من اول من اسلم من النساء

من اول من اسلم من النساء من أهم المعلومات الدينيّة التي يجب على كلّ مُسلم ومسلمة أن يكون على بيّنة منها، وخصوصًا وأن تلك المعلومات تجعل المُسلم في صورة أوضح من أمور دينه، وتجعله يتمكّن من معرفة سيرة النبي، وكيف كان أصحاب النبي معه؛ حتى يتعلّم الكثير والكثير من العظات والعبر التي ترتقي بإيمانه، وفيما يلي سنتعرّف على من أول من أسلم من النّساء.(1)

بعثة النبي وبداية الإسلام

كانت قُريش تحتلّ المرتبة الأولى بين العرب، وذلك لأنها المنطقة التي تتداول تجارتها في جميع ربوع الجزيرة العربيّة، كما كانت تُقام الأسواق الأدبية في تلك المنطقة، ولمّا كان العرب أهل فصاحة وبيان؛ أيّد الله -عز وجلّ- نبيّه محمّد بمُعجزةٍ من جنس ما برع فيه هؤلاء، فأيّده بالقرآن الكريم الذي هو دستور المُسلمين، وهو كلام الله، المتعبّد بتلاوته، وتحدّاهم أن يأتوا بمثله؛ فعجزوا، وتحدّاهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات؛ فعجزوا، وتحدّاهم أن يأتوا بسورة من مثله؛ فعجزوا، وبذلك تبيّن أن هذا القرآن هو كلام الله، وليس كلام محمّد كما يدّعون، وفي ذلك يقول الحق-سُبحانه-:” قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا”(2)

أول من أسلم من النساء

من اول من اسلم من النساء ؟ السيدة خديجة أول من أسلمت من النساء، و كانت من أغنياء قريش، فقد كانت تجارتها واسعة، وكانت تبحث في معظم الأحيان على رجل صادق أمين، يُدير لها تجارتها، ولمّا سمعت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أنه صادق وأمين، وأن الناس يأتمينونه على ما يملُكون؛ فأرسلت إليه؛ حتى تجعله مسؤولًا عن تجارتها، وفي إحدى الرحلات التّجاريّة، وكان معه أحد موالي السيدة خديجة ، واسمه ميسرة، وكان النبي مُسندًا ظهره على إحدى الأشجار، إذ براهبٍ يمُرّ بهم، فسأل ميسرة عن النبي؛ فأخبره عنه، فقال ما هذا إلا نبيّ، وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما قاله هذا الرّاهب.

شاهد أيضًا: من هو النبي الذي صام لأول مرة

فضائل السيدة خديجة

تعدّدت فضائل السّيدة خديجة عن غيرها من أمّهات المؤمنين، ولعلّ من أبرز تلك الفضائل:

• أم المؤمنين الأولى، و من اول من اسلم من النساء.
• تزوّجها النبي، ولم يتزوّج بغيرها، وهي على قيد الحياة.
• آوت النبي، وأمّنته على مالها، وتجارتها.
• خطبت النبي لنفسها، وهي بنت الأربعين عامًا، وكان النبي ابن خمسة وعشرين عامًا.
• ظلّ النبي-صلى الله عليه وسلّم- ذاكرًا لها؛ حتى بعد موتها، ومما يدُل على ذلك حديث أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها-:” ما أكثرَ ما تذكُرُها حَمراءَ الشِّدْقِ، قد أبدَلَكَ اللهُ عزَّ وجلَّ بها خَيرًا منها”، فقال النبيُّ: “ما أبدَلَني اللهُ عزَّ وجلَّ خَيرًا منها، قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ عزَّ وجلَّ ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ”(3).
• مُيّزت السيدة خديجة بخصيصةٍ لم تُعطى لغيرها، وتلك الحديث ذُكرت في حديث:” “أَتَى جِبْرِيلُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، هذِه خَدِيجَةُ قدْ أَتَتْكَ معهَا إنَاءٌ فيه إدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ، أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هي أَتَتْكَ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِن رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ، لا صَخَبَ فيه وَلَا نَصَبَ”(4)
• توفّت السيدة خديجة قبل هجرة المصطفى بثلاثة أعوام، وتكاد تكون هي الزوجة الوحيدة التي حزن عليها النبي هذا الحزن دون غيرها.(5)

شاهد أيضًا: من اول من اسلم من الصبيان وماهي قصته بالتفصيل

قصة إسلام خديجة

كان النبي -صلى الله عليه وسلّم- يُحبّ أن يخلو بنفسه في أماكن لا يذهب إليها أحد، ويتفكّر في ملكوت السماوات والأرض؛ حتى اليوم الذي نزل عليه الوحي فيه في غراء حراء، جاء جبريل، يقول له: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، اقرأ، ما أنا بقارئ، ثم يقول له جبريل: “اقرأ باسم ربك الذي خلق^خلق الإنسان من علق^ اقرأ وربك الأكرم^ الذي علّم بالقلم”(6)،

فذهب مهرولًا إلى السيّدة خديجة؛ ليقُصّ عليها ما حدث معه، وقد جاء حديث يحكي موقف النبي من نزول الوحي، وهو يقول لخديجة:” “زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، ثُمَّ قالَ لِخَدِيجَةَ: أيْ خَدِيجَةُ، ما لي وأَخْبَرَها الخَبَرَ، قالَ: لقَدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي”، فثبتته السيدة خديجة وقالت: “كَلّا أبْشِرْ، فَواللَّهِ، لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، واللَّهِ، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتُكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ”(7)، واستدعت له ورقة بن نوفل، وقد ترك عبادة الأوثان، واعتنق النصرانيّة، قال لها: إنه ناموس موسى، وتنبأ بأنه سيكون رسولًا من ربّ العالمين، ويتمنّى أن يلحق به.

ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرّف على من اول من اسلم من النساء ، والفضائل التي حظيت بها السيدة خديجة دون غيرها من أمّهات المؤمنين، وقصة إسلام خديجة، وموقف خديجة مع النبي قبل الإسلام، وتمسّكها بأن يُدير لها تجارتها؛ نظرًا لصدقه وأمانته، كما تعرّفنا على موقف الرّاهب من النبي، وموقف ورقة بن نوفل، والكثير من الملابسات التي حدثت قبل البعثة وبعدها.