حكم الميل على المشركين ومداهنتهم

حكم الميل على المشركين ومداهنتهم
حكم الميل على المشركين و مداهنتهم

حكم الميل على المشركين ومداهنتهم هو الموضوع الّذي سيتناوله هذا المقال، من المعروف أنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم أُرسل إلى النّاس كافّةً يدعوهم إلى طريق الحقّ والصّواب، والغاية من بعثة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هي إخراج النّاس من الظلمات إلى النّور و الأخذ بيدهم من النّار إلى الجنّة، فمن آمن به فقد فاز و من كفر فقد ضلّ و خسر.[1]

حكم المداهنة

يذكر أهل العلم في تعريف المداهنة أنّها السّكوت عمّا يجب على المرء  النّطق به، وترك ما يجب عليه فعله لغرضٍ دنيويٍّ، والمداهن كالّذي يستر على الشّيء ويظهر شيئاً عكس باطنه، كمعاشرة الفاسق و إظهار الرّضا عنه و الرّضا  بما هو فيه من غير أن ينكر عليه فسقه، و التّلطّف به وتركه على هواه والمداهنة لأهل النّفاق قولاً و فعلاً، و بالمداهنة يعظم الباطل و يكبر مرتزكاً على المداهنين، و أمّا حكم المداهنة فلقد ورد فيها أقوالٌ كثيرةٌ عن أهل العلم فهي محرّمةٌ في الحالة الطبيعيّة، كشكر الظّالم على ظلمه ليعظم عنده ففي ذلك مفسدةٌ عامّةٌ على مصلحةٍ شخصيّةٍ فهي محرّمة، و قد قيل أنّها واجبةٌ عندما تكون دافعةً لمفسدةٍ لا تدفع إلّا بها، و تكون مكروهةً لمجرّد ضعفٍ أو جبنٍ لا لضرورةٍ تقتضيها والله أعلم.[2]

حكم الميل على المشركين ومداهنتهم

إنّ من آمن بالله ورسوله وصدّق بما أنزل على نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم هم المؤمنون الفائزون، وأمّا من كفر بما أنزل به الله وأشرك بالله فعبد إلهاً غيره فقد ضلّ وخسر، وقد يحدث تعاملٌ دنيويٌّ أو احتكاكٌ بين المسلمين والمشركين في غير زمن الحرب وفي أوقات السلم، فما حكم الميل على المشركين ومداهنتهم في أمور الدّين والدّنيا، وهو تساؤلٌ يطرحه الكثير من النّاس في هذا الموضوع الحسّاس، وقد ورد عن أهل العلم أنّ أهل الكتاب من اليهود والنّصارى من أهل الكفر والشّرك وهو أمرٌ معلومٌ من الدّين، ولا يجوز أبداً المداهنة في هذا الأمر وإنكاره أو الشّكّ فيه فمن يفعل ذلك يكفر والله أعلم، إلّا من أكره على ذلك إكراهاً شديداً فإذا داهن بهذا الأمر دفعاً لمفسدةٍ عظيمةٍ فلا بأس، و أمّا مداهنة المشركين في غير أمور الدّين والعقيدة فهو محرّمٌ شرعاً، حالها كحال مداهنة أيّ ظلمٍ أو فسادٍ أو فاسقٍ بفسقه فلا تجوز المداهنة بذلك أبداً والله ورسوله أعلم.[3]

حكم دعم الكفار

إنّ حكم الميل على المشركين ومداهنتهم في أمور الدّين والعقيدة كفر، أمّا الميل على المشركين ومداهنتهم في الأمور الدّنيويّة فهو محرّمٌ شرعاً، وقد يتسائل البعض عن حكم دعم الكفار بالقول أو الفعل لإيذاء المسلمين قولاً أو فعلاً، و قد أجاب أهل العلم عن هذه التّساؤلات حيث قالوا أنّ هذا الدّعم هو من المنهيّ عنه فمنه ما يكون معصيةً فقط و منه ما يوصل إلى الكفر و العياذ بالله، فقد ورد عن أهل العلم أنّ إعانة الكفّار على المسلمين سواءً بالقتال معهم أو بإعانتهم بالمال أو السّلاح فيكون له وجهين، الأوّل هو دعمهم لمصلحةٍ شخصيّةٍ أو محبّةً لهم ورغبةً في ظهورهم على المسلمين هذه  الإعانة تعتبر كفراً مخرجاً من الملّة، أمّا أن يعين الكفّار على المسلمين بأيّ إعانةٍ ويكون ذلك خوفاً أو عداوةً بينه وبين من يقاتله الكفّار من المسلمين فهذه الإعانة محرّمةٌ وكبيرةٌ من كبائر الذّنوب والله ورسوله أعلم.[4]

مداهنة أهل الباطل

إنّ حكم الميل على المشركين ومداهنتهم في أمور الدّين والعقيدة كفرٌ ويخرج من الملّة، وفي الأمور الدّنيويّة محرّمٌ تحريماً قاطعاً إذا لم يكن فيه دفعٌ لمفسدةٍ، و مداهنة أهل الباطل محرّمةٌ إذا لم يكن فيها أيضاً دفعٌ لمفسدةٍ، و للمداهنة عواقب وخيمةٌ وآثارٌ سيّئةٌ على المُداهن و على المجتمع و على الحقّ و أهله، فأثر المداهنة على المُداهن نفسه فإنّ المداهنة تجلب له سخطاً من الله وذلك لأنّه فضّل كسب رضا النّاس على رضا الله جلّ وعلا، والمُداهن الّذي يقدر على تغيير المنكر ويسكت عنه ولم ينه عنه تحلّ عليه لعنةٌ و ذلٌّ وهوانٌ من الله سبحانه وتعالى، أمّا أثر المداهنة على المجتمع فإنّه تحلّ على المجتمع العقوبات و الهلاك، وقد يمتدّ أثر المداهنة  على أهل الحقّ فبالمداهنة يتبدّل الحقّ و يتحرّف بالمداهنة و يصدّ النّاس عن الحقّ ويقوى أهل الباطل، وتضعف الثّقة بالحقّ وأهله ويستعلي أهل الشّرّ والفساد في الأرض.[5]

حكم مودة الكفار

إنّ المداهنة هي ستر الباطل والرّضا به وإظهاره أنّه حقّ و المداهنة لأهل الباطل في الإسلام بغير عذرٍ شرعيٍّ أو دفعٍ لمفسدةٍ فهو حرام، وحكم الميل على المشركين ومداهنتهم كفرٌ و يخرج عن الملّة إذا كان في أمور الدّين والعقيدة، فما حكم مودة الكفار ومحبّتهم في الإسلام و هل في ذلك كفرٌ أم أنّه محرّم شرعاً، فقد ورد عن أهل العلم في هذه المسألة أقوالٌ كثيرةٌ فإنّ من أحبّ أهل الكفر لدينهم رضاً به  ولو في زمن السِلْم فإنّه كفرٌ ويخرج من الملّة، أمّا إن أحبّ الإنسان قوماً حبّاً خاصّاً لسببٍ خاصٍّ كأن يحبّ قوماً كافرين لقرابةٍ معيّنٍة مثلاً أو لمصلحةٍ نافعةٍ فذلك لا يجوز لأنّها معصيةٌ كبيرةٌ، و أّمّا إن أحبّهم لدينهم أو أخلاقهم و يفضّلهم على المسلمين فذلك من الرّدّة وهو كفرٌ ظاهرٌ والعياذ بالله.[6]

حكم حب المشاهير الكفار

حكم ميل على المشركين و مداهنتهم كفرٌ في حال كانت المداهنة في أمور الدّين و العقيدة، و مداهنتهم في الأمور الدّنيويّة لا يجوز فهو محرّم شرعاً، فما حكم حب المشاهير من الكفار و هل يعتبر حبّهم مداهنة، يقول أهل العلم أنّ الحب يتعلّق بالقلب و بما يتعلّق القلب به، و إنّ حب المشاهير من الكفار يعني تعلّق القلب بهم  و لا يجوز للمسلمين أن تتعلّق قلوبهم بحبّ كافرٍ مطلقاً، سواءً كان الكافر مشهوراً أو مغموراً فهما في الحكم سواء، قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: “أيُّ عُرى الإسلامِ أوثقُ؟ قالوا: الصَّلاةُ، قال: حسنةٌ وما هي بها قالوا: صيامُ رمضانَ، قال: حسنٌ وما هو به، قالوا: الجهادُ، قال: حسنٌ وما هو به، قال: إنَّ أوثقَ عُرى الإيمانِ أن تُحِبَّ للهِ وتُبغِضَ في اللهِ”،[7] فيجب على المسلم أن يكون حبّه تابعاً لمحبّة الله فيحبّ ما يحبّ الله ورسوله ويبغض ما يبغض الله ورسوله.[8]

حكم الميل على المشركين و مداهنتهم هو الموضوع الّذي تحدّث عنه هذا المقال، و ورد فيه حكم المداهنة لفاسقٍ و و لأهل الباطل و حكم دعم الكفار على المسلمين و نصرتهم، و ذكر حكم مودة الكفار و حكم حب المشاهير من الكفار.