ما الحكمة من تحريم الزنا

ما الحكمة من تحريم الزنا
ما الحكمة من تحريم الزنا

ما الحكمة من تحريم الزنا هو سؤالٌ سنقوم بتوضيح إجابتها وبيانها، حيث أنَّ الشريعة الإسلامية هي شريعة كاملة لا خلل فيها أو نقص، وإنَّ لكل حكم من أحكامها حكمة إلاهية ومصلحة كامنة، وقد يُظهره الله تعالى لنا هذه الحكمة وقد يُخفيها، ومن خلال هذا المقال سنقوم بالتعريف بما هو الزنا، كما سنذكر الحكمة من تحريم الزنا في الإسلام، وعقوبة كل من الزاني والزانية، وكذلك سيتم بيان أنواع الزنا وكفارته.

ما هو الزنا

هو أحد الذنوب العظيمة والكبائر التي نهى عنها الدين الإسلامي، وأمر بالابتعاد عنها بشكل قطعي، وأمَّا فعل الزنا فهو القيام بعلاقة جنسية مع امرأة أجنبية دون وجود عقد زواج بينهما، وقد عرَّفه أهل العلم كالتالي: “يتحقق بتغييب رأس الذكر في فرج محرم مشتهى بالطبع من غير شبهة نكاح، ولو لم يكن معه إنزال”، فإذا ثبت هذا الأمر على الإنسان بشهادة أربع شهود وجب عليه إقامة حد الزنا.[1]

ما الحكمة من تحريم الزنا

إنَّ الحكمة من تحريم الزنا في الشريعة الإسلامية هي الحفاظ على النسل، والحفاظ على العرض، وصون وحماية المرأة وحقوقها، والحماية من الأمراض والأوبئة، وكذلك حماية الأسرة ومنع حصول الجريمة في المجتمع، وفيما يلي سنقوم بشرح كل سبب من هذه الاسباب بشكل مُفصل.[2]

حفظ النسل

إنَّ فعل الزنا هو سبيل لاختلاط الأنساب وجهل النسل، وإنَّ استباحة هذه الأفعال تُؤدي إلى إدخال الإنسان لمن هو ليس من أهله وصلبه وأبنائه إلى أسرته ومعاملته معاملة الأبن ومنحه حقوقًا ليست من حقوقه كالأرث والنسب، وكذلك فإنَّ فعل الزنا يُؤدي إلى اختلاط المحارم ومعاملة من هو اجنبي على أنَّه من الأهل والمحارم، وإنَّ ذلك أمرٌ مُحرَّم وغير جائز.

حفظ العرض

إنَّ الفطرة الإنسانية السليمة تقوم على الغيرة على العرض، والسعي لحفظه وصونه من المُحرَّمات، وإنَّ تجاهل أمر العرض والاستهانة بكون الزوجة أو الأم أو البنة سلعة رخيصة وتسلية ومتعة لرجال أجانب هو أمرٌ ينزل عن مستوى الإنسانية، وينزل إلى مرتبة الحيوانات التي ليس لديها هذه الفطرة الإنسانية، إنَّ تحريم الزنا جاء ليحفظ العرض ويصونه من شر الرذيلة وقبحها.

صون حق المرأة

جاء الدين الإسلامي ليرفع من مكانة المرأة ويفرض التشريعات التي تُعيد لها كرامته وحقوقها المسلوبة، فقد كانت المرأة في الجاهلية سلعة رخيصة ومتعة للرجال ومتاعًا يقومون بتوريثه، وإنَّ تحريم الزنا جاء ليحفظ كرامة المرأة ويُعيدها لها، ويُؤكد على حقها في الزواج الشرعي والإنجاب الشرعي، دون حصول أي إهانة أو تصغير أو تحقير لدور المرأة ومكانتها في المجتمع.

الحماية من الأمراض

إنَّ الزنا وتعدد العلاقات غير الشرعية هو أمرٌ يُؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة في المجتمع، حيث أنَّ من المُلاحظ في وقتنا الحالي انتشار بعض الأمراض الجنسية التي ارتفعت نسبتها في البلاد التي تكثر فيها الفواحش والرذيلة والزنا، ولعلَّ انتشار مرض الإيدز في هذه البلاد وكونه المُسبب الأول للوفاة فيها هو أكبر دليل على ذلك، وإنَّ الحكمة من تحريم الإيدز تكمن في منع انتشار مثل هذه الأمراض.

حماية بناء الأسرة

إنَّ الزواج وتشكيل الأسرة هو أمرٌ حثَّت عليه الشريعة الإسلامية، وجعلت المودة والرحمة هما أساسٌ لهذا البناء العظيم، وإنَّ حصول الزنا داخل المنزل أو خروج الزو أو الزوة إلى علاقات مُتعددة خارج الإطار الأسري يهدم المودة والألفة في بناء الأسرة، ويُؤدي إلى الكثير من التوتر والمشكلات وبالتالي يُؤدي إلى تشتت الأسرة، بالإضافة إلى احتمال حصول أطفال غير شرعيين نتيجة هذه العلاقات.

منع الجريمة

إنَّ فعل الزنا هو من الأفعال المُستقبحة في الفطرة والمُحرمة في الشريعة، وإنَّ انتشار الزنا في المجتمعات يُؤدي إلى انتشار الجرائم والقتل فيها، حيث أنَّ زنا الزوجة قد يصل بالزوج إلى قتلها والعكس صحيح، وكذلك قد يقتل الزاني من زنا بها، أو قد تقتل الزانية من زنت معه، لذا فإنَّ فعل الزنا يُؤدي بشكل من الأشكال إلى حصول الجرائم والقتل فيه، لذا فقد حرّمه دين الإسلام.

حكم الزنا في الإسلام

إنَّ الزنا من الفواحش العظيمة وكبائر الذنوب والآثام، وقد حرَّم الله تعالى الزنا وكل ما يُؤدي إليه من الأفعال والأقوال، كما توعَّد للزاني والزانية بمضاعفة العذاب وتعظيمه يوم القيامة والخلود في نار جهنم إلا لمن تاب توبة صادقة، وذلك لما للزنا من حُرمة، وقد بيَّن الله تعالى ذلك في قوله في كتابه الكريم: “وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا *يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا[3]، ولله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: ما هي الكبائر التي لا تغفر

دليل تحريم الزنا

ورد دليل تحريم الزنا في الكثير من النصوص الشرعية من آيات قرآنية وأحاديث نبوية ومن ذلك نذكر:

  • قوله تعالى في سورة الإسراء: “وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً”[5].
  • قول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في حديثه الشريف: “إذا زنى الرجلُ خَرَجَ منه الإيمان، كان عليه كالظُّلَّةِ، فإذا انقَطَعَ رَجَعَ إليه الإيمانُ”[6].

عقوبة الزاني والزانية

إنَّ عقوبة الزاني في الإسلام هي عقوبة في الدنيا وعقوبة في الآخرة، وإنَّ العقوبة أو الحد في الدنيا تختلف إذا كان الزاني متزوجًا أو لا، وفيما يلي نُوضّح ذلك:[7]

  • حد الزاني غير المتزوج: إذا ثبت فعل الزنا على المرء عند القاضي وجب عليه الحد وهو أن يُجلد مئة جلدة، ومن ثم يُنفى من بلده لمدة عام كامل.
  • حد الزاني المتزوج: أمّا من ثبت عليه الزنا وهو متزوج فإنَّ الحد الذي يُقام عليه هو الرجم بالحجارة حتى الموت.
  • عقوبة الزنا في الآخرة: إنَّ مضاعفة العذاب يوم القيامة هو مصير الزاني، وكذلك الخلود في نار جهنم إلا لمن تاب إلى الله تعالى.

كفارة الزنا للمتزوج

إنَّ الزنا من الفواحش الكبيرة التي حرَّمها الله تعالى لحكم كثيرة ومُتعددة، وإنَّ الزنا للمتزوج هو أعظم إثمًا وأشد ذنبًا من زنا غير المتزوج؛ لذا فإنَّ عقوبته أكبر وأشد وأعظم، وإنّ الزنا للمتزوج ليس له كفارة إلا التوبة الصادقة المُخلصة النصوح إلى الله تعالى، والعزم على عدم العودة إلى هذا الإئم وإلى كل ما يُؤدي إليه، وطلب المغفرة من الله تعالى والإكثار من الاستغفار، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: “وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ”[8]، والله أعلم.[9]

كفارة الزنا

ليس للزنا كفارة ماديّة أو ظاهرة سواء أكان هذا الفعل من متزوج أو غيره، وإنَّ التوبة الصالحة والعزم على عدم العودة إلى هذا الفعل هو السبيل الأول إلى تكفير ذنب الزنا بإذن الله تعالى، وذلك لما ورد في سورة الفرقان من وصف لعقوبة الزنا واستثناء التائبين إلى الله تعالى من هذه العقوبة، وذلك في قوله تعالى: “إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا”[10]، والله أعلم.

أنواع الزنا

إنَّ للزنا في الإسلام نوعان أساسيان، يختلف الحكم بينهما، وهما كالتالي:[11]

  • الزنا الحقيقي: وهو أن يحصل الوطء والجماع بين رجل وامرأة ليس بينهما صلة زواج أو عقد نكاح، وهو زنا يوجب إقامة الحد على فاعله.
  • الزنا المجازي: وهو من الذنوب العظيمة أيضًا والتي تستوجب التوبة الصادقة لكنه لا يستوجب إقامة الحد على فاعله، ومن أنواع الزنا المجازي زنا اللسان، زنا العين أو النظر، وزنا التمني واشتهاء ما هو مُحرَّم، وزنا اللمس.

شاهد أيضًا: حكم زواج من يخاف على نفسه الزنا

بعد بيان أنواع الزنا نكون قد وصلنا إلى ختام المقال الذي بيَّن ما الحكمة من تحريم الزنا ، وشرح الأسباب التي جعلت الزنا مُحرمًا في الإسلام، كما عرَّف بعقوبة الزاني المتزوج وغير المتزوج، وذكر كفارة الزنا للمتزوج وغير المتزوج، بالإضافة إلى توضيح الأدلة الشرعية التي تُؤكد على تحريم الزنا.

المراجع

[1]islamweb.netتعريف الزنا15/01/2022
[3]سورة الفرقانالآيات 68، 69.
[5]سورة الإسراءالآية 32.
[6]صحيح أبي داودأبو هريرة، الألباني،4690، صحيح.
[8]سورة الشورىالآية 25.
[10]سورة الفرقانالآية 70.