حكم صيام يوم الجمعة منفردا في شوال

حكم صيام يوم الجمعة منفردا في شوال

حكم صيام يوم الجمعة منفردا في شوال من الأحكام الشّرعيّة المتعلقة بالصُّوم، والتي يجب على كلِّ مسلمٍ أو مسلمةٍ أن يكون عالمًا بها، ولذلك لأنّ العديد من النّاس قد يعمد إلى صيام بعض الأيام أو تركها وهو على جهالة بحكم صوم هذا اليوم، ومن أجل ذلك أفردنا هذا عبر موقع محتويات.

الصيام وفوائده

إنّ الصيام من العبادات التي اختصّ الله -سبحانه وتعالى- بالجزاء عليها، ومعنى الصيام لغةً هو الإمساك والامتناع عن شيءٍ ما مع تركه، أمّا معنى الصيام اصطلاحًا فهو ما جاء به الشّرع، واتّفق عليه أهل السُّنة والجماعة، بأنّه إمساكٌ عن جميع المُفطرات  والامتناع عنها في اليوم من طلوع شمسه إلى غروب الشّمس وبشروطٍ مخصوصةٍ، وللصوم نوعان صيام الواجب كصيام شهر رمضان أو صوم النُّذور، والصِّيام المستحب صيام التّطوع في الست من شوال وغيره،[1] وللصيام فضائل عديدة هي كالآتي:[2]

  • إنّ الصيام من العبادات العظيمةٌ التي لها عند الله أجرٌ عظيمٌ، وثوابٌ اختصّ الله به عبادَه الصّائمين، وقد قال الرّسول -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ”.[3]
  • إن الصيام يعدُّ من العبادات التي تصون نفس المؤمن وتحفظه من الزلل والشّهوات والفِتن، كما أنّها تعمل على تزكية أخلاقه، وقد روى عبد الله بن مسعود عن الرّسول عليه الصلاة والسّلام أنّه قال: “يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ”.[4]
  • أنّه يُعدّ سبباً من أسباب الدخول إلى الجنة؛ فقد أعدّ الله -سبحانه وتعالى- للصائمين منزلةً عظيمةً في الجنة لا ينالها غيرهم فهم يدخلون من باب اسمه الريّان كما ورد في أحاديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الصّحيحة.
  • إنّ من الخصائص والفضائل العظيمة التي امتاز بها الصيام أنّه يقي المسلم، ويحميه من نار جهنم، فقد قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: “الصِّيامُ جُنَّةٌ وحصنٌ حصينٌ من النَّارِ”.[5]
  • أنّه يُحقّق التقوى والخوف من الله في القلب باعتباره عملاً من الأعمال الصالحة التي تُقرّب العبد من الله -عزّ وجلّ-  وتزرع فيه مراقبة الله -تعالى- وحده، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.[6]

اقرأ أيضًا: هل يجب صيام الست من شوال متتابعة

حكم صيام يوم الجمعة منفردا في شوال

حكم صيام يوم الجمعة منفردا في شوال مكروه عند أهل السُّنة والجماعة، وذلك استنادًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي قال فيه: لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِن بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ”،[7] حتّى وإن كانت أيام شوال من الأيام المستحبة للصيام، وقد قال النووي علة المنع من صوم يوم الجمعة “ثبت بالسنة طلبه والنهي عنه، والآخر منهما النهي لأن فيه وظائف، فلعله إذا صام ضعف عن فعلها”، ويمكن إفراد يوم الجمعة بالصِّيام لوحده ولا حرج في ذلك الحالات الآتية:[8]

  • أن يصل صيام يوم الجمعة بيوم قبله أو يوم بعده.
  • أن يوافق صيام يوم الجمعة عادة للصّائم وذلك كمن يصوم يوماً ويفطر يوماً.
  • أن يوافق صيام يوم الجمعة يوماً من الأيام التي استحبّ الصّوم فيها كصيام عرفة.
  • أن يكون الصّائم قد نذر أن يصوم يوم يقدم فلان أو يوم شفاء فلان ووافق هذا اليوم يوم الجمعة فلا حرج في ذلك؛ وذلك لأنهم يخصص يوم الجمعة بالصِّيام.

اقرأ أيضًا: هل يجوز افراد الجمعه بالصيام للقضاء وما حكم صيام يوم الجمعة قضاء

الصيام المكروه

لقد حصر العلماء والفقهاء الصِّيام المكروه بعددٍ من الأيام استنادًا إلى أحاديث الرّسول -صلى الله عليه وسلم- ومن تلك الأيام ما يأتي:[9]

  • صوم يوم عرفة للحاجّ: ويكرَه صوم يوم عرفة للحاج؛ وذلك اتباعا لهَدي الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، ومن أجل أن يتقوّى الحاجّ على الطّاعات والعبادات، وقد استدلوا على هذا عندما سُئِل الصّحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- عن صيام يوم عرفة، فقال: “حججتُ مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يصمهُ، ومع أبي بكر فلم يصمهُ، ومع عمرَ فلم يصمهُ، ومع عثمانَ فلم يصمهُ، وأنا لا أصومُهُ، ولا آمرُ بِه، ولا أنهَى عنهُ”.[10]
  • الوصال في الصيام: وهو أن يُواصل الصائم الصيام بين الأيّام ومن دون الإفطار بينهما، فهو مكروه عند الحنفيّة والحنابلة والمالكية ومُحرَّم عند المذهب الشافعيّ، أمّا ما يقال في وصال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فهو من خصوصيته؛ وذلك لأنّه كان يقوى على الوصال في الصّوم، وقد ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “لا تُواصِلُوا، قالوا: إنَّكَ تُواصِلُ، قالَ: إنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إنِّي أبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي ويَسْقِينِي”.[11]
  • صيام الدهر: ويُقصَد بهذا الصّوم أن يصوم المؤمن أيّام السنة أجمعها، ولكن يستثني الأيام المَنهيّ عنها، وعلى الرّغم من ذلك فهو مكروه؛ لما يُلحِقه بالجسم من الضعف والمشقّة.
  • إفراد يوم الجمعة والسبت: ويُكرَه للمسلم تخصيص يومَي السبت والجمعة أو أفرادهما بالصيام، وقد تقدّم بيان كراهة صيام يوم الجمعة وأفراده.
  • تخصيص شهر رجب بالصيام: فيُكرَه تخصيص شهر رجب، إذ لم يثبت بأيّ حديثٍ صحيح أفضليّة تخصيص شهر رجب بالصيام، ومن العلماء التي تحدّثت في هذا ما قاله الإمام الشوكاني: “لم يَرِد في رجب على الخصوص سُنّةٌ صحيحةٌ ولا حسنةٌ ولا ضعيفةٌ ضعفاً خفيفاً، بل جميع ما رُوي فيه على الخصوص إمّا موضوعٌ مكذوبٌ أو ضعيفٌ شديد الضعف”، وما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: “وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يُروى في الفضائل، بل عامّتها من الموضوعات المكروبات”.

مقالات مقترحة

نرشح لكم بعض المقالات الآتية:

وبانتهاء مقال حكم صيام يوم الجمعة منفردا في شوال، تبيّن أنّ أفراد هذا اليوم مكروه، وقد فصّلنا بعض الحالات التي لا حرج بها في صيام يوم الجمعة، كما أننا ألقينا الضّوء على بعض الأيام المكروهة في الصِّيام.

المراجع

  1. ^ dorar.net , الفصلُ الأوَّلُ: تعريفُ الصَّوم، وأقسامُه، وفضائِلُه، والحِكمةُ مِن تَشريعِه , 13/04/2024
  2. ^ alukah.net , فضائل الصيام , 13/04/2024
  3. ^ صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة، 1904، صحيح , 13/04/2024
  4. ^ صحيح مسلم , مسلم، عبدالله بن مسعود، 1400، صحيح.
  5. ^ صحيح الجامع , الألباني، أبو هريرة، 3880، حسن
  6. ^ البقرة , آية 183
  7. ^ صحيح مسلم , مسلم، أبو هريرة، 1144، صحيح
  8. ^ islamweb.net , حكم إفراد الجمعة في صيام ست من شوال , 13/04/2024
  9. ^ alukah.net , الصيام المكروه , 13/04/2024
  10. ^ صحيح الترمذي , الترمذي، أبو نجيح السلمي، 751، حسن.
  11. ^ صحيح البخاري , البخاري، أبو هريرة،7299، صحيح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *