حكم نسبة الحوادث الى الدهر

حكم نسبة الحوادث الى الدهر

حكم نسبة الحوادث الى الدهر ، إن الإيمان بالقدر خير وشره هو الركن السادس من أركان الإيمان، فلا يكون المسلم مؤمنًا بالله سبحانه وتعالى إلا بعد إيمانه بالقدر، ومن لم يؤمن بالقدر فقد كفر بالله تعالى، وفي هذا المقال سنتحدث عن أحكام تهم المسلمين، حكم نسبة الحوادث الى الدهر، وحكم سب الدهر، ونوضح الفرق عند العلماء بين القضاء والقدر.

حكم نسبة الحوادث الى الدهر

ومعنى نسبة الحوادث إلى الدهر أن مايحصل مع الإنسان من الاقدار، والتدابير في يومه سببها الزمن وليس الله عز وجل، وهذا كفر صريح بالله عز وجل فالله سبحانه وتعالى هو وحده المتحكم بأقدار العباد، وهو الذي يصرف كل الكون ويدبر أمره، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (كان أهلُ الجاهليَّةِ يقولونَ إنَّما يُهلكُنا اللَّيلُ والنَّهارُ وهوَ الَّذي يُهلكُنا ويميتُنا ويُحيينا)[1]، وقال الله في كتابه العزيز: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ)[2]، فهو انكار لقدرة الله سبحانه وتعالى، وعمل من أعمال الجاهلية، وأما اذا كان المقصدر منها هو المجاز كما تقول العرب: “أنبت الربيعُ البقلَ”، مع أن المطر سبب لإنبات البقل، والفاعل الحقيقي هو الله عز وجل، والمسلم لا يعتقد سوى ذلك، ولكن إضافة الفعل إلى الزمان أو إلى غير فاعله بحكم كونه ظرفًا له أو واسطة جائز وهو كثير في اللغة العربية، وفي القرآن الكريم.

حكم سب الدهر

حكم من قال: الزمن غدار أو هذا زمان أقشر، أو يا خيبة الزمن الذي رأيتك فيه، فإن كان سبًا وقدحًا في الزمن، فهذا حرام ولا يجوز؛ وذلك لأن الزمن لا تصريف له للأمور، وإنما الذي يصرفه، ويصرف كل الكون ويدبر أمره هو الله وحده لا شريك له، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سب الدهر، لأن هذا السب سيعود في حقيقته إلى الله، تعالى الله عن ذلك قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( يُؤْذِينِي ابنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وأنا الدَّهْرُ، بيَدِي الأمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ والنَّهارَ)[3]، أما إن قاله على سبيل الإخبار: فهذا لا بأس به، ومنه قوله تعالى عن لوط عليه الصلاة والسلام : (وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ)[4]، أي شديد، وكل الناس يقولون: هذا يوم شديد، وهذا يوم فيه كذا وكذا من الأمور، وليس فيه شيء، وأما قول: هذا الزمن غدار، فهذا سب؛ لأن الغدر صفة ذم ولا يجوز، وقول: يا خيبة اليوم الذي رأيتك فيه، إذا قصد يا خيبتي أنا، فهذا لا بأس فيه، وليس سبًا للدهر، وإن قصد ياخيبة الزمن أو اليوم فهذا سب فلا يجوز.[5]

الفرق بين القضاء والقدر

ذهب بعض العلماء إلى أن القضاء والقدر مترادفان، ومنهم أهل اللغة وابن باز رحمه الله فقال: القضاء والقدر، هو شيء واحد، الشيء الذي قضاه الله سابقاً، وقدره سابقاً، يقال لهذا القضاء، ويقال له القدر، وذهب آخرون من العلماء إلى التفريق بينهما، فذهب بعضهم إلى أن القضاء سابق على القدر، ومنهم ابن حجر، فالقضاء هو ما علمه الله وحكم به في الأزل، والقدر هو وجود المخلوقات موافقة لهذا العلم والحكم، ورأى فريق آخر من العلماء عكس هذا القول، ومنهم الراغب الأصفهاني، فجعلوا القدر سابقا على القضاء، فالقدر هو الحكم السابق الأزلي، والقضاء هو الخلق، ومن العلماء من اختار أنهما بمعنى واحد إذا افترقا، فإذا اجتمعا في عبارة واحدة: صار لكل واحد منهما معنى، وبهذا قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فإذا قيل: هذا قدر الله؛ فهو شامل للقضاء، أما إذا ذكرا جميعًا؛ فلكل واحد منهما معنى، فالتقدير: هو ما قدره الله تعالى في الأزل أن يكون في خلقه، وأما القضاء؛ فهو ما قضى به الله سبحانه وتعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير، وعلى هذا يكون التقدير سابقًا، والكل واجب الإيمان به، بأن ما قدّر الله، وقضى الله لابد من الإيمان به والتصديق به، وقال الشيخ عبد الرحمن المحمود: لا فائدة من هذا الخلاف؛ لأنه قد وقع الاتفاق على أن أحدهما يطلق على الآخر، فلا مشاحة من تعريف أحدهما بما يدل عليه الآخر.[6]

وبهذا نكون قد بينا حكم نسبة الحوادث الى الدهر ، وأنها كفر بالله تعالى إن كان يعتقد ذلك على سبيل الحقيقة، وهو أحد أعمال الجاهلية، وبينا حكم سب الدهر، وبينا الفرق بين القضاء والقدر عند علماء المسلمين.

المراجع

  1. ^ الراوي : أبو هريرة | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح أسباب النزول الصفحة أو الرقم: 208 | خلاصة حكم المحدث : [روي مرفوعاً وموقوفاً] , 2020-12-5
  2. ^ تفسير سورة الجاثية - الآية 24 , 2020-12-5
  3. ^ الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 4826 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] , 2020-12-5
  4. ^ سورة هود - الآية 77 , 2020-12-5
  5. ^ islamqa.info , حكم قول بعض الناس " الزمن غدَّار " , 2020-12-5
  6. ^ islamqa.info , هل هناك فرق بين القضاء والقدر ؟ , 2020-12-5

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *