عنوان هذا البحث، ومن المعلوم أنَّ الإجهاض عبارة عن فقدان الجنين أو المضغة من الرحم وإنهاء الحمل، وفي هذا المقال سيتمُّ بيان حكمِ إسقاطِ الجنين قبلَ نفخِ الروحِ فيه، كما سيتمُّ بيان حكمِ إسقاطه بعد نفخِ الروحِ، ثمَّ سيتمُّ بيان أقوال العلماء في وقتِ النفخِ، ثمَّ سيتمُّ بيان مراحلِ نموِّ الجنين.

حكم الإجهاض قبل نفخ الروح

اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض بإرادة المرأة قبل نفخِ الروحِ في الجنين على أربعة أقوال، وسيتمُّ فيما يأتي ذكر هذه الأقوال:[1]

• القول الأول: يُباح للمرأة الإجهاض قبلَ نفخِ الروحِ في الجنين مطلقًا، وهذا مذهب بعض الحنفية وقول اللخميِّ من علماء المالكية واشترط أن يكون الإجهاض قبل الأربعين يومًا، وكذلك قال به أبي إسحاق من فقهاء الشافعية، وهو قولٌ عند علماء الحنابلة حيث أباحوا الإجهاضَ في أوَّل مراحل الحملِ.
• القول الثاني: يُباح للمرأة الإجهاض قبل نفخ الروحِ في الجنين لعذرٍ، وهذا القول هو حقيقة مذهب فقهاء الحنفية، وفيما يأتي بعض الأعذار التي تبيح إسقاط الجنين قبل نفخ الروحِ فيه:
  • انقطاع اللبن من ثدي الأم بعد ظهور الحملِ عليها وليس هنام مالٌ للأبِ يستأجر به مرضعةٌ لصغيره.
• القول الثالث: يُكره للمرأة إسقاط جنيها قبل نفخِ الروحِ فيه مطلقًا، وهذا الرأيُ موجودٌ عن بعض فقهاء المالكية، وهو رأيٌ محتملٌ عند فقهاء الشافعية.
• القول الرابع: يحرم على المرأة إسقاط جنينها قبلَ نفخِ الروحِ فيه، وهذا هو القول المعتمد في المذهب المالكي، وهو الأوجه عند فقهاء الشافعية، وهو مذهب الحنابلة أيضًا.

شاهد أيضًا: هل الجنين في بطن أمه عليه زكاة فطر

حكم الإجهاض بعد نفخ الروح

أجمع فقهاء المذاهب الإسلامية على حرمة الإجهاض بعد نفخِ الروحِ في الجنين، وعدم جواز قتله إلَّا إن كان بقاؤه يؤدي إلى هلاك الأمِّ ووفاتها؛ حيث أنَّ الجنين بعد نفخِ الروحِ فيه أصبحَ إنسانًا ونفسًا لها كرامتها واحترامها، ومن المعلوم أنَّه يحرم قتل الإنسان لقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}،[2][3] ولا بدَّ من التنبيه إلى أنَّ قاتل الجنين يلزمه الدية إلى جانب الكفارة، وفيما يأتي تفصيل ذلك:

• إنَّ دية الجنين هي عشرُ دية أمِّه، وهو ما يساوي حوالي 213 جرامًا من الذهب تقريبًا، وتُدفع هذه الدية إلى ورثة الجنين على قدر أنصبتهم، دون القاتل، فلا يرث القاتل منها شيئًا.
• أمَّا الكفارة فتكون عبارة عن عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد القاتل فيلزمه صيام شهرين متتابعين.

شاهد أيضًا: ما حكم إزهاق الروح عند الله

متى تُنفخ الروح في الجنين

إنَّ نفخ الروح في الجنين هي إحدى المسائل التي اختلف فيها فقهاء المسلمين، وفيما يأتي بيان أقوالهم في ذلك:[4]

• القول الأول: تُنفخ الروحُ في الجنين بعد أربعةِ أشهرٍ على مضيِّ الحمل، وهو رأيُ جمهور الفقهاء.
• القول الثاني: تُنفخ الروح في الجنين بعد أربعية يومًا على مضيِّ الحمل به.

شاهد أيضًا: لماذا سمي جبريل بالروح

مراحل نمو الجنين

أخبر القرآن الكريم عن مراحلِ نمو الجنين وذلك في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}،[5] وفيما يأتي ذكر تفاصيل كلِّ مرحلة:[6]

• النطفة: وهي ما يخرج من أصلاب الآباء لتستقرَّ في الأرحام.
• العلقة: وهي عبارة عن قطعة دمٍ تعلق في المشيمة.
• المضغة: وهي عبارة عن قطعة لحمٍ صغيرة لينة، بقدرِ ما يُمضغ من شدة صغرها.
• تكون العظام: يبدأ في هذه المرحلة تخلل العظام الصلبة قطع اللحم ليتشكَّل الهيكل العظمي للإنسان.
• إكساء العظم باللحم: وفي هذه المرحلة يكسوا الله -عزَّ وجلَّ- عظم الجنين باللحم، فيكون اللحم كساءً للعظم، والعظمِ عمادًا للحمِ.
• الإنشاء والخلق: فتُنفخ الروح في هذه المرحلة فيصبح الجمادَ حيوانًا.

شاهد أيضًا: ما المراد بالروح في قوله وأرسلنا إليها من روحنا

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي تمَّ فيه بيان حكم الإجهاض قبل نفخ الروح وبعد نفخها، كما تمَّت الإجابة على سؤال متى تُنفخ الروح في الجنين، وفي الفقرة الأخيرة من هذا المقال تمَّ بيان مراحل نموِّ الجنين.