هل التخاطر حرام
جدول المحتويات
هل التخاطر حرام هو أحد الأحكام الشرعيّة المهمة التي يجب أن نكون على دراية بها، فقد كان ولا زال هذا الموضوع محل جدل كبير بين العلم والدّين، وفي مقالنا التالي سوف نتعرّف إلى فيما هل التخاطر حرام، وأنواع التخاطر في الإسلام، وأمثلة على التخاطر من السنة النبويّة الشريفة.
هل التخاطر حرام
التخاطر هو الاتصال بواسطة قوة الفكر فقط بصورة غير ماديّة أو ملموسة بين شخصين، بحيث يستقبل كل واحد منهما رسالة الآخر العقليّة في نفس الوقت الذي يُرسلها إليه الآخر، وبمعنى آخر هو: معرفة أي شخص منهما بما يدور في رأس الشخص الآخر من مشاعر وأحاسيس، فالتخاطر من الظواهر المتعلّقة بالإدراك الفائق، أو إدراك ما وراء الحس وأفكار، ولكن هل التخاطر حرام؟؟ إذا أن ظاهرة التخاطر من الظواهر التي لا زالت موضع خلاف وبحث بين العلماء والدّارسين، ولا يستطيع أحد الجزم بأنها غير صحيحة، لأنها ليس فيها مخالفة للشرع والعقل، وهي من الأمور التي لا زالت محل بحث وخلاف بين العلماء والدّارسين لمثل هذه الأمور، وكل فريق يحاول تأييد قوله بحكايات وتجارب ونماذج تثبت أو تنفي مثل هذه الظواهر.
والباحث في موضوع التخاطر، سيُدرك أن هذه الظواهر لم تُثبت علميًا بطريقة واضحة، بحيث تحظى باعتراف العلماء والجهات الموثوقة، فهي أمور لا تزال تحت البحث والتجارب حتى الآن، وبعض النظريات المفترضة في هذا الموضوع قد تفسّر ظاهرة التخاطر تفسيرًا فيزيائيًا صحيحًا، لا يتعارض مع القوانين العلميّة، ومن ثم فلا تكون هناك حاجة إلى الإنكار، أو افتراض خروجها عن نطاق العلم المعروف، ومنها نظرية كهرومغناطيسيّة المخ: وفيها يُفترض وجود طفرة في المخ عند بعض الناس، بحيث يصير كأنه جهاز إرسال واستقبال، ونظرصا لتكوّن المخ من بلايين الخلايا العصبيّة، فلا مانع نظريًا من إمكان هذا الرأي.[1]
شاهد أيضًا: عندما تفكر بشخص هل يحس
أنواع التخاطر
هناك عدّة أنواع من أنواع التخاطر وهذه الأنواع هي:[2]
التخاطر النفساني
وهو التخاطر الذي يحصل للنفس كنوع من الكشف إما بالمنام أو باليقظة، بسبب علاقتها مع البدن برياضة أو بغيرها، وهذا هو الكشف النفساني، فهو تخاطر بعيد عن قوى الجن، يحصل دون اختيار من العبد بل يُلقى في رَوْعه بلا تسبب منه.
التخاطر الشيطاني
هو إخبار الجن بأخبار غائبة عن الناس كما يحدث عند الكهّان، الذين يخبرون الناس بالغيب، كالكشف عمّ ف دار الإنسان، أو ما حملت به المرأة من ذكر أو أنثى، وكل ما غاب عن العين وعن النفس، ويقع هذا النوع من التخاطر من الكفار، والنصارى، وعابدي النيران والصلبان، فالكشف عن الغيب هو من جنس عمل الكهّان، والدليل على ذل: أن مسيلمة الكذّاب على الرّغم من شدّة كفره، كان يُكاشف أصحابه بما يفعلونه في بيوتهم، وبما يقولمنه مع أهلخم، وهذا يخبره به الشيطان، ليغوي الناس، ومن هؤلاء الكهنة أيضًا الحارث المتنبي الدمشقي، الذي خرج في عهد عبد الملك بن مروان، والأسود العنسي، وغيرهم.
التخاطر الرّحماني
وهو ما تخبر به الملائكة، وهو أشرف وأرفع نوع من أنواع التخاطر، ودلّ على هذا التخاطر الكثير من الدلائل العقليّة والسمعيّة، وهذا التخاطر هو كرامة من الله تعالى، وثوابًا لعبده المؤمن الصالح التقيّ، ومنه ما كشفه أبي بكر الصدّيق لمّا قال لعائشة رضي الله عنها: إن امرأته حامل بأنثى، وكشف عمر بن الخطاب لما قال يا سارية الجبل، والكثير من أمثلة الكشف أو التخاطر من أولياء الرحمن.
ولكن الكشف عما في الخواطر لبعض العباد لا يعني أبدًا أن أحدٌ من البشر يستطيع الوصول إلى العلم بخواطر الناس أو التخاطر معهم متى شاء، هذا مستحيل، لأن الله تعالى هو الوحيد الذي تفرّد بعلم ما في صدور العباد، فالمسلم يجب أن لا ينشغل بمثل هذه الأمور، لأن الغلو فيها يؤدي إلى وقوع ما لا يُحمد عُقباه.
شاهد أيضًا: ما حكم الاسقاط النجمي في الاسلام
التخاطر من الناحية العلميّة
من وجهة نظر علميّة، فالتخاطر لا يزال أمرًا مبهمًا إلى حدٍ بعيد، والعلم لم يقدّم أي تفسير منطقي عن هذه ظاهرة التخاطر بين الأفراد حتى الآن، فلا يمكن للعلم أن يُقرّ بوجودها وذلك بسبب الفجوات المتواجدة بجميع التفسيرات العلميّة التي تم الوصول لها حتى هذا الوقت، ومن جهة ثانية يتجادل المؤيدون في أن صعوبة إيجاد تفسير علمي للظاهرة لا يُقلل من أن معظم الناس بل غالبيتهم لديهم إيمان بهذه الظاهرة، وعلى الرّغم من إجراء الكثير من التجارب العلميّة والتي أثبتت وجود قدرات خاصة يمتلكها بعض الأشخاص تمكّنهم من الإتصال فكريًا بأشخاص آخرين، وعلى الرّغم من وجود شريحة كبيرة من المؤمنين بالتخاطر، إلا أنّ عدم وجود تفسير علمي بحت لهذه الظاهرة أو حتى إمكانية الإعتراف بحقيقة التخاطر، سيبقى الأمر محل تجريب إلى حين الحصول على النتيجة العلميّة المُقنعة والتي تُرضي جميع الأطراف.[3]
شاهد أيضًا: تعتبر السنة النبوية المصدر الأول للشريعة الاسلامية
أمثلة على التخاطر من الإسلام
المثال الأول
لقد فضّل الله تعالى عمر بن الخطاب بعلمين هما الإلهام وعلم النظر، وعلم الإلهام: هو العلم الذي ألهمه الله تعالى له، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو بُعث بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب، والسبب في ذلك إخلاص عمر وصدّقه مع الله تعالى، فلما علم الله تعالى صدقه وإخلاصه وعبوديته، رزقه الإلهام والعلم معًا، فكان أعظم الناس دينًا وعلمًا، بل وأصبح إنسانًا يتحرّك بنور الله تعالى، فبينما عمر بن الخطاب يخطب بالمسلمين يوم الجمعة، فجأة يقطع الخطبة وينادي في المسجد يا سارية الجبل 3 مرات، فينزل وينتهي من الصلاة، وعندما يسأله الصحابة عن الأمر، يُخبرهم بأن الله تعالى كشف له فرأى سارية يحاصره الأعداء من كل جانب، فناديته أن التجئ إلى الجبل، فيسمع سارية صوت ونداء عمر، فيلتجأ بإذن الله تعالى إلى الجبل فيعصمه الله، وينتصر على المشركين، وبعد أن انتصر سارية عاد وأخبر المسلمين أنه كاد يهلك وجيشه لولا سماعه لنداء عمر، فالتجأ إلى الجبل فانتصروا بإذن الله تعالى، ففي الحديث النبوي الشريف عن عبد الله بن عمر قال: (أنَّ عمرَ بعث جيشًا وأمَّر عليهم رجلًا – يدعى : ساريةَ – ؛ فبينما عمرُ يخطب ؛ فجعل يصيح : يا ساريُ ! الجبلَ ! فقدم رسولٌ من الجيشِ فقال : يا أميرَ المؤمنين ! لقينا عدوَّنا فهزمونا ؛ فإذا بصائحٍ يصيحُ : يا ساريُ ! الجبلَ ! فأسندنا ظهورَنا إلى الجبلِ، فهزمهم اللهُ – تعالى)[4]. [5]
المثال الثاني
ورد التخاطر بشكله المبسّط في قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث النبوي الشريف، عن عبدالله بن عباس قال:(أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ علَى رَجُلٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ: لا بَأْسَ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ: كَلَّا، بَلْ حُمَّى تَفُورُ، علَى شيخٍ كَبِيرٍ، كَيْما تُزِيرَهُ القُبُورَ، قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَنَعَمْ إذًا)[6]، حيث أن الكلام السلبي يتحقق بصورة البلاء كما نبّهنا النبي لذلك في هذا الحديث.[7]
المثال الثالث
عن عائشة أم المؤمنين قالت: (إنَّ أبا بكرٍ الصِّديقَ كان نحَلَها جادَّ عشرين وَسقًا من مالِه بالغابةِ فلما حضرتْه الوفاةُ قال واللهِ يا بُنيَّةُ ما من الناسِ أحدٌ أحبُّ إليَّ غنًى بعدي منكِ ولا أعزُّ عليَّ فقرًا بعدي منكِ وإني كنتُ نحَلتُكِ جادَّ عشرين وَسقًا فلو كنتُ جدَدتِيه واحتزتِيه كان لكِ وإنما هو اليومَ مالُ وارثٍ وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسِموه على كتابِ اللهِ قالت عائشةُ فقلتُ يا أبتِ واللهِ لو كان كذا وكذا لتركتُه إنما هي أسماءُ فمن الأُخرى فقال أبو بكرٍ ذو بطنٍ بنتِ خارجةَ أُراها جاريةً)[8]، فقد أخبر أبي بكر الصديق عن حمل زوجته ببنت قبل ولادتها، وقد كانت زوجته حاملاً قبل وفاته، وهذه نوع من الكرامة له فهو نوع من تخاطر والإخبار بالغيب. [9]
شاهد أيضًا: متى توفي ابو بكر الصديق رضي الله عنه
في نهاية مقالنا نكون قد تعرّفنا إلى هل التخاطر حرام ، وأنواع التخاطر المعروفة في الدّين السلامي، وهي ثلاثة أنواع، التخاطر النفساني، التخاطر الرّحماني، والتخاطر الشيطاني، وتعرّفنا على بعض الأمثلة على التخاطر الواردة والثابتة في الأحاديث النبويّة الشريفة.