سنن عيد الاضحى وأحكام الاضحية

سنن عيد الاضحى

سنن عيد الاضحى وأحكام الاضحية من الأمور التي ينبغي على كلّ مسلمٍ أن يُلمّ بها، فقد سنّها المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- لاتّباعها من بعده في عيد الأضحى من كلّ عام، وفي المقال سيتمّ تسليط الضوء على سنن عيد الأضحى، وأحكام الأضحية وما يسنّ بعد ذبحها، فهي ما يذبح من بهيمة الأنعام في هذا العيد تقرّبًا لله -سبحانه وتعالى- وإحياءً لسنّة إبراهيم عليه السلام، والمكروهات التي ينبغي على المسلم الابتعاد عنها في الأضحية ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، كما أنّه سيتمّ عبر موقع محتويات الخوض في الحديث عن صلاة عيد الاضحى كما وردت في الكتاب والسنّة النبوية الشريفة.[1]

سنن عيد الاضحى

إنّ سنن عيد الأضحى والأحكام الواردة فيه متعدّدة ومختلفة، فقد منّ الله -سبحانه وتعالى- على أمّة الإسلام في العيدين بالكثير من السنن التي ينتهي بها المسلم خيرًا وافرًا، كما أنّه لا يحيد عن الطريق القويم في فرحة العيد، ومن أهمّ هذه الأحكام والسنن كما وردت في كتب الأثر:[2]

  • التكبيرات التي يسنّ أن تبدأ مع دخول ذي الحجةّ، ويستحبّ ألّا تترك من صبيحة يوم عرفة وحتّى غروب شمس آخر أيام التشريق.
  • الرخصة في اللعب بما لا يكون في معصية الخالق، وذلك ما صحّ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: “قدمَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما فقالَ ما هذانِ اليومانِ قالوا كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ”.[3]
  • أن يحضر الرجال عامّةً والنساء ما استطعن إلى صلاة عيد الأضحى، وذلك ما أمر به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهي من السنن المؤكّدة.
  • أن يحضر المرء خطبة العيد إذا ما أراد ذلك، وله حريّة الانصراف دون حرج، وقد روى في ذلك عبدالله بن السائب -رضي الله عنه- في الصحيح من الحديث، فقال: “شهِدتُ العيدَ مع النَّبيِّ فلمَّا قضى الصلاةَ، قال: إنَّا نخطُبُ، فمَن أَحبَّ أن يَجلسَ للخُطبةِ فليجلسْ، ومَن أحبَّ أنْ يذهبَ فليذهبْ”.[4]
  • الاغتسال، وقد رُوي في الحديث الصحيح: “سألَ رجلٌ عليًّا رضي اللهُ عنهُ عن الغُسْلِ قال اغْتَسِلْ كلَّ يومٍ إن شئتَ فقال لا الغُسْلُ الذي هو الغُسْلُ قال يومَ الجمعةِ ويومَ عرفةَ ويومَ النَّحرِ ويومَ الفطرِ”.[5]
  • ومن سنن عيد الأضحى لبس الثياب الحسنة، وهو ما سنّه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في العديد من الأحاديث الصّحيحة.
  • الخروج سيرًا على الأقدام لقصد المسجد في صلاة العيد، ومخالفة طريق العودة لطريق الذهاب.
  • لا يجوز الصّيام في العيدين، كما أنّه إذا كان العيد يوم الجمعة لا ضير في أن يترك الجمعة، ويصلّيها ظهرًا في حال حضوره لخطبة العيد.
  • ذبح الاضاحي إن كان المرء مقتدرًا، ويسنّ التأخير في الأكل حتّى يأكل المرء من أضحيته.
  • التهنئة للمسلمين والدعاء بالقبول الحسن.

اقرأ أيضًا: كيفية صلاه الضحى بالخطوات

أحكام الاضحية والمضحي

إنّ من أعظم سنن عيد الاضحى هو ذبح الاضاحي، والتي تعدّ من الشعائر العظيمة في الدّين الإسلاميّ، فالاضحية في الاصطلاح ما يذبحه المرء في أيّام عيد الاضحى قربانًا وطاعةً لله سبحانه وتعالى، وهي مشروعةٌ في الكتاب الكريم والسنّة النبويّة الشريفة، قال تعالى في سورة الكوثر: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}،[6] وهي على إجماع جمهور أهل العلم سنّةٌ مؤكّدةٌ على المقتدر، وقد ذهب بعض العلماء إلى وجوب الأضحية، وذلك استنادًا لبعض الأحاديث، منها مارواه مخنف بن سليم عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “على أهلِ كلِّ بيتٍ أنْ يذبَحوا شاةً فِي كُلِّ رجبٍ، وفي كُلِّ أضْحَى شاةٌ”،[7] لذا الأفضل لكلّ مسلمٍ مقتدرٍ أن يداوم عليها ما استطاع لذلك سبيلًا، وللأضحية أحكامٌ وشروطٌ يجب الاستناد إليها:[8]

  1. أن تكون الاضحية من الإبل أو البقر أو الغنم، والغنم هو الضأن والماعز أو الخروف، وذلك لقوله تعالى في سورة الحج: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}،[9] والأنعام هي ما سلف ذكره من الأصناف.
  2. أن تكون الاضحية قد أكملت السنّ الشرعيّ لقبولها كأضحية، وهي أن تكون ثنيًا من البقر والمعز والإبل، وجذعًا من الضأن، والثني من الإبل من أتمّ الخمس سنين، ومن البقر ما أكمل السنتين، ومن المعز أو الغنم ما أكمل السنة، والجذع في الضأن هو ما أتمّ الستُّ أشهر.
  3. أن تكون الاضحية ممّا جمعت صفات الكمال في البدن والصحّة والعقل، وقد جاء في الحديث الصخيح: “سألتُ البراءَ بنَ عازبٍ ما لا يجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ قامَ فينا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأصابعي أقصرُ من أصابعِه وأناملي أقصرُ من أناملِه فقالَ أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى قالَ قلتُ فإنِّي أكرَه أن يَكونَ في السِّنِّ نقصٌ قالَ ما كرِهتَ فدعهُ ولا تحرِّمهُ علَى أحدٍ”.[9]
  4. أن يكون ذبح الاضحية في الوقت الشرعيّ لذبح الاضاحي، فمن سنن عيد الاضحى وأحكام الاضحية أن يبدأ الذبح بعد صلاة عيد الأضحى وينتهي مع غروب شمس آخر أيام التشريق.

اقرأ أيضًا: متى ينتهي التكبير المطلق

أحكام المضحي

الحديث عن أحكام الاضحية وسنن عيد الاضحى يدفع إلى الخوض في الحديث عن أحكام المضحي، فالأحكام التي تتعلّق بالمضحيّ متعدّدةٌ ومختلفة، وفيما يأتي بعضٌ من أهمّ الأحكام التي جاءت بها الشريعة الإسلاميّة في حقّ من المضحي:[11]

  1. الامتناع عن تقليم الأظافر وحلق الشعر، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “منْ رأى هلالَ ذي الحجةِ، فأراد أنْ يُضحِّي، فلا يأخذْ منْ شعرهِ، ولا منْ أظافرِهِ، حتى يُضحِّيَ”.[12]
  2. أن يلتزم المضحي بالوقت الشرعيّ لذبح أضحيته، قال عليه الصلاة والسلام: “مَن ذبَح قبْلَ الصَّلاةِ فلْيذبَحْ مكانَها أخرى ومَن لم يذبَحْ حتَّى صلَّيْنا فلْيذبَحْ على اسمِ اللهِ”.[13]
  3. أن يتّبع الإحسان في الذبح وأن يضجعها على شمالها ويتوجّه بها نحو قبلته، كما يسن أن يذبحها بيده، فإن لم يستطع يُسنّ أن يشاهد ذبح أضحيته.
  4. أن لا يشحذ المضحي سكينته أمام أضحيته، وأن لا يذبحها أمام أنظار الأخريات من صنفها.
  5. أن يُخلص النيّة لله سبحانه ويدعو بما سنّه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بقول: “بسمِ اللهِ واللهُ أكبرُ ، اللهم هذا منك ولك”.[14]
  6. ومن سنن عيد الاضحى وأحكام المضحي أن يأكل المضحي من أضحيته، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إذا ضَحَّى أحدُكم فلْيَأْكُلْ من أُضْحِيَتِهِ[15]

اقرأ أيضًا: متى يبدأ التكبير المطلق والمقيد وما الفرق بينهم

ما يسن بعد ذبح الاضحية

بعد الحديث عن سنن عيد الاضحى لا بدّ من الخوض في الحديث عمّا يُسنّ لمن أراد التضحية بعد ذبح أضحيته، وممّا لا شكّ فيه أنّ السنّة بعد ذبح الأضحية أن يأكل المضحي منها أوّلًا ومن ثمّ يطعم البائس الفقير والأقارب والأصدقاء، ويهدي منها ما أراد، قال تعالى في سورة الحج: “{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}”،[16] وقد روى بريدة -رضي الله عنه- قال: “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان لا يَخرُجُ يومَ الفِطرِ حتى يَطعَمَ، وكان لا يَأكُلُ يومَ النَّحْرِ شيئًا حتى يَرجِعَ فيَأكُلَ من أُضحيَتِه”،[17] وهو حديثٌ حسنٌ يؤخذ به.[18]

اقرأ أيضًا: صيغه التكبير في عشر ذي الحجه

مكروهات الاضحية في عيد الاضحى

إن سنن عيد الاضحى وأحكامها بما يشمل الاضحية يدفع إلى ذكر المكروهات في الاضحية في هذا العيد، فمن المعروف أن الأفضل في الاضحية هي الإبل ثم البقر فالضأن فالمعز، والأفضل فيها الأسمن والأكمل جسدًا وعقلًا، وأمّا عن مكروهات الاضحية فتكره العضباء ذات القرن أو الإذن المقطوعة، والمقابَلة والمدابَرة ذات الأذن المشقوقة من الجهة الأمامية أو الخلفية، وتكره الشرقاء والخرقاء ممّا شُقّت أذنها على طولها أو التي خرقت، وتكره المصفرة والمستأصلة ممّا قطعت أذنها أو ذهب بكلّ قرنها، كما تكره البخقاء التي ذهب بصرها والمشيَّعة، كما تكره مقطوعة الذنب أو مقطوع الذكر وما قطع من أليته، وتكره ما سقطت أسنانها أو قطع شيءٌ من حلمات ثديها، وهي المكروهات في الاضحية في عيد الاضحى.[19]

اقرأ أيضًا: افضل الاعمال في عشر ذي الحجة

صلاة عيد الاضحى

إنّ من سنن عيد الاضحى صلاته، وهي صلاة العيدين ذاتها لا فرق بينها وبين صلاة عيد الفطر، وتُقام صلاة عيد الاضحى بعدما ترتفع الشمس بمقدار رمح، أو ما يكون من الوقت بعد زوال حمرة الشمس، وهي ركعتان يبدأ في الأولى بسبع تكبيراتٍ غير تكبيرة الإحرام ثمّ يقرأ سورة الفاتحة وما تيسّر من القرآن، وفي الركعة الثانية يكبّر المصلّي خمسًا ومن ثمّ تقرأ سورة الفاتحة وماتيسر من القرآن، وتنتهي الصلاة بعد ذلك، فيقوم الإمام ليخطب بالنّاس خطبة العيد ويعظهم للابتعاد في هذا العيد عن معصية الله سبحانه، وقد روى أبو سعيد الخدريّ رضي الله عنه: “كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْرُجُ يَومَ الفِطْرِ والأضْحَى إلى المُصَلَّى، فأوَّلُ شيءٍ يَبْدَأُ به الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، والنَّاسُ جُلُوسٌ علَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ، ويُوصِيهِمْ، ويَأْمُرُهُمْ، فإنْ كانَ يُرِيدُ أنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ، أوْ يَأْمُرَ بشيءٍ أمَرَ به، ثُمَّ يَنْصَرِفُ”،[20] وهو حديثٌ صحيح.[21]

سنن عيد الاضحى وأحكام الاضحية مقالٌ فيه تمّ بيان مفهوم الاضحية في الاصطلاح وذكر الأحكام الشرعيّة التي جاء بها الإسلام في الأضحية والمضحيّ، كما تمّ بيان المكروهات في الاضحية، وذكر سنن عيد الاضحى وصلاة عيد الأضحى.

المراجع

  1. ^ www.alukah.net , خطبة عيد الأضحى (قصة الذبيح والأضحية) , 18/06/2023
  2. ^ www.alukah.net , أحكام عيد الأضحى , 18/06/2023
  3. ^ صحيح أبي داود , الألباني/أنس بن مالك/1134/صحيح
  4. ^ إرواء الغليل , الألباني/عبدالله بن السائب/629/صحيح
  5. ^ إرواء الغليل , الألباني/زاذان أو زادان/1/177/إسناده صحيح
  6. ^ سورة الكوثر , الآية 2
  7. ^ صحيح الجامع , الألباني/مخنف بن سليم/4029/صحيح
  8. ^ www.islamweb.net , أحكام الأضحية , 18/06/2023
  9. ^ سورة الحج , الآية 34
  10. ^ صحيح أبي داود , الألباني/عبيد بن فيروز الديلمي/2802/صحيح
  11. ^ www.alukah.net , أحكام المضحي , 18/06/2023
  12. ^ صحيح النسائي , الألباني/أم سلمة أم المؤمنين/4373/صحيح
  13. ^ صحيح ابن حبان , ابن حبان/جندب بن عبدالله البجلي/5913/أخرجه في صحيحه
  14. ^ إرواء الغليل , الألباني/جابر بن عبدالله/1152/صحيح
  15. ^ الجامع الصغير , السيوطي/أبو هريرة/732/صحيح
  16. ^ سورة الحج , الآية 28
  17. ^ تخريج سنن الدارقطني , شعيب الأرناؤوط/بريدة/1715/حسن
  18. ^ www.islamweb.net , من سنة الأضحية الأكل منها بعد ذبحها , 18/06/2023
  19. ^ www.saaid.net , أحكام الأضحية والذكاة , 18/06/2023
  20. ^ صحيح البخاري , البخاري/أبو سعيد الخدري/956/صحيح
  21. ^ www.islamweb.net , كيفية صلاة العيدين , 18/06/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *