هل يجوز الخروج على ولاة المسلمين

هل يجوز الخروج على ولاة المسلمين

هل يجوز الخروج على ولاة المسلمين؟ من الأسئلة الشرعية المهمة التي يجب وينبغي للمسلمين كافةً التعرف على إجابتها، فالدين والشريعة الإسلامية جاءت لتنظّم حياة الناس بأدقّ تفاصيلها، حيث شرّعت الأحكام والتعاليم التي فيها مصلحة المسلمين ومنفعتهم في الدنيا والآخرة، وممّا نظّمه الإسلام الحكم وطريقته فوضّح واجبات المسلمين تجاه الحاكم وبيّن لهم حقوقهم عنده، ومن خلال موقع محتويات سيتمّ بيان حكم الخروج على الحاكم بالأدلّة الشرعية من القرآن والسنّة.

هل يجوز الخروج على ولاة المسلمين

ذهب الكثير من أهل العلم أنّه لا يجوز الخروج على ولاة المسلمين حتّى لو ظلموا وجاروا بالسّيف إذا لم يصل ظلمهم وجورهم إلى الكفر البواح أو ترك الصلاة أو الصد عنها أو قيادة المسلمين بغير كتاب الله، وقد اعتمد أهل العلم على القاعدة الشرعية التي تقول: “إنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه” وقد فصّل أهل العلم في هذا المسألة وذكروا عدّة جوانب وأحكام وأمور، ويمكن تلخيصها بما يأتي:[1]

  • على المسلمين أن يأمروا بالمعروف وينهون عن المنكر باليد واللسان والقلب، باشتراط القدرة والاستطاعة، ولا يكون إنكار المنكر بمنكرٍ أشدّ منه.
  • على المسلمين وجوبًا إقامة شعائر الإسلام من الحج والصلاة والجمعة والعيدين مع الإمام وإن كان فاسقًا، فهذا حقٌّ من حقوق الله التي لا يمنعها جورٌ ولا عدل.
  • يحرم على المسلمين الخروج على الإمام العادل، ومن خرج عليه فهو في حكم الباغي.
  • يجب طاعة الإمام المقصّر والذي تصدر منه المخالفات الشرعية، أو التساهلات فيها، فيُطاع ويُنصح ولا يحلّ الخروج عليه.
  • أمّا الإمام الفاسق المبتدع الظالم، الذي يأتي الكبائر، إلا ترك الصلاة، فيظلم الناس وينشر البدع فهو يُطاع في حقّه وما أمر به من طاعة الله، ولا يُطاع في معصية ويُنصح ويُنكر عليه معصيته، ويجوز عزله بطريقةٍ سلمية بشرط القدرة التامة من المسلمين على تجنّب مفسدة في ذلك.
  • أمّا الوليّ الكافر المرتد الذي ترك الصلاة أو صدّ عنها فهذا يجل الخروج عليه إذا كان لدى المسلمين القدرة عليه، أمّا لو لم يملكوا القدرة فلا خروج لهم لما يترتب بذلك مفسدةً أعظم والله ورسوله أعلم.

شاهد أيضًا: معتقد أهل السنة فى حكم مناصحة الحكام أنه

حكم الخروج على الحاكم ابن باز

تمّ طرح مسألة هل يجوز الخروج على ولاة المسلمين على الشيخ ابن باز رحمه الله، ليكون جوابه أن النصوص الشرعية دلّت على وجوب طاعة أولي الأمر من المسلمين، حيث وردت الكثير من الآيات القرآنية التي تدلّ على وجوب ذلك، وكذلك الأحاديث في السنة النبوية الشريفة تشير إلى أنّ طاعة وليّ الأمر لازمة وهي فريضة في المعروف، ويجب على المسلمين التقيد بطاعة ولي الأمر في طاعة الله ولا يُطاعون في معصية، ولكن لا يجوز أن يخرجوا عليهم لمعصية، ولا يجوز منازعتهم، لما يكون في ذلك مفسدة في الأرض وسوء ترجع عاقبته على المسلمين، وبه تختلّ الموازين ويختلّ الأمن وتضيع الحقوق، ولا يجوز في الشريعة درء الشر بالشر، أما إذا كان الإمام كافرًا كفرًا بواحًا وكان لدى المسلمين القدرة على عزله من غير نشر الفساد والبعد عن المقتلة في المسلمين، فلو ترتب الخروج على الولي الكافر فسادًا أعظم لا يجوز الخروج عليه والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: ما حكم طاعة ولي الامر مع الدليل

الأدلة الشرعية في حكم الخروج على ولاة المسلمين

نصّت الكثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، على أنّ طاعة ولي الأمر واجبة، ولا يجوز الخروج عليهم إلا بكفرهم كفرًا بواحًا وقدرة المسلمين عليهم، وممّا ورد في ذلك ما يأتي:

  • قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلً}. [3]
  • عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إلا مَن وليَ علَيهِ والٍ فرآهُ يأتي شَيئًا مِن معصيةِ اللَّهِ فليَكْرَهْ ما يَأتي مِن معصيةِ اللَّهِ ولا ينزِعَنَّ يدًا مِن طاعةٍ”. [4]
  • وقد قال صلى الله عليه وسلم: “مَن خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وفارَقَ الجَماعَةَ فَماتَ، ماتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً”. [5]
  • وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ السَّمْعُ والطَّاعَةُ فِيما أحَبَّ وكَرِهَ، إلَّا أنْ يُؤْمَرَ بمَعْصِيَةٍ، فإنْ أُمِرَ بمَعْصِيَةٍ، فلا سَمْعَ ولا طاعَةَ”. [6]

شاهد أيضًا: اجتماع المسلمين في سقيفة بني ساعدة هو نموذج

واجبات الرعية تجاه الإمام

ببحث المسلمين عن هل يجوز الخروج على ولاة المسلمين، فلا بدّ لهم التعرف على واجبات الرعية تجاه الإمام المسلم، والتي حدّدها أهل العلم ببعض الواجبات الهامّة، ومنها:[7]

  • من واجبات الرعية تجاه الإمام طاعته بالمعروف، فطاعة ولي الأمر واجبة على المسلمين ما لم يأمرهم بمعصية، فلو كان أمره مرتبطًا بمعصية فلا يجوز للمسلمين طاعته، وقد ورد عن ابن قدامة قوله: “السَّمعُ والطَّاعةُ لأئِمَّةِ المُسلِمينَ وأُمَراءِ المُؤمنينَ بَرِّهم وفاجِرِهم، ما لم يَأمُروا بمَعصيةِ اللهِ؛ فإنَّه لا طاعةَ لأحَدٍ في مَعصيةِ اللهِ”.
  • من واجب الرعية تجاه ولي الأمر أن يؤدّوا الصلاة خلفه إن كان برًّا وإن كان فاجرًا، وعليهم أن يجاهدوا معه، فقد ورد عن بعض أهل العلم قوله: “يَرَى أصحابُ الحَديثِ الجُمُعةَ والعيدَين وغَيرَهما من الصَّلَواتِ خَلفَ كُلِّ إمامٍ مُسلِمٍ، برًّا كان أو فاجِرًا، ويَرَونَ جِهادَ الكَفَرةِ مَعَهم وإن كانوا جَوَرةَ فَجَرةٍ، ويَرَونَ الدُّعاءُ لَهم بالإصلاحِ والتوفيقِ والصَّلاحِ”.
  • من واجب رعية المسلمين تجاه ولي الأمر عدم الخروج عليه ما لم يكفر كفرًا بواحًا، وهذا ما تمّ بيانه بالأدلة فيما سبق.

شاهد أيضًا: ما الدليل من الكتاب والسنة على وجوب طاعة ولاة الأمر

متى يجوز الخروج على الحاكم

حدّد أهل العلم في مسألة هل يجوز الخروج على ولاة المسلمين حالةً واحدة يجوز فيها الخروج على الحاكم، وهي مقيّدةٌ بشروط وأحكام، وتكون فقط في حال كان الحاكم كافرًا كفرًا بواحًا، أو دعا للكفر أو صدّ عن إقامة الصلاة ومنعها، ويشترط مع هذا وجود القدرة عند المسلمين أن يزيلوه ووضع إمامٍ مسلمٍ صالح بدلًا منه دون الإفساد في الأرض وإضاعة الحقوق وإخلال الأمن وظلم الناس، فلو لم يتحقق الأمران سيقود ذلك لفسادٍ في الأرض وظلمٍ كبير، وفي هذه الحال وجب على المسلمين الصبر والسمع والطاعة في المعروف، ومجاهدتهم في تخفيف الشر وتقليله ونصح ولاة الأمر ودعوتهم والدعاء لهم بالخير والله أعلم.[8]

شاهد أيضًا: ما الدليل على تحريم الخروج على ولاة الامر

أنواع الخروج على الحاكم

إنّ الخروج على ولاة الأمر له الكثير من الصور والأحوال المتفاوتة، ومنها ما يكون بعدم الإقرار بولايته وإمامته، ومنها ما يكون بالتّحذير منه وتحريض الناس عليه، ومنها ما يكون بعدم طاعته ومساعدته في أمره، والصورة الإدل هي منابذته ومقاتلته بالسّيف والسلاح، وتكون للخارجين على الإمام صورٌ كثيرة، فقد يكونون خوارج أو بغاة أو قطاع طرقٍ ومفسدين، أو رجال عدلٍ يخرجون على إمامٍ جائرٍ بموجب ما يدعوا للخروج عليه، ولكن لا يجوز الخروج على ولاة المسلمين مطلقًا سواءً كانوا عادلين أو فاسقين أو جائرين، إلا أن يرتكبوا الكفر البواح فيه دليلٌ وبرهان والله أعلم.[9]

بهذا نصل لنهاية مقال هل يجوز الخروج على ولاة المسلمين، والذي تمّ فيه بيان رأي الشريعة الإسلامية في حكم الخروج على الحاكم، وتوضيح متى يجوز الخروج عليه، وتسليط الضوء على واجبات الرعية تجاه ولي الأمر، وختم بذكر أنواع الخروج على الحاكم، مستشهدًا بالأدلة الشرعية الصحيحة.

المراجع

  1. ^ islamweb.net , حكم الخروج على الحاكم , 01/03/2022
  2. ^ binbaz.org.sa , هل اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم؟ , 01/03/2022
  3. ^ سورة النساء , الآية 59
  4. ^ تخريج كتاب السنة , الألباني/ عوف بن مالك الأشجعي/ 1071/ إسناده صحيح
  5. ^ صحيح مسلم , مسلم/ أبو هريرة/ 1848/ صحيح
  6. ^ صحيح مسلم , مسلم/ عبد الله بن عمر/ 1839/ صحيح
  7. ^ dorar.net , واجِباتُ الرَّعيةِ تِجاهَ الإمامِ , 01/03/2022
  8. ^ islamqa.info , هل يجوز الخروج على الحاكم ؟ , 01/03/2022
  9. ^ al-eman.com , أنواع الخروج على الحاكم , 01/03/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *