حكم قتل الأبناء خوفا من الفقر

حكم قتل الأبناء خوفا من الفقر
حكم قتل الأبناء خوفا من الفقر

حكم قتل الأبناء خوفا من الفقر ، هو عنوان هذا المقال، ومعلومٌ أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- كرَّم الإنسان، وجعل للنفس البشرية كرامةً عاليةً، وحرَّم على المسلمينَ اهلاكها، لكن ما حكمُ قتلُ الولدِ خوفًا من الفقرِ؟ وما الدليل على ذلك؟ وما الحكمة من تقديم رزق الآباء على الأبناءِ تارةً ومن تقديمِ رزق الأبناء على الآباءِ تارةً أخرى؟ وما حكمُ الإجهاض قبل نفخِ الروحِ وبعد نفخها؟ كلُّ هذه الأسئلة سيجد القارئ الإجابة عليها في هذا المقال.

حكم قتل الأبناء خوفا من الفقر

نهى الله -عزَّ وجلَّ- عن قتلِ الأبناءِ خوفًا منَ الفقرِ ، حيث قال تعالى في كتابه المجيد: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}،[1] والمقصودُ في الإملاقِ في هذه الآية الكريمةِ هو الفقرُ، وبذلك يكون من الأمورِ التي حرَّمها الله -عزَّ وجلَّ- على المسلمَ قتلَ الأبناءِ خوفًا من الفقرِ.

شاهد أيضًا: ما معنى القتل تعزيرا في الاسلام

الأدلة على تحريم قتل الأبناء خوفا من الفقر

لقد ورد في القرآنِ الكريمِ آيتينِ تدلانِ على حرمةِ قتلِ الأبناءِ خوفًا منَ الفقرِ، أو بسبب الفقرِ، وفي هذه الفقرةِ من هذا المقال سيتمُّ ذكر هذينِ الدليلينِ، وفيما يأتي ذلك:

  • قال الله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}.[2]
  • قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}.[3]

شاهد أيضًا: هل يقتل الوالد بولده وما حكم القتل في الإسلام

سبب تقديم رزق الآباء على الأبناء تارةً، وتقديم رزقِ الأبناء على الآباء تارةً أخرى

لقد قدَّم اللهُ -عزَّ وجلَّ- الإملاقَ على الرزقِ في الآية المائة والواحد والخمسون من سورة الأنعام؛ لأنَّ المخاطبينَ هنا هم الفقراءَ، فالله -عزَّ وجلَّ- وعد الآباء بأنه سيرزقهم، ويرزق أبناءَهم، أمَّا في الآيةِ الواحدة والثلاثون من سورة الإسراء، فإنَّ المخاطبين فيها هم الأغنياء الذي يخشونَ الفقرَ بسبب الأبناءَ، فاقتضت حكمة الله -عزَّ وجلَّ- بأن يقدِّم رزق الأبناءِ على رزقهم.[4]

حكم الإجهاض قبل نفخ الروح

تباينت آراءُ أهلِ العلمِ في حكمِ الإجهاضِ قبلَ نفخِ الروحِ في الجنينِ، على أربعةِ أقوالٍ، وفي هذه الفقرة من مقال حكم قتل الأبناء خوفا من الفقر، سيتمُّ ذكر هذه الآراء، وفيما يأتي ذلك:[5]

  • الرأي الأول: إنَّ الإجهاض في المراحلِ الأولى من الحملِ مباحٌ في الشريعةِ الإسلاميةِ، ما دامت الروحُ لم تُنفخُ بعدٌ في الجنينِ، وهذا مذهب بعض فقهاء المذهب الحنفي.
  • الرأي الثاني: إنَّ الإجهاضَ قبل نفخِ الروحِ في الجنينِ جائزٌ حالَ وجودِ عذرٌ مثل انقطاعِ الحليبِ من ثديِ المرأةِ، وعدمض مقدرةِ الأب على استئجارِ مرضعةٍ لابنه، وهذا هو حقيقةُ مذهب السادةِ الحنفيةِ.
  • الرأي الثالث: إنَّ إجهاض الجنينِ قبلَ نفخِ الروحِ فيه يعدُّ من المكروهاتِ، وهذا مذهب بعض فقهاء المالكيةِ، وهو وجهٌ محتملٌ عند فقهاء الشافعيةِ.
  • الرأي الرابع: إنَّ إجهاض الجنينِ قبل نفخِ الروحِ فيهِ، يعدُّ حرامًا في الشريعةِ الإسلاميةِ، وهو القول المعتمدُ في المذهب المالكي، وهو القولُ الأوجه في المذهب الشافعي، وهو مذهب الحنابلةِ.

شاهد أيضًا: هل الجنين في بطن أمه عليه زكاة فطر

حكم الإجهاض بعد نفخ الروح

إنَّ إجهاضَ الجنينِ بعد نفخ الروح فيه، يعدُّ من المحرَّمات في الشرع الحنيف، وهذا بإجماع أهل العلمِ؛ باستثناءِ الحالة التي يكون فيها بقاء هذا الجنين يسبب هلاكَ الأمِّ ووفاتها؛ ويرجع سبب الحرمةِ إلى أنَّ الجنين بعد نفخِ الروحِ فيه يُصبح إنسانًا، وله كرامةٌ، ويحرمُ التعدِّي عليها، وقد قال الله تعالى في كتابه المجيد: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}.[6]

تنبيه: إنَّ قاتلَ الجنينِ الذي نُخت فيه الروح، يلزمه الكفارةُ عن القتلِ إلى جانبِ الديةِ.

شاهد أيضًا: ما حكم إزهاق الروح عند الله

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي يحمل عنوان حكم قتل الأبناء خوفا من الفقر ، وفيه تمَّ بيانُ حرمةِ ذلك، مع ذكر الأدلة من القرآنِ الكريمِ على هذا الحكمِ، ثمَّ تمَّ بيان الحكمةَ من تقديمِ رزق الآباء على الأبناءِ تارةً ومن تقديمِ رزق الأبناء على الآباءِ تارةً أخرى، وفي ختامِ هذا المقال تمَّ بيانُ أقوال الأئمة في حكمِ قتلِ الجنينَ قبل نفخ روحه، ثمَّ تمَّ بيان إجماع أهل العلمِ على حرمةِ قتلِ الجنينِ بعد نفخ الروحِ فيه.