حكم تأخير صلاة التراويح إلى آخر الليل

حكم تأخير صلاة التراويح إلى آخر الليل ؟ هو أحد الأحكام المهمّة التي يسعى المسلمون لمعرفتها، فصلاة التراويح هي صلاة القيام والطاعة التي يصليها المسلمون في شهر رمضان المبارك خاصّة، للتقرّب إلى الله تعالى ونيل مغفرته، في شهر الطاعات والبركات شهر رمضان الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتُصفّد الشياطين، فهل يجوز أن يصلي المسلم التراويح في آخر الليل، هو ما سنعرف في هذا المقال عبر موقع محتويات.

صلاة التراويح 

شُرعت صلاةُ التراويح في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذلك بناءً على ما نُقل من السنّة النبويّة الشريفة بشأنها، وقد بدأ صلاة التراويح جماعة، ثم رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد ذلك ألّا يصليها جماعةً بالمسلمين، وقد صحّ حديث عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنّ النبيّ عليه الصلاة والسّلام صلّى التراويح بالناس ثلاث مرات، وفي اليوم الرابع لم يخرج إليهم، فساله بعض الصحابة الكرام عن ذلك، فأجاب عليه الصلاة والسّلام: “خَشِيتُ أنْ تُفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمْرُ علَى ذلكَ”[1]، ومن هنا قال بعض أهل العلم أن صلاة التراويح شُرعت في آخر سنوات حياة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فلم يُذكر بعد ذلك أنّ رسول الله قد صلّاها بالناس جماعةً بعد ذلك، ولم يرد السؤال عنها، وصلاة التراويح هي إحدى الشعائر الدينية العظيمة التي يُؤديها المسلمون في شهر رمضان المبارك وقد أجمع العلماء على أنّها سنّة مؤكدة، وأول من جمع الناس لصلاة التراويح بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو الخليفة الراشديّ الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد راى أنّ الناس يصلون منفردين ومننهم من لا يُحسن القراءة، فجمعهم على إمام، ورأى أنّ ذلك أفضل من صلاتهم مُتفرّقين.[2]

شاهد أيضًا: صلاة التراويح كم ركعة وكيف تصلى

حكم تأخير صلاة التراويح إلى آخر الليل

في بيان حكم تأخير صلاة التراويح إلى آخر الليل فلا بأس في ذلك، فوقت التراويح من بعد أداء صلاة العشاء وحتى بزوغ الفجر، فصلاة التراويح هي صلاة قيام الليل والليل يمتدّ للفجر، ولكنّ الشرط أن تؤدى صلاة العشاء قبل القيام بصلاة التراويح، وقد جاء في كتاب غاية تلخيص المراد من فتاوى ابن زياد في هذا الموضوع: “وقت التراويح بين أداء العشاء وطلوع الفجر، فلو صلاها قبل أداء العشاء فإن كان عالماً لم تنعقد، أو جاهلاً يحتمل وقوعها نفلاً مطلقاً، كمن صلى سنة الظهر ظاناً دخول وقتها فبان عدمه، ويحتمل وهو الأوجه عدم انعقادها”، إذًا فلا حرج في أداء صلاة التراويح في وقت متأخر من الليل، ولكن الشرط فقد هو أن تكون بعد أداء صلاة العشاء وقبل طلوع الفجر، والله تعالى أعلم.[3]

شاهد أيضًا: متى يكون الدعاء في صلاة التراويح

فضل صلاة التراويح

صلاة التراويح من النوافل المُؤكَّدة عند المالكية، وهي من النوافل التي تُسَنّ لها الجماعة عند الشافعية وتُعَدّ من السُّنَن المُؤكَّدة عندهم، وفيما يأتي سنذكر بعض الأمور في فضل صلاة التراويح، وهي كالآتي:[4]

• تثبيت الإيمان في قلب المؤمنين: شهر رمضان دورة روحية كاملة لمن اجتهد في أداء فرائضه ونافلته على أكمل وجه وبه يمتلئ قلب المؤمن نورًا وتقوى وفي قيام ليله وصلاة التراويح غذاء للقلب بنور الإيمان وتعويد للمسلم على حسن الإقبال على الله وتثبيتًا للإيمان في قلبه.
• نيل ثواب قيام الليل كاملًا: يسن للمرء قيام رمضان في جماعة والبقاء مع الإمام حتى إتمام الصلاة؛ لينال بذلك ثواب قيام ليلة كاملة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الرَّجلَ إذا صلَّى معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ حسبَ لَه قيامُ ليلةٍ”.[5]
• بلوغ ليلة القدر: ليلة القدر هي إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان، وهي خير الليالي والعمل الصالح فيها خير من العمل الصالح في ألف شهر لقوله تعالى: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ”[6] ومن اجتهد في أداء صلاة التراويح في ليالي شهر رمضان وخصوصًا في العشر الأواخر فسوف ينال بإذن الله ثواب هذه الليلة ويُدرك فضلها فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مَن يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.[6]
• مغفرة الذنوب: إنَّ قيام شهر رمضان إيمانًا واحتسابًا يغفر به الذنوب فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”،[7] فإذا قام المسلم رمضان مصدقًا بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضله ومحتسبًا ثوابه عند الله ومخلصًا يريد مرضاة الله وغفرانه حصل على عظيم الأجر والثواب من مغفرة ذنوبه السابقة بإذن الله.
• التقرّب لله تعالى: إنَّ صلاة القيام هي أفضل الصلوات بعد الصلاة المكتوبة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ”،[8] وصلاة القيام في شهر رمضان أفضل شهور السنة من العبادات التي تقرب العبد من الله عز وجل يقول الحافظ ابن رجب أنَّ المؤمن في رمضان يكون بين جهادين الصوم في النهار والصلة في الليل، ومَن جمع بينهما فاز بالأجر العظيم.

شاهد أيضًا: متى تبدا صلاة التراويح ومتى تنتهي 

كم عدد ركعات صلاة التراويح

ورد في صفة صلاة النبي صلّى الله عليه وسلّم من الليل أنّه كان يُصلّيها إحدى عشرة ركعة، إلّا أنّه لا حرج على مَن زاد على ذلك؛ إذ لم يُحدّد النبيّ عليه الصلاة والسلام لصلاة التراويح عدداً يجعل الزيادة عنه ممنوعة، وللعلماء في عدد ركعات التراويح آراء، وهي كما يأتي:[9]

• جمهور أهل العلم: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ عدد ركعات صلاة التروايح عشرون ركعة، فيُصلّي الإمام بهم عشرين ركعة يُسلّم بين كلّ اثنتَين منها، ويستريحون بعد كلّ أربع ركعات، ويختم الإمام التراويح بصلاة الوتر جماعة. وقد استدلّ الجمهور بجَمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- المسلمين على إمامٍ واحدٍ يُصلّي بهم التراويح عشرين ركعة، وكان أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه إمامهم بتعيينٍ من عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
• المالكيّة: ذهب المالكية إلى أنّ عدد ركعات التراويح تسع وثلاثون ركعة يستريحون بين كلّ أربع ركعات منها تسع مرّات؛ إذ تكون ستّاً وثلاثين ركعة، ويختمونها بثلاث ركعات وتر وقد صلّى أهل المدينة هذا العدد لأنّهم أرادوا أن يُساووا أهل مكّة في الفَضل؛ حيث كان أهل مكة يطوفون حول الكعبة سبعة أشواط بعد كلّ أربع ركعات؛ فزاد أهل المدينة أربع ترويحات مكان كلّ أسبوع؛ والأربع ترويحات تبلغ ستّ عشرة ركعة، فإذا أُضيفت إلى العشرين أصبحت بذلك ستّاً وثلاثين ركعة.

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة التراويح في المنزل

أدعية صلاة التراويح

سنذكر فيما يأتي أدعية يستحبّ الدعاء بها في في صلاة التراويح، وهي كالآتي:

• اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا.
• اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمتَ الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضاء بعد القضاء، وأسألك بَرْد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين.
• كذلك اللهم إنك عفو كريم تحب العفو، فاعفُ عني.
• اللهم ربنا لك الحمد أنت قيّم السماوات والأرض، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم: لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك خاصمت، وبك حاكمت، فاغفر لي: ما قدمت، وما أخرت، وأسررت، وأعلنت، وما أنت أعلم به مني، لا إله إلا أنت.
• و كذلك اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات.

شاهد أيضًا: كم ركعة صلاة الوتر

حكم صلاة التراويح في المنزل للرجال

إنّ صلاة التراويح هي من الصلوات النوافل التي تصح من الرجل في بيته، وذكر أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قد جمع الناس عليها أوّل الأمر ثمّ اجتمع النّاس بعد ذلك ليصلي بهم التراويح فلم يخرج إليهم عليه الصلاة والسلام؛ خشية أن تُفرض عليهم، وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جُمع الناس على صلاة التراويح جماعة خلف إمام واحد.

وهكذا نكون قد عرفنا حكم تأخير صلاة التراويح إلى آخر الليل، وبيّنا كذلك ما هي صلاة التراويح، وما فضل من يؤدي هذه الصلاة في رمضان، وما أجرها العظيم عند الله تعالى، وأخيرًا عرفنا كم عدد ركعات صلاة التراويح، وما هي الأدعية التي يستحبّ الدعاء بها في صلاة التراويح.