حكم إرادة الدنيا بعمل الآخرة

حكم إرادة الدنيا بعمل الآخرة

إنّ حكم إرادة الدنيا بعمل الآخرة يندرج تحت باب الشرك، فمن الجدير بالذّكر أنّ للشرك نوعان أكبر وأصغر، وإرادة الإنسان بعمله الدنيا تارة يكون شركاً أكبرًا وتارة  أصغرًا، فإن أراد بإسلامه ودخوله في الإسلام الدنيا كان شركًا أكبرًا كالمنافقين في ومصيرهم الدرك الأسفل من النار، فإنهم ما أرادوا بإسلامهم إلا الدنيا، وما آمنوا بالله واليوم الآخر، وتارة يكون شركًا أصغرًا كالذي يقرأ يرائي أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يرائي، وهو مسلم مؤمن بالله واليوم الآخر لكن تعرض له هذه الأمور في بعض أعماله الدنيوية، أو يجاهد للغنيمة ما جاهد بإخلاص، فهذا من الشرك الأصغر.

حكم إرادة الدنيا بعمل الآخرة

إنّ حكم إرادة الدنيا بعمل الآخرة يندرج تحت فعل العبادة من أجل الحصول على غرض دنيوي من غير التفاتٍ للثواب الأخروي، والحكم في ذلك وارد في القرآن الكريم في قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}،[1] وهذا لا ثواب لصاحبه؛ حيث قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: “من عمل صالحًا التماس الدنيا، صومًا أو صلاة، أو تهجدًا بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله: أُوفيه الذي التمس في الدنيا من المثابة، وحبط عمله الذي كان يعمله التماس الدنيا، وهو في الآخرة من الخاسرين”، وجاء في السنة دلالة ذلك أيضًا في قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: فَمَنْ عَمِلَ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ”،[2] وقد ورد هذا الحكم في كتب الكثير من العلماء تحت بابٌ من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا”، وذكر فيه تلك الآية الكريمة، والله تعالى يريد من عباده الصالحين أن تكون همتهم وسعيهم خاضعة إلى ثوابه الأخروي، حيث قال الله تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}،[3] والمعنى الوارد في هذه الآية الكريمة: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} أي: متاعها، ويعني به ما أخذ من فدية الأسرى {وَاللَّهُ يُرِيدُ} لكم {الآخِرَةَ} وما فيها من نعيم مقيم.[4]

شاهد أيضًا: هل الشرك الأصغر يحبط جميع الأعمال.

حكم فعل الطاعات بقصد الفوائد الدنيوية

وبعد أن تم بيان حكم إرادة الدنيا بعمل الآخرة ، لا بُد من تخصيص بيان حكم فعل الطاعات بنية الدنيا، حيث يجب أن يكون العمل لله وحده، وللدار الآخرة، لنيل الثواب منه سبحانه الذي وعد به عباده، في الدنيا والآخرة، وأما إذا كان عمل الإنسان للدنيا فقط، فليس له عند الله من ثواب ومصير حسن، لذلك إذا أصبحت العبادة من أجل الدنيا، أي إذا صلى العبد، أو صام، أو تصدق، أن يكون قصده الدنيا فقط، والحظ العاجل، فهذا ليس له خيرٌ في الآخرة، كما قال سبحانه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}،[5] ويقول تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا}.[6][7]

هل يدخل الرياء في الأعمال الدنيوية

لا بُد من الإجابة على سؤال إذا كان الرياء داخلًا في معنا الفعل الدنيوي، فالمقصود بالأعمال الدنيوية هو الأكل والشرب واللباس وهلمّ جرًا، فالأعمال الدنيوية العادية لا يدخلها الرياء المنهي عنه في الأعمال الصالحة أي العبادات، ولكن المحرم في الشريعة الإسلامية هو الرياء الذي يكون في العبادات، وهو من الشرك كما جاء في النصوص الصريحة، وأما في غير العبادات فقد يدخلها نوع من الرياء، لكن حكمه ليس كحكم الرياء في العبادات، بل قد يكون مباحًا، وقد يكون طاعة، وقد يكون مذمومًا، وذلك يعود بحسب طبيعة الفعل والنية وغيرها من الأمور.[8]

شاهد أيضًا: الفرق بين الرياء وإرادة الإنسان بعمله.

إلى هنا نكون قد بيّنا حكم إرادة الدنيا بعمل الآخرة ، كما بينا حكم فعل الطاعات من أجل الدنيا فقط دون الإلتفات إلى الهدف الأخروي في يوم القيامة، كما فرّقنا بين الرّياء المحرم والرياء غير المحرم، وأجبنا إذا كان فعل الطاعات لأجل الدنيا من الرياء أم لا.

المراجع

  1. ^ سورة هود , 15-16
  2. ^ رواه أحمد في المسند، وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني
  3. ^ سورة التوبة , 67
  4. ^ www.islamweb.net , حكم إرادة مصلحة دنيوية بالعبادة , 26-01-2021
  5. ^ سورة الشورى , 20
  6. ^ سورة الإسراء , 18
  7. ^ www.binbaz.org.sa , حكم عمل الخير لمقصد دنيوي , 26-01-2021
  8. ^ www.islamweb.net , https://www.islamweb.net/ar/fatwa/296605/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%8A%D8%A9 , 26-01-2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *