من الولي وما الطريق إلى ولاية الله تعالى

من هو الولي وما طريق الولاية إلى الله تعالى

من الولي وما الطريق إلى ولاية الله تعالى سؤال مهم قد يتبادر إلى ذهن الكثير من المسلمين، والمقصود بالوليّ هو القريب من الله، وهو مَن باع الغالي والنفيس في سبيل الله تعالى، وأما الطريق إلى ولاية الله تعالى، فهو عبادته حق العبادة، والإكثار من القُربات والنوافل، وفي مقالنا التالي سنتحدّث عن تعريف الولي وصفاته، وكيف يصل العبد إلى الولاية، وحكم من زعم الولاية، وصفات الأولياء، وأفضلهم، ومقياس الولاية، وجزاء مَن يعادي أولياء الله.

حكم من زعم ولاية الله تعالى وهو مخالف لها

لقد زعم بعض الأشخاص بأنهم أولياء لله تعالى، وأنهم يتظاهرون بمعرفة المستقبل والمخفي زورًا وبهتانًا، وزَعْم ولاية الله تعالى هو نوع من النفاق، وخداع الناس بالولاية المزيفة الكاذبة، والإيمان المغشوش، وادّعاء الولاية من أخطر الأمور وأكثرها ضررًا على العقيدة والعقول، وهي نوع من النفاق والكفر، وقد يتم كشف الكفر بسهولة ويُسر، وأما التصنّع والرياء وادعاء الولاية فهو من الأمور الصعب كشفها، لذا فإن الأشخاص مدّعي الولاية هم أشخاص منافقين، والنفاق نوع من الكفر والتظاهر بالإيمان، وقد جعل الله تعالى المنافقين ومدّعي الولاية في الدّرك الأسفل من النار.[1]

شاهد أيضًا: حكم زعم ولاية الله تعالى

من الولي وما الطريق إلى ولاية الله تعالى

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، يقول الله تعالى:  {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.[2]

والمقصود بالآية الكريمة: أن الوليّ هو كل مَن كان مؤمنًا تقيًا صالحًا، وهم على درجتين: السابقون المقرّبون، وأصحاب اليمين المقتصدون، وأما السابقون المقرّبون فهم الذين يتقرّبون إلى الله تعالى بالنوافل التي يحبها ويرضاها بعد أدائهم للفرائض، ويدخل في باب النوافل فعل المستحبات، وترك المكروهات، مثل القيام بصلاة التطوّع والصدقة، وصلة الرّحم، وإماطة الأذى عن الطريق.

وأما أصحاب اليمين، فهم المتقربون إلى الله تعالى بالفرائض والتاركون للنواهي والمحرّمات، ويدخل في هذا الباب الواجبات الاعتقاديّة مثل إخلاص التوحيد لله تعالى في جميع الأقوال والأفعال، وأداء الصلاة في وقتها، والزكاة، والصيام، وبرّ الوالدين، والحج، وترك الزنا وشرب الخمر، والابتعاد عن الغش والكذب والخيانة والغدر وشهادة الزّور، وبذلك نرى أن الطريق إلى ولاية الله تعالى تحصل بالإيمان، وتقوى الله تعالى، والقيام بما فرضه الله تعالى علينا، وترك ما نهانا عنه، وكلما قام العبد بالنوافل ارتفعت درجة ولايته عند الله تعالى، وزاد قربه منه سبحانه وتعالى.

لذا فإنه ليس شرطًا أن يكون الوليّ معصومًا عن الخطأ لا يقع في الذنوب، ولكن أولياء الله تعالى عند فعلهم للذنب فإنهم يسارعون بالرجوع والتوبة إلى الله تعالى ويطلبوا مغفرته ورضوانه.[3]

شاهد أيضًا: التوبة إلى الله تعالى

من أفضل الأولياء؟

إنّ أفضل أولياء الله تعالى هم الأنبياء والمرسلين، وأفضل المرسلين هم أولو العزم، منهم سيدنا نوح عليه السلام، وموسى، وعيسى، وإبراهيم، ومحمد صلى الله عليه وسلم، وأفضل أولو العزم هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين وشفيع الخلائق يوم القيامة، الذي بعثه الله تعالى بأفضل الكتب، وأحسن الشرائع، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس.

وقد اتفق جميع أئمة السلف الصالح على أن الأنبياء أفضل من الأولياء الذين ليسوا من الأنبياء، فالصحابة كلهم أولياء لله تعالى وأفضل الأولياء السابقين الأولين وهم الخلفاء الأربعة، وأفضلهم أبو بكر الصديق ثم وعمر بن الخطاب، وأفضل، أولياء الله وأكملهم معرفة بما أنزل الله على نبيه محمد، وأكثرهم اتباعًا لما جاء به الله تعالى ورسوله، وأكمل الأمة في معرفة دين الله تعالى واتباعه والعمل به هو أبو بكر الصديق، فهو أفضل أولياء الله تعالى.[4]

شاهد أيضًا: من مكانة الأولياء والصالحين في الإسلام

صفات أولياء الله

من أبرز الصفات لأولياء الله تعالى نذكر:[5][6]

  • الذين إذا رأيتهم ذكرت الله.
  • أولياء الله تعالى هم أهل القرآن الكريم وحَفَظته.
  • روّاد المساجد، وعمّار بيوت الله، مَن يتوجّهون إلى المساجد ليلاً والناس نيام.
  • مَن يُشْهَد لهم بالخير.
  • هم مَن يتركون الشهوات والمباحات.
  • المتواضعون، الذين لا يتكبّرون على خلق الله تعالى.
  • الّذين يدعون ربهم أن يصرف عنهم عذاب جهنم.
  • الذين لا يبذروا ولا يسرفوا في الإنفاق.
  • من لا يدعون مع الله إلهًا آخر.
  • هم الذين لا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق.
  • الّذين لا يشهدون الزّور.
  • هم الّذين إذا مرّوا باللغو مروا كراما.
  • الّذين إذا ذكّروا بآيات الله تعالى لم يمرّوا عليها كأنهم لم يسمعوها ولم يروها.
  • والّذين يدعون الله تعالى أن يرزقهم الذرية الصالحة التي تقرّ أهينهم بها.
  • ومَن يدعون ربهم أن يجعلهم إمامًا للمتّقين.

شاهد أيضًا: مَن هم خاصة الله وأهله

المقياس الحقيقي للولاية يتمثل في

يتمثّل المقياس الحقيقي للولاية، بالإيمان بالله تعالى، وبنبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، واتباع الرسول في الظاهر والباطن، وتقديم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم على أيّ محبة في الدنيا بعد محبة الله سبحانه وتعالى، فمن يحب الله تعالى ولا يحب رسوله لكريم، لا يمكن أن يكون من أولياء الله تعالى وخاصته.

وأيضًا المقياس الحقيقي للولاية يكون في اتباع أوامر الله تعالى، واجتناب كل ما نهي عنه من محرّمات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بالواجبات الدينيّة على أكمل وجه، وأيضًا القيام بالنوافل، وكل عمل يقرّب إلى الله تعالى.[7]

جزاء من يعادي أولياء الله

لقد توعّد الله تعالى مَن يعادي أوليائه بالمحاربة والعذاب الشديد، ففي الحديث النبوي الشريف عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (قال تعالى: من عادى لي وليًا فقد بارزني بالمحاربةِ ، وما تقرب إليّ عبدي بمثلِ أداءِ ما افترضته عليه ، ولا يزالُ عبدي يتقربُ إليّ بالنوافلِ حتى أحبَّه ، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به وبصرَه الذي يُبصِرُ به ويدَه التي يَبطشُ بها ورجلَه التي يمشي بها ، فبي يسمعُ وبي يُبصرُ وبي يَبطشُ وبي يمشي ، ولئن سألني لأُعطينه ولئن استعاذني لأُعيذنه ، وما ترددت في شيءٍ أنا فاعلُه ترددي في قبضِ نفسِ عبدي المؤمنِ يكرهُ الموتَ وأكرهُ مساءتَه ولابدَّ له منه).[8]

معاداة أولياء الله ليس المقصود بها التنازع في الحقوق الماليّة والأعمال العاديّة، وإنما  المعاداة تكون لاستقامة هؤلاء الأولياء ، وخضوعهم لله تعالى، ووقوفهم عند حدوده، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، لذا فإن معاداة أولياء الله تعالى، هي محاولة للسعي في الفساد في الأرض، وهو ظلم لعباد الله تعالى، ومحاربة لأولياء الله تعالى الذين تولاهم بنصره وأحبهم وأيدهم، فمن عاداهم ، فقد عادى الله تعالى وحاربه، ومن حارب وليًا فقد آذنه بأنه محاربه بنفس المعاداة، لذا يجب أن يحذر المسلم من إيذاء قلوب أولياء الله تعالى أو معاداتهم لأي أسباب بعيدة عن الحق، وكل مؤمن ولي من أولياء الله تعالى يجب موالاته ومحبته في الله، ويحرّم معاداته أو ظلمه بأي نوع من الظلم أو الأذى النفسي أو الجسدي، بل عدّ بعض العلماء الاعتداء على أولياء الله تعالى من كبائر الذنوب، ومن هؤلاء العلماء الإمام الذهبي، والإمام الهيتمي.

شاهد أيضًا: حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لقد تعرّفنا في مقالتنا السابقة على من الولي وما الطريق إلى ولاية الله تعالى ، وحكم مَن زعم هذه الولاية، ومَن هم أفضل أولياء الله تعالى وما هي أهم صفاتهم، وبماذا يتمثّل المقياس الحقيقي للولاية، وما هو جزاء مَن يعادي أولياء الله تعالى.[9]

المراجع

  1. ^ alukah.net , ادعاء الولاية , 20-12-2021
  2. ^ سورة يونس , 62/63 , 20-12-2021
  3. ^ islamweb.net , صفات أولياء الله والطريق لنيل ولايته سبحانه وتعالى , 20-12-2021
  4. ^ dorar.net , مسألة: من أفضل الأولياء؟ , 20-12-2021
  5. ^ alukah.net , صفات أولياء الله وعلامات حسن الخاتمة (خطبة) , 20-12-2021
  6. ^ alukah.net , من صفات أولياء الله تعالى , 20-12-2021
  7. ^ almuheet.net , المقياس الحقيقي للولاية يتمثل في , 20-12-2021
  8. ^ مجموع الفتاوى , المحدث: ابن تيمية، الراوي: أبو هريرة، الجزء والصفحة: 25/316، خلاصة حكم المحدث: صحيح التخريج : أخرجه البخاري (6502) باختلاف يسير  , 20-12-2021
  9. ^ alukah.net , من أقوال العلماء: لنحذر من: (من عادى لي وليًا فقد آ>نته بالحرب) , 20-12-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *