الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك

من هم الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك

الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، هو عنوان هذا المقال،ومن المعلوم أنَّ غزوة تبوك وقعت في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة، وهي آخر الغزوات التي غزاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد تخلَّف عنها ثلاثةٌ من صحابة النبيِّ، وفي هذا المقال سيتمُّ تخصيص الحديث عنهم، حيث سيتمُّ ذكر أسمائهم، ثمَّ سيتمُّ ذكر نبذةٍ مختصرةٍ عن كلِّ صحابيٍ منهم.

دعوة الصحابة للجهاد في غزوة تبوك

أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحابته الكرام وحرَّضهم على الخروج لملاقاةِ الروم الذين جهزُّوا أنفسهم لغزوِ رسول الله والقضاء على الإسلام والمسلمين، وقتالهم وذلك امتثلًا لأمر الله تعالى حيث قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِين}،[1][2] وما كان من صحابته إلَّا أن استجابوا لأمر الله، وأمر نبيِّه الكريم، وأنفقوا الغالي والنفيس في سبيل تجهيز الجيشِ والخروج لغزوِ الروم رغم شدة الحرِّ آنذاك، ولم يتخلَّف أحدٌ عن هذه الغزوة إلَّا أصحاب الأعذار الذين طلبوا من النبيِّ الخروج معه لكنَّ النبيَّ اعتذر منهم فذهبوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا، والمنافقين وثلاثةٌ من الصحابة الكرام.[3]

شاهد أيضًا: ما هي آخر غزوة غزاها الرسول

الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك

لقد تخلَّف عن غزوةِ تبوكٍ ثلاثةٌ من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم: كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أميَّة، وهؤلاء الثلاثة لم يكون من أصحاب الأعذار ولم يكونوا من المنافقين، لكنَّهم تباطأوا عن تجهيزِ أنفسِهم واللحاق برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حتّى فاتهم الوقت،[4] وفيما يأتي ذكرُ نبذةٍ مختصرةٍ عن هؤلاء الثلاث:

شاهد أيضًا: لماذا سميت غزوة تبوك بغزوة العسرة

كعب بن مالك

هو كعب بن مالك بن أبي كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة، الكنَّى بأبي عبد الله الأنصاري السلمي، وقد آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين طلحة بن عبيد الله، وقد كان كعب أحد الشعراء الذين كانوا يردون الأذى عن رسول الله، وقد توفي سنة خمسين وقيل في السنة الثالثة والخمسين وكان عمره آنذاك سبعٌ وسبعون عامًا، وكان حينها ضريرًا؛ إذ أنَّ بصره قد ذهب في آخر عمره.[5]

مرارة بن الربيع

هو مراربة بن الربيع بن عدي بن زيد بن عمرو، صحابيٌّ من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالتحديد هو أنصاريٌ أوسيٌ.

هلال بن أمية

هو هلال بن أمية بن عامر بن قيس واسمه مالك الأنصاري الواقفي، ومن المواقف التي مرَّ بها هلال، أنَّه قذف زوجته عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فطلب النبيُّ حينها البينة منه، فردَّ عليه هلال قائلًا: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً، ينطلق يلتمس البينة، فردَّ عليه النبيُّ قائلًا: البينة أو حدٌ في ظهرك، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق, فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد، وحينها نزل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}.[6][7]

موقف رسول الله من الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك

غضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هؤلاء الثلاثة، وطلب من صحابته الكرام بألَّا يُجالسوهم ولا يكلموهم، ولا سيما أنَّه لم يكن لهم عذرٌ حقيقيٌ لتخلفهم، فاستجاب الصحابة لأمر رسول الله، وكان موقف هلالٍ ومرارة أن اعتزلا الناس وجلسا في بيتهما يبكيان، بينما كعب ظلَّ يمشي في الأسواق والشوار، ويصلي حذاء النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وينظر إليه نظرة أملٍ، إلَّا أنَّ رسول الله كان يعرض عنه، وبقوا هؤلاء الثلاثة مدة خمسين يومًا على هذا الحال.[8]

شاهد أيضًا: ما هي الغزوات التي قام بها المسلمون في شهر رمضان

التوبة على الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك

بلغ حزن هؤلاء الثلاثة ما بلغ، وعشاوا مدةً عصيبة حتى ضاقت بهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم أيضًا، حتَّى نزل فيهم قوله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.[9]

شاهد أيضًا: كم كان عدد مقاتلي المسلمين في غزوة أحد

الدروس المستفادة من قصة الثلاث الذي تخلفوا عن غزوة تبوك

لا بدَّ للمسلم عند قراءة السيرة النبوية الشريفة، وسيرة صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أن يتمعن فيها ويستخرج الدروس التي تنفعه في حياته، وفي هذه الفقرة من هذا المقال، سيتمُّ ذكر بعض الدروس التي يمكن للمسلم استنباطها من هذه القصة، وفيما يأتي ذلك:

  • أنَّ الصدق منجاةٌ، وإن كانت عواقبه في بداية الأمر وخيمةٌ، ويظهر ذلك من صدق كعب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين جاءه معتذرًا، وسأله النبيُّ عن عذره، فصدق كعبًا معه وأخبره بأن لا عذر له.
  • الامتثال لأمر الله -عزَّ وجلَّ- مهما كان الأمرُ صعبًا، ويظهر ذلك جليًا في هذه القصة عندما أمر النبيُّ هؤلاء الثلاثة باعتزال زوجاتهم وعدم قربانهم، فاستجابوا لأمر الله وأمر رسوله الكريم.
  • أنَّ التسويف لا يرجع على صاحبه إلَّا في الندم، ويظهر ذلك جليًا من قصة هؤلاء الثلاث؛ إذ أنَّهم سوفوا اللحاق بالجيش حتى فاتهم، فندموا بعدها ندمًا شديدًا.

شاهد أيضًا: الفرق بين الغزوة والسرية وأهم وأشهر الأمثلة على كل منها

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي تمَّ فيه بيان أسماء الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، كما تمَّ ذكر نبذةٍ مختصرةٍ عنهم، كما تمَّ بيان موقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منهم، وتوبة الله على هؤلاء الثلاثةِ، وفي ختام هذا المقال تمَّ ذكر بعض الدروس المستفادة من هذه القصة.

المراجع

  1. ^ التوبة: 123
  2. ^ سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، صالح بن طه عبد الواحد، ص525 , https://al-maktaba.org/book/33459/535#p1 , 31/5/2021
  3. ^ اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، موسى بن راشد العازمي، ص283-295 , https://al-maktaba.org/book/33434/2213#p1 , 31/5/2021
  4. ^ اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، موسى بن راشد العازمي، ص295 , https://al-maktaba.org/book/33434/2225 , 31/5/2021
  5. ^ islamstory.com , كعب بن مالك , 31/5/2021
  6. ^ النور: 6
  7. ^ islamstory.com , هلال بن أمية , 31/5/2021
  8. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، 195 , https://al-maktaba.org/book/4445/3660#p1 , 31/5/2021
  9. ^ التوبة: 119

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *