ما هي الكبائر التي لا تغفر

ما هي الكبائر التي لا تغفر

ما هي الكبائر التي لا تغفر ؟ هو عنوان هذا المقال، ومعلومٌ أنَّ كلَّ ابن آدم خطاء، ولا يوجد آدميٌ على وجه الأرض لم يقم بفعلِ معصيةٍ، لكن ما هي المعاصي التي لا يغفرُها الله ؟ وهل التوبة تغفرُ هذه الذنوب؟ وما هي شروط التوبةِ؟ وما تعريف كبائرَ الذنوبِ؟ كلُّ هذه الأسئلة سيتمُّ الإجابة عليها في هذا المقال.

ما هي الكبائر التي لا تغفر

لا بدَّ أولًا من التنبيه إلى أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يغفر جميع الذنوب مهما كبرت إذا تاب الإنسان منها توبةً نصوحةَ، لكن إذا لم يتب العبد من الذنب فهناك ذنوبًا لا يغفرها الله تعالى له، وفي هذه الفقرة من هذا المقال سيتمُّ ذكرها، وفيما يأتي ذلك:[1]

شاهد أيضًا: فضل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

الشرك بالله

فقد جاء ذلك في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا}،[2] وتدلُّ الآية الكريمة دلالةٌ واضحةٌ على أنَّ العبد إذا مات على الشرك فإنَّ الله -عزَّ وجلَّ- لا يغفر له هذا الذنب؛ إذ أنَّ الشركَ يعدُّ إفتراءً عظيمًا على الله.[3]

شاهد أيضًا: تفسير الأرواح جنود مجندة ما تشابه منها ائتلف وما تناكر منها اختلف

حقوق العباد والظلم بينهم

كذلك حقوق العبادِ تعدُّ من الذنوب التي لا يغفرها الله -عزَّ وجلَّ- إلَّا إذا تاب منها المسلم وأرجع هذه الحقوق إلى أصحابها، أو إذا أسقط صاحب الحقِّ حقَّه وعفى عنه، وقد جاء ما يُوضح ذلك في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “تدرون من المفلسُ ؟ قالوا : يا رسولَ اللهِ المفلسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ ، قال : إنَّ المفلسَ من أمتي من يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وزكاةٍ وصيامٍ وقد شتم هذا وضرب هذا وأخذ مالَ هذا فيأخذُ هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه فإن فَنِيَتْ حسناتُه قبل أن يقضيَ ما عليه أخذ من سيئاتهم فطُرِحَ عليهِ ثم طُرِحَ في النارِ”.[4][5]

شاهد أيضًا: قصص عن فضل لا إله إلا الله وحده لا شريك له

القتل

أمَّا الذنب الثالث الذي لا يغفره الله -عزَّ وجلَّ- هو القتل، فإذا لم يتب القاتل من هذا الذنب اقتصَّ الله -عزَّ وجلَّ- منه يوم القيامة، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يجيءُ المقتولُ بالقاتلِ يومَ القيامةِ ناصيتُهُ ورأسُهُ بيدِهِ وأوداجُهُ تشخَبُ دمًا يقولُ يا ربِّ هذا قتلَني حتَّى يُدنيَهُ منَ العرشِ”.[6][7]

شاهد أيضًا: تفسير يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

هل يغفر الله الكبائر بعد التوبة

من رحمة الله -عزَّ وجلَّ- بعباده أنَّه فتح لهم باب التوبةِ في أيِّ وقتٍ ما دامت الروح لم تغرغر، وما دامت الشمس لم تطلع من مغربها، وبناءً على ذلك فإنَّ التوبة النصوحة تغفر للمسلم جميع الذنوب مهما كبرت، ودليل ذلك قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.[8]

شاهد أيضًا: حكم الإجهاض قبل نفخ الروح

شروط التوبة النصوح

بعد بيان الذنوب التي لا يغفرها الله ما دام المسلم لم يتب منها، وبعد بيان أهمية التوبة في حياة العبد، فلا بدَّ من بيانِ شروطِ التوبةِ النصوح ليكون المسلم على بينةٍ من أمره ويتوبَ توبةً صحيحة، وفيما يأتي ذلك:[9]

  • الشرط الأول: الندم على ما ارتكب.
  • الشرط الثاني: الإقلاع عن المعصية وتركها خوفًا من الله عزَّ وجلَّ.
  • الشرط الثالث: العزم على عدم العودة إلى تلك المعصية.

شاهد أيضًا: شروط لا اله الا الله باختصار والدليل على كل شرط من تلك الشروط

ما هي كبائر الذنوب

تعرَّف كبائر الذنوب على أنَّها كلَّ ما كبر من الذنوب وعظم من المعاصي، وضابطها أنَّ كلَّ ذنبٍ وضع الله -عزَّ وجلَّ- له حدًا في الدنيا أو وعيدًا في الآخرة، ولا بأس في هذا المقام من ذكر بعض كبائر الذنوب، وفيما يأتي ذلك:[10]

  • ﺍﻟﺴﺤﺮ: وهي عبارة عن ﻋﺰﺍﺋﻢ ﻭﺭﻗﻰ ﻭﻋﻘﺪ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ أﺑﺪﺍﻥ البشر ﻭقلوبهم، فتسبب المرض، ﻭالقتل، والتفريق ﺑﻴﻦ الزوجين، وقد جاء ذكر السحر في قوله تعالى: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}.
  • الربا: وهو عبارة عن دفع زيادةٍ في أحد البدَلَين إن كانا من صنفٍ واحدٍ، أو تأخير تقابُض أحدهما، وقد ورد ذكر الربا في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ*وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
  • أكل مال اليتيم: وهو عبارة عن القيامِ في إضرارِ اليتيمِ في مالِه، سواء أكان هذا الضرر ناتج عن أكل ماله أو عن طريق إتلافه، وقد ورد هذا الذنب في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}.
  • التولي يوم الزحف: وهو عبارة عن فرار أو هرب المسلمَ من المعركةِ حال لقاء العدو ومواجهته، وقد وردت عقوبة من فعل هذا الذنب العظيم في قوله تعالى: {ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ* وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
  • قتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق: ويعدُّ قتل النفس من كبائر الذنوب؛ إذ أنَّه اعتداءٌ على على صنع الله -عزَّ وجلَّ- وقد وردت عقوبة قاتل النفس في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}.
  • الشرك بالله: وهو عبارة عن اتخاذِ شريكٍ مع الله -عزَّ وجلَّ- في ربوبيته وألوهيته، ويعدُّ الشرك بالله من أكبر الكبائر، وهو الذنب الذي لا يغفره الله -عزَّ وجلَّ- لمن مات عليه وقد جاء ذكره في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}.
  • قذف المؤمنات المحصنات الغافلات: وهو عبارة عن الرمي بالفاحشة لمن هو بريءٌ منها، وقد بين الله تعالى عقوبة رمي النساء العفيفات اللواتي لا يُمكن حصو الفاحشة منهنَّ بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.

شاهد أيضًا: ما هي أركان شهادة أن لا إله إلا الله والإثبات

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي تمَّت فيه الإجابة على سؤال ما هي الكبائر التي لا تغفر ؟ كما تمَّت الإجابة على سؤال هل يغفرُ الله الكبائرَ بعدَ التوبةِ، كما تمَّ ذكر شروط التوبةِ النصوح، وفي ختام هذا المقال تمَّ ذكر بعض كبائر الذنوبِ.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , حقوق العباد لا يغفرها الله إلا أن يتنازل عنها صاحب الحق , 19/8/2021
  2. ^ النساء: 48
  3. ^ islamweb.net , حقوق العباد لا يغفرها الله إلا أن يتنازل عنها صاحب الحق , 19/8/2021
  4. ^ الزواجر، الهيتمي المكي، 181/1، حديث صحيح
  5. ^ islamweb.net , حقوق العباد لا يغفرها الله إلا أن يتنازل عنها صاحب الحق , 19/8/2021
  6. ^ صحيح الترمذي، الألباني، عبدالله بن عباس، 3029، حديث صحيح
  7. ^ islamqa.info , مغفرة الله للقاتل التائب خاصة بحق الله ، أما حق المقتول فلا بد من أدائه , 19/8/2021
  8. ^ الزمر: 53
  9. ^ islamway.net , ارتكبت الكثير من الكبائر وأنا نادم وأريد التوبة , 19/8/2021
  10. ^ binbaz.org.sa , شروط التوبة النصوح , 19/8/2021
  11. ^ alukah.net , اجتنبوا السبع الموبقات , 19/8/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *