هل يجوز للمرأة زيارة القبور

هل يجوز للمرأة زيارة القبور

هل يجوز للمرأة زيارة القبور سؤال من الأسئلة التي تراود الأذهان، فإنَّ زيارة القبور هي من الأمور التي وردت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والتي تذكّر المسلمين بأحوال الدنيا وأن نهاية هذه الحياة هو الموت، وتجعلهم دائمين التفكر بالآخرة، مُكثرين السعي في سبيل تقوى الله ورضاه، فهل يجوز للمرأة كما يجوز للرجل زيارة القبور، وما هي شروط زيارة القبور، وما حكم زيارة القبور في الأعياد، وهل يسمع الميت أصوات من حوله وكلامهم معه عند الزيارة، هي تساؤلات سنجيب عنها ونوضّحها في هذا المقال.

زيارة القبور

ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه كان يزور القبور، دون أن يحدد يوم أو وقت أو موعد، في الليل أو في النهار، وإنَّ زيارة القبور هي من الأشياء المستحبة للرجال، وذلك لما فيها من فوائد وهي:

  • بقاء الإنسان متذكرًا للموت وللآخرة، وأن هذه الدنيا دار فناء تنتهي بالموت، وأن مصير كل إنسان على وجه هذه الأرض هو الموت، فيبقى متفكّرًا متعظًا قريبًا من الله وتقواه.
  • الدعاء للموتى بالرحمة والغفران، والرجاء من الله أن يكونوا من أهل الجنة بإذنه تعالى.

فعلى رجال المسلمين السعي لزيارة القبور بين الحين والآخر، وكلما توفرت فرصة لذلك، للاستفادة من هذه الفوائد، وليبقى متذكرًا ومتفكرًا، فيزيد من عبادته وطاعته.

هل يجوز للمرأة زيارة القبور

زيارة المرأة للقبور هو من الأمور التي شكّلت موضعًا من مواضع الخلاف بين أهل العلم، فقد ذهب بعضهم إلى أنّه من الأمور الجائزة، وذهب بعظهم الآخر إلى أنّها من الأمور المكروهة للنساء، وفيما يلي نوضّح الرايين:

  • جواز زيارة المرأة للقبور: فقد أشار الحنفية غلى جواز زيارة المرأة للقبور كما هو للرجل، ولا فرق في ذلك، وقد استدلوا على هذا بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “قد كنتُ نهيتُكم عن زيارةِ القبورِ فقد أُذِنَ لمحمدٍ في زيارةِ قبرِ أمِّه فزوروها فإنها تُذَكِّرُ الآخرةَ”[1]، كما أيضًا حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها حين سألت عن ما يجب أن تقوله عند زيارة المقابر فقال لها صلّى الله عليه وسلّم: “قولي: السلامُ على أهلِ الديارِ من المؤمنينَ و المسلمينَ، ويرحمُ اللهُ المستقدمينَ منَّا و المستأخرينَ، وإنَّا إن شاء اللهُ بكم لاحقونَ”[2]، فإنَّ في حديثي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- السابقين دليل واضح على جواز زيارة القبور للنساء.
  • كراهة زيارة المرأة للقبور: ذهب جموع من أهل الإسلام غلى كراهة زيارة القبور للنساء، وذلك لعدم قدرة النساء على ضبط النفس والبكاء والصراخ في المقابر في كثير من الأحيان، كما أن النساء أضعف من الرجال في المشاعر فلا يستطعن إخفاء مشاعرهن، واستدلوا على كراهة زيارة القبور للمرأة بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لعنَ اللَّهُ زوَّاراتِ القبورِ[3].

وقد قال الخير الرملي في حكم زيارة النساء للقبور: “إن كان ذلك لتجدد الحزن والبكاء وما جرت به عادتهن فلا تجوز، وعليه حمل حديث: لعن الله زوارت القبور، وإن كان للاعتبار والترحم من غير بكاء فلا بأس”، والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: دعاء دخول المقبرة

آداب زيارة القبور

إنَّ زيارة القبور من السنن المؤكدة عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، لكنّ عند أدائها لابدَّ من مراعاة الآداب العامة لزيارة القبور، وهي:[5]

  • عدم الصلاة بالقرب من القبور.
  • عدم الجلوس بالقرب من لقبور بهدف العبادة والقراءة وغيرها.
  • الخشوع عند زيارة القبور، والخوف من الله عزَّ وجل وعقابه، لا الخوف ن الأموات والقبور.
  • عدم اللجوء غلى الأموات وطلب المدد أو العون أو الشفاعة منهم.
  • عدم الصلاة أو الوقوف عند قبور المنافقين والمشركين.
  • الاستغفار وطلب الرحمة لأموات المسلمين.

زيارة القبور في الأعياد

لم يرد وقت محدد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لزيارة القبور، ولم يفضّل وقت عن آخر لذلك، فإنَّ زيارة القبور من الأمور التي تؤدى دون تحديد الوقت في الليل أو النهار، وذلك بهدف العبرة والاتّعاظ، فإنَّ العادات السائدة التي تشير إلى زيارة القبور في الأعياد هي من البدع ومن مستحدثات الأمور التي لم ترد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وغنَّ كل بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار، لذا فإنَّ من الواجب على المسلمين الابتعاد عن البدع وعن أدائها واتّباعها، وعدم التقليد الأعمى، وعد القيام بزيارة القبور فقط في الأعياد أو المناسبات.[6]

شاهد ايضًا: ما يقال عند زيارة قبر الرسول

سماع الموتى لمن حولهم

إنَّ أحوال الموتى بعد الموت هي من الأمور المجهولة، والتي لا يعلمها إلّا الله، وقد شكّل موضوع سمع الميت لمن حوله موضعًا للخلاف فذهب بعض أهل العلم إلى نفي ذلك، وذهب بعضهم الآخر إلى أنَّ الميت يسمع من حوله، وقد استدلوا على ذلك من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين قال له عمر رضي الله عنه: “يا رسولَ اللَّهِ ما تُكلِّمُ من أجسادٍ لا أرواحَ لَها؟ فقال: والذي نَفسي بيدهِ ما أنتَ بأسمَعَ لما أقولُ منهُم”[7]، فإنَّ الحديث السابق يدل على أن من في القبور يسمعون من حولهم وما يقولون، على الرغم من موتهم وعدم قدرتهم على الرد، والله أعلم.[8]

شاهد أيضًا هل البكاء على الميت يعذبه

وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال الذي أجاب على التساؤل هل يجوز للمرأة زيارة القبور، كما وضّح لنا حكم زيارة القبور للرجال وللنساء، والآداب التي يجب أن يحترمها المرء عند زيارة القبور، وهل يجوز تخصيص الأعياد فقط لزيارة القبور، وما حكم ذلك.

المراجع

  1. ^ صحيح الترغيب , أبو موسى الأشعري، الألباني، 3544 ، صحيح.
  2. ^ صحيح الجامع , عائشة أم المؤمنين، الألباني، 4421، صحيح.
  3. ^ مجموع الفتاوى , أبو هريرة، ابن تيمية، 24/360، صحيح.
  4. ^ islamweb.net , حكم زيارة القبور للنساء والفتيات , 21/3/2021
  5. ^ binbaz.org.sa , آداب زيارة القبور ومشروعية زيارتها وبيان الزيارة المحرمة , 21/3/2021
  6. ^ binbaz.org.sa , حكم زيارة القبور بعد صلاة العيد , 21/3/2021
  7. ^ تاريخ الإسلام , أبو طلحة، الذهبي، 2/97، صحيح.
  8. ^ islamweb.net , من أحوال الميت في قبره. , 21/3/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *