حكم دعاء اصحاب القبور وطلب الرزق من الاموات والاستغاثة بهم

حكم دعاء اصحاب القبور وطلب الرزق من الاموات

حكم دعاء اصحاب القبور وطلب الرزق من الاموات من الأحكام الشرعيّة التي يبحث عنها المسلمون في الكثير من الأوقات، وخاصّةً من تعلّقت أفئدتهم وعقولهم بأشخاص كانوا لهم في أوقاتهم من الذّكر أحسنه، ومن العمل أفضله، ومن العبادة أكثرها وأجودها؛ فلذا يتسارع الناس في التشبّه بهم، والاقتداء بهم في كل وقتٍ وحينٍ، وفيما يلي سنتعرّف على حكم الاستعانة بالأموات وطلب الرزق من الاموات.

فضل الدعاء

الدّعاء هو طلب فعل الشيء من الأدنى إلى الأعلى، والأمر هو طلب فعل الشيء من الأعلى إلى الأدنى، والدعاء يكون تضرُّعًا وتبتُّلًا لله-عز وجل- للاستعانة به، وتوفيقه، وإرشاده إلى القيام بأمرٍ من الأمور، فلا مُستعانٍ إلا الله، ولا مُرشدٍ إلا هو، وقد قال -تعالى- مُخاطبًا نبيّه-صلى الله عليه وسلم-:” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”[1]، فالله -تعالى- أقرب للمرء من حبل الوريد، ومفهوم منطوق هذه الآية يُستظهر من خلاله قُرب ربّ العباد من عباده، وأنه يستجيب دعوة الدّاعين إذا دعان، وسبب الرّشاد هو الإيمان بالله وحده لا شريك له، وأن من يحيد عن طريق الجادة، سيخسر الدُّنيا والآخرة، فرضا الله هي الغاية القُصوى التي ينبغي للمرء أن يسعى لها.

حكم دعاء اصحاب القبور وطلب الرزق من الاموات

المُعين هو الله-عز وجل- والرزّاق هو الله، والمُهيمن هو الله، وقد أفتى العلماء بأن دُعاء أصحاب القبور، وطلب الرزق منهم إنما هو من قبيل الشّرك بالله؛ لأن دعاء غير الله إشراك مع الله شُركاء، وفي ذلك يقول الحق-سبحانه-:” وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ”، كما أن هذا يُدخل الإنسان في مصائب لا يستطع أن يتحملّها؛ فيزداد تعلُّقه بهؤلاء المقبورين، ويبتعد عن الله، ومن سلك هذا الطّريق؛فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذابًا مهينًا، فمن هُنا وجب على الإنسان أن يبتعد عن ذلك.

وأن يكون على اقتناع تام أن الناس لو اجتمعوا أن يضرّوه بشيءٍ لن يستطيعوا أن يضرُّه إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليه، ولن يُقدّموا لهم نفعًا إلا بشيءٍ قد كتب الله له، فقد كان ابن عباس-رضي الله عنهنا- خلف النبي-صلى الله عليه وسلم-:” يابُني، إني أعلمك كلماتً؛ فاحفظها: إذا سألت؛ فأسأل الله، وإذا استعنت؛ فاستعن بالله، واعلم أن الأمة إذا اجتمعت على أن يضرّوك بشيء لن يضُرّوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، وإذا اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، رُفعت الأقلام، وجفت الصّحُف”، فمن هنا نستشفّ أن لا مُستعان إلا الله، ولا مُتوكّل عليه غير الله، ولا مسؤول بحقٍّ إلا رب الناس.[2]

حكم دعاء الاموات والاستغاثة بهم

يذهب الكثير من الناس إلى قبور الأشخاص الصالحين الذين اشتُهروا بالصّلاح بين الناس، والذين كان لهم عظيم الأثر في مجتمعاتهم، وهذا غير جائزٍ في الشّريعة الإسلاميّة، بل إنه من الموبقات التي تودي بصاحبها إلى أشدّ العقاب، فهو بذلك يجعل لله شريكًا يظُن أنه سيُعينه على النوائب، أو أنه سيستغيث به في ما اعترته من مواقف وأحداث، ولعل الحُرمة في النيّة، فإن كان هذا الرّجل يذهب إلى القبر تبرُّكًا بهذا الرجل الصالح، مع عدم اعتقاده بأن في يده النفع أو الضرّ، أو أنه قادرٌ على تغيّر حاله إلى حالٍ أفضل من الحالة الأولى، أما إذا كان الرجل يعتقد اعتقادًا جازمًا بأن هذا الشخص قد ينفع من دون الله، أو قد يضُرّ غيره بغير إذنه-تعالى-؛ فهذا من قبيل الشّرك، والله-تعالى- لا يغفر أن يُشرك به، ويغفر ما دون ذلك من يشاء.[3]

أنواع الدعاء

يدُور الجذر اللغوي لكلمة الدعاء إلى الطلب والابتهال، ومن هذا الجذر اللغوي يُمكن استنباط قسمان للدعاء، وهما: دعاء العبادة ودعاء المسألة، فأما دعاء العبادة فيكمُن في العبادات كالصلاة، والحج، والصوم، وغيرهم، وقد قال الله-تعالى-:”وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”[4]، فالله يأمر عباده أن يدعوه؛ حتى يستجيب لهم، وأن من يستكبر عن عبادته-تعالى- مأواه جهنّم وبئس المصير.

كما أن الصلاة في اللغة بمعنى الدّعاء، فأقرب ما يكون العيد من ربه وهو ساجد، وأما دعاء المسألة، فقد يكون المسؤول حيًّا، وهذا جائز؛ لأنه قد يطلب منه فعل أمرٍ، وهو قادرٌ على فعله، وهذا يُسمى في اللغة العربية التسوية، لأنه طلب من المساوي له، أما إن كان من الأدنى إلى الأعلى؛ فهو من قبيل الدعاء.

وأما إن كان ميّتًا؛ فالداعي بين أمرين، الأمر الأول: إن كان معتقدًا أن الضرر والنفع بأمر هذا الميت، مع الاعتماد على الله؛ فهذا كفر بيّنٌ، وأما إن كان يذهب هذا المكان تبرّكًا به، ويعلم تمام العلم أنه لا يملك النفع والضر من دون الله، وأن من بيده ملكوت كل شيء هو رب العباد؛ فهذا لا حرج فيه.

ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرف على حكم دعاء اصحاب القبور وطلب الرزق من الاموات ، وما هو الدعاء وتعريفه، وعلى ما يدور الجذر اللغوي للفظ الدعاء، وما هما قسما الدعاء، وما هو دعاء العبادة، وما هو دعاء المسالة، وما الفرق بينهما، وما الحكم لو دعا المسلم لأصحاب القبور مع علمهم أنه يملك النفع والضر، وما الحكم إذا كان في اعتقاده أنهم لن ينفعوه إلا بشيء قد كتب الله له، وما هي الأدلة على ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية المُطهّرة.

المراجع

  1. ^ سورة البقرة , الآية:186
  2. ^ islamweb.net , دعاء الأموات بين الإشراك والابتداع , 11/11/2020
  3. ^ binbaz.org , حكم دعاء الأموات , 11/11/2020
  4. ^ سورة غافر , الآية:60

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *