لماذا جعل الله الولادة مؤلمة

لماذا جعل الله الولادة مؤلمة هو سؤال لا بدَّ من وتضيح وبيان إجابته، فقد خلق الله تعالى هذا الكون العظيم وجعل لكل أمر فيه غاية حكمة بالغة قد تظهر للإنسان وقد تخفى عنه، وكذلك فقد خلق الكثير من المُعجزات العظيمة التي تدل على عظمة خلقه، ومن هذه المُعجزات معجزة الحمل والولادة، ومن خلال سطر هذا المقال سنقوم بتعريف الولادة ومراحلها، كما سنذكر الحكمة من جعلها مُؤلمة، وأجر الولادة في الإسلام.

الولادة

الولادة هي عملية خروج الجنين من الرحم والتي تكون بعد انتهاء فترة الحمل، وهي عملية لا إرادية تحصل عند بدء الانقباضات والتقلصات في الرحم التي تحدث لتُخرج الجنين من داخل الرحم، وهي عملية لا يُمكن تحديد موعدها أو وقتها، وعلى الرغم من كل التقدم العلمي الكبير إلّا أنَّه ما زال وقت الولادة هو أمرٌ لا يعلمه إلا الله تعالى، وتحصل الولادة وفق مراحل متتالية تمر بها المرأة، وهي عملية تُشكل خطورة على المرأة والطفل أحيانًا، كما أنَّها تنتهي بوفاة أحدهما في بعض الأحيان.

لماذا جعل الله الولادة مؤلمة

جعل الله تعالى الولادة مؤلمة لأنَّ نزول الجنين يحتاج لحصول انقباضات وتقلصات في الرحم لكي تُسهل عملية نزوله، وهو أمرٌ يُسبب الألم للمرأة، فإنَ هذا الألم الناتج عن تحركات الرحم يُؤدي بشكل مُنظم ووفق مراحل مُحددة إلى طرد الجنين من داخل الرحم إلى خارجه، ويُؤدي إلى عملية الولادة، وهي آلام تُرافقها تغيرات جسدية واضحة عند المرأة، تترافق مع خطورة على حياتها فتكون عملية الولادة من أشق اللحظات في حياة الأم، والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: لماذا كتب الله الحيض على النساء

مراحل الولادة

تمر عملية الولادة بثلاث مراحل أساسية لكل منها وقت مُخصص، والتي تكون أولها عملية اتساع عنق الرحم، وثانيها مرحلة ولادة الجنين وخروجه من الرحم، وثالثها مرحلة ولادة المشيمة وأغشيتها، وفيما يلي نشرح كل مرحلة من المراحل.

اتساع عنق الرحم

وهي المرحلة الأولى من الولادة والتي تبدأ بشكل لا إرادي عن طريق حصول تقلصات وانقباضات في الرحم تكون متباعدة في البداية تحدث كل خمسة عشر أو عشرون دقيقة تقريبًا وتكون مدتها حوالي الثلاثون ثانية، ثم يتزايد مُعدلها لتحصل كل دقيقة أو دقيقتين وتُصبح مدتها أطول لتص إلى تسعون ثانية، وتستغرق عملية اتساع عنق الرحم بشكل عام ساعتين وقد تمتد إلى ست عشر ساعة.

ولادة الجنين

بعد اتساع عنق الرحم تأتي مرحلة خروج الجنين والتي قد تستغرق عدد من الدقائق وقد تصل إلى النصف ساعة، وتُصبح الانقباضات في هذه المرلة أكثر شدة وأقرب مسافة فيما بينها، وفي هذه المرحلة يُعادل الضغط عند الانقباض وزن خمس وعشرين رطلًا، فتكون هذه الانقباضات مؤلمة بشكل شديد، يبدأ فيها رأس الجنين بالظهور، ثم ليبدأ بالخروج، يث يكون رأسه أول الأجزاء خروجًا في أغلب الحالات.

ولادة المشيمة

بعد ولادة الجنين تحدث عملية خروج المشيمة والأغشية المُرافقة لها، ومن الجدير بالذكر أنَّ انفصال المشيمة بعد خروج الجنين لا يحصل بسبب انقباضها أو تقلصها بذاتها، بل يحصل بسبب تقلصات جدار الرحم التي تُؤدي إلى انفصالها عنه بشكل تدريجي وخروجها بقوة دفع هذه التقلصات، والتي تنتهي بانقباض الرحم إلى حجم صغير جدًا، يُؤدي إلى خروج المشيمة بشكل كامل، وتستغرق هذه العملية من خمسة عشر دقيقة أي ساعة.

الولادة القيصرية

يُمكن أن تحصل عملية الولادة بطريقتين الأولى هي الولادة الطبيعية والتي تمَّ ذكر مراحلها وكيفيتها، والثانية هي الولادة القيصرية والتي تكون عن طريق شق البطن من الأعلى وإخراج الجنين، فقد تكون الولادة الطبيعية في بعض الحالات تُؤدي إلى خطر كبير على حياة الأم أو الطفل، ولا حرج على المرأة أن تقوم بالولادة عن طريق العملية القيصرية، وذلك لأنّها تزيد من نسبة الحماية والأمان لنفسها وطفلها، وترفع من نسبة حصول الولادة بشكل آمن بإذن الله وهي الغاية المرادة من الحمل والولادة، والله أعلم.

هل الولادة تمسح الذنوب

لم يرد في فضل الولادة أنَّها تمسح ذنوب المرأة أو ترجعها كمن لا ذنب له، وإنَّ هذا الأمر غير صحيح وغير وارد، إلا أنَّه ورد في فضل الولادة أنَّ المرأة إذا ماتت وهي في أثناء الولادة أو الحمل فإنَّ لها أجر شهيد، وذلك لقوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في حديثه الشريف: “إنَّ شُهداءَ أمَّتي إذًا لَقَليلٌ القَتلُ في سبيلِ اللَّهِ شَهادَةٌ والمطعونُ شَهادةٌ والمرأةُ تموتُ بِجُمْعٍ شَهادَةٌ -يعني الحامِلَ- والغَرِقُ والحَرِقُ والمَجنوبُ -يعني ذاتَ الجنبِ- شَهادةٌ”[2]، وكذلك فإن صبرت واحتسبت ولادتها عند الله تعالى فإنَّ الله لا يُضيع أجرها، والله أعلم.[3]

آيات قرآنية عن الولادة

ورد في ذكر عملية الولادة بعض الآيات القرآنية التي توضّح رحمة الله تعالى بعباده، وكيفية خلقه لهم، ومن هذه الآيات الكريمة نذكر:

• قوله تعالى في سورة عبس: “قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ”[4]، والتيسير في الآية الكريمة يُشير إلى عملية تسهيل خروج الجنين من الرحم.
• قوله تعالى في سورة فاطر: “وَٱللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍۢ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍۢ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَٰجًا ۚ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِۦ ۚ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍۢ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِۦٓ إِلَّا فِى كِتَٰبٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ“[5]، وهي آة توضح مراحل خلق الجنين إلى أن تضعه أمه، وأنَّ كل ما يمر في حياته هو مكتوب بكتاب لا يعلمه إلا الله عزَّ وجل.

نعمة الولادة

جعل الله تعالى الأبناء والأولاد من النعم التي أنعم بها على الأهل، وقد جعلهم زينة الحياة الدنيا، فقد يفرح الآباء برؤية أبنائهم يكبرون أمام أعينهم، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: “المَالُ وَالبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا“[6]، وقد جعل الله تعالى لهذه النعمة أسباب ومُسبات، فجعل الزواج والعلاقات الزوجية الأساس الأول لعملية الإنجاب، وبعد ذلك جعل الحمل وخصّه بالمرأة وجعل الولادة بمراحلها المُعقدة التي تسير بأمر من الله تعالى هي النهاية التي تُؤدي إلى ولادة الذرّية والأبناء للإنسان، وقد خصَّت السنة النبوية هذا الحدث العظيم ببعض الآداب والأحكام التي لا بدَّ من مُراعاتها، والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: سور لتسهيل الولادة وفتح الرحم

بعد الحديث عن عظيم نعمة الولادة التي أنعمها الله تعالى على الإنسان نكون قد وصلنا إلى ختام المقال الذي أجاب عن سؤال لماذا جعل الله الولادة مؤلمة، والذي عرَّف بعملية الولادة ومراحلها، وكيفيته، وذكر أجر المرأة أثناء الولادة، بالإضافة إلى ذكر بعض الآيات القرآنية الكريمة عن الولادة.