قصة موسى عليه السلام مختصرة وأحداث قصة موسى والخضر

قصة موسى عليه السلام مختصرة

قصة موسى عليه السلام مختصرة من القصص القُرآنية التي وردت في أكثر موضع منه، ولقد ذخر القرآن بالكثير من القصص التي يُؤخذ منها العِظات والعِبر، والتي من خلالها يتم تسلية النبي- صلى الله عليه وسلم-، ولقد امتاز سيدنا موسى- عليه السلام- بالكثير من المميزات التي لم يحظَ بها نبيّ غيره، وفيما يلي سنتعرّف على قصة موسى عليه السلام.

مكانة موسى بين الرسل

لقد فضل الله موسى- عليه السلام -بالكثير من المميزات، ومن أهمها: أن الله- عز وجل- اختصّه بتكليمه، وفي ذلك يقول الحق:” وَكَلَّمَ اللَّـهُ مُوسَى تَكْلِيمًا”، فقد اصطفاه الله برسالته وبكلامه، كما أنه كان من أولي العزم من الرُّسُل، والمقصود بأولي العزم هم الرسل الذي صبروا على إيذاء أقوامهم، وهم خمسة: إبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح، ومحمد، وفي ذلك يقول الحق-سبحانه-:”قالَ يا موسى إِنِّي اصطَفَيتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتي وَبِكَلامي فَخُذ ما آتَيتُكَ وَكُن مِنَ الشّاكِرينَ”[1] وقد مُيّز عن قومه بالحكمة والعلم، وفي ذلك يقول الحقّ:”تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ..”[2]؛ فالتفضيل لموسى كان بتكليمه إياه، كما أن قوم موسى فُضّلوا على غيرهم، ورفع الله من شأنهم، وأعلى قدرهم على من ظلمهم.[3]

قصة موسى عليه السلام مختصرة

وردت قصة سيدنا موسى- عليه السلام- في الكثير من السّور القُرآنية، وكل سورةٍ تحكي موقفًا من حياة موسى مع قومه، أو مع فرعون، أو غيرها من المواقف التي امتلأت بها حياته- عليه السلام-، وإليك تفصيل لتلك المواقف:

ولادة موسى وقصر فرعون

وُلد موسى عليه السلام في العام الذي تنبأ فيه كهنة فرعون وحاشيته بأن ولدًا سيُولد، ويأخذ الحُكم من فرعون؛ فأمر فرعون أن يُقتل أي مولود ذكر يُولد في المدينة، ولما ولدت أم موسى موسى؛ خافت عليه من أن يُقتل، وأوحى الله لها أن أرضعيه؛ فإذا خفْت عليه؛ فألقيه في اليمّ، ولا تخافي ولا تجزعي من أمر الله؛ فأخذت أم موسى الطفل الرّضيع، ووضعته في تابوتٍ صغير، ومن ثم وضعته في البحر، وسار التّابوت في الماء؛ حتى وصل لقصر فرعون ووقف، وهي تُراقبه، ولما رأوه آل فرعون؛ كادوا أن يقتلوه؛ حتى لا يُفسدوا على فرعون ملكه، ولكن امرأة فرعون قالت له: دعْه، عسى أن ينفعنا، أو تتخذه ولدًا، سيبقى قرة عينٍ لي ولك لا تقتله، ولما رضخت أم موسى للحكم الإلهيّ؛ حرّم الله على موسى كل المراضع، فكانت إذا أقبلت سيدة لإرضاعه، لا يرتضي أن يلتقي ثديها؛ حتى جاءت أم موسى؛ فقبل أن يرضع منها، وهكذا كانت العناية الإلهيّة بسيدنا موسى عليه السلام، رضيت أمه بقضاء الله؛ فرُبّي في قصر فرعون، وارضعته في قصر فرعون، وعاشا في قصر من كان يقتل أي ذكر يُولد.[4]

حادثة قتل القبطي

تدُور أحداث قصة قتل القبطي حول: إن موسى- عليه السلام- كان سائرًا في يومٍ من الأيام في المدينة، ووجد فيها رجلان يتقاتلان، أحدهما من شيعته أي من بني إسرائيل، والآخر من النصارى أو الأقباط، فلما رآه الذي من شيعته؛ استغاث به واستنصره، فوكز سيدنا موسى القبطي؛ فقُتل القبطيّ مع أن موسى- عليه السلام- لم يقصد قتله، ولكن القتل وقع بالخطأ، ومع ذلك توجّه موسى بالتّضرُّع إلى الله- عز وجل- حتى يغفر له ما اقترف من ذنب؛ فغفر الله – تعالى-؛ فهو الله الغفور الرحيم، وقد حدث هذا الموقف في وقت الراحة، فلم ينتشر خير مقتل القبطي بين الناس في المدينة، ومن يومها، وأصبح موسى خير ظهيرٍ للحقّ وخير ناصرٍ له، وفي يوم من الأيام وُجد هذا الرجل الذي استنصره يتقاتل مع قبطيّ آخر؛ فاستغاث به مرةً أخرى، فإذا بالقبطي يُحذّره من البطش والإفساد، وبدلًا من أن يستنصر الذي من شيعته؛ يُصلح بينهما؛ فلم يقتل موسى الرجل القبطي، وذهب إلى خارج المدينة؛ لأن رجلًا من أفضل المدينة جاءه، وقال له: إن الملأ يأتمرون بك؛ ليقتلوك[5]، وقد ذُكرت تلك القصة في سورة القصص، حيث يقول المولى- تبارك وتعالى-:”وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَـذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَـذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ*قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ*قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ”[6]

موسى في مدين

بعد حادثة القبطيّ ترك موسى- عليه السلام- مصر قاصدًا أرض مدين، فلما وصل إليها دخلها؛ فوجد جماعة من الناس مجتمعين للسقاية، ووجد من ضمن هؤلاء امرأتان لا تستطيعا أن تسقيا كما يفعل الناس، فقال لهما موسى: ما خطبكما؟، فقالتا: إن أبانا شيخ كبير، وإن لا نستطيع أن نسقيا؛ حتى ينتهي الناس من السقي؛ فسقى لهما موسى إبلهما، وقيل: إن حجرًا كان على هذا البئر؛ فحمله موسى بعيدًا عن فتحة البئر؛ حتى تستطيعا أن تسقيا إبلهما، وبعد أن سقى لهما؛ جاءته إحداهما تمشي على استحياء، قالت له: إن أبي يدعوك إليه؛ حتى يُكافئك على ما قمت به معنا؛ فلما جاءه موسى وقصّ عليه ما حدث معه، قال له موسى: نجوت من القوم الظالمين لا تخف، وقالت إحدى البنايات لأبيها: يا أبت استأجره يسقي لنا ويرعى الإبل؛ فإن خير من استأجرت هو القويّ الأمين، فعرض والدهما على موسى أن يتزوّج إحدى بنتيه شريطة أن يظل معه يرعى له إبله لمدة ثمان سنوات، وإن زاد سنةً على تلك الثمانية فمن عنده[7]، وفي ذلك يقول الحق- سبحانه-:”وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ*فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ*فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ”[8]، وهذه قصة موسى عليه السلام مختصرة.

بعثة موسى عليه السلام

كانت عودة موسى – عليه السلام- إلى مصر مع أهله هي بداية الدعوة، فقد بحث على نارٍ في مكان جلسوا فيه؛ حتى وجدها في حوار جبل من جبال تلك المنطقة، وفي أثناء ذلك سمع صوتًا، وهو صوت الله- عز وجل- إذ به يقول له بأنه اصطفاه برسالاته وبكلام، وأمره – تعالى- أن يأخُذ ما آتاه الله له، ويكون من الشاكرين، وحينما سأله ،به، وهو أعلم به عن العصا التي في يده، قال: هذه عصاي أستند عليها، وأهشّ بها على غنمي، ولي فيها منافع أخرى، ثم أمره أن يُلقيها؛ فلما ألقاها إذا هي حيّةٌ تسعى، فدُهش موسى لذلك؛ فأمره الله أن يأخذها؛ فستكون عصا كما كانت من قبل، وبالفعل أخذها موسى؛ فصارت كما كانت، ثم أمره أن يُخرج يده من جيبه، فلما أخرجها فإذا هي بيضاء؛ فقام بإعادتها مرةً أُخرى؛ فرجعت إلى ما كانت عليه، وقد أيد الله – عز وجل – رسله بالمعجزات البيّنات التي تُظهر بأنهم مبعوثون من رب العباد، وقد رجى موسى من ربه أن يأخذ معه أخاه هارون؛ حتى يكون سندًا له، ويستشيره في أمور الدعوة، وغيرها من الأمور، ورحمة أيضًا أن يشرح الله له صدره، وأن يُيسر له أمره؛ فكان ما أراد[9]، ومما يدُل على ذلك قول الله- تعالى-:”قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمي وَلِيَ فيها مَآرِبُ أُخرى*قالَ أَلقِها يا موسى*فَأَلقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسعى*قالَ خُذها وَلا تَخَف سَنُعيدُها سيرَتَهَا الأولى*وَاضمُم يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخرُج بَيضاءَ مِن غَيرِ سوءٍ آيَةً أُخرى*لِنُرِيَكَ مِن آياتِنَا الكُبرَى*اذهَب إِلى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغى*قالَ رَبِّ اشرَح لي صَدري*وَيَسِّر لي أَمري*وَاحلُل عُقدَةً مِن لِساني*يَفقَهوا قَولي*وَاجعَل لي وَزيرًا مِن أَهلي*هارونَ أَخِي*اشدُد بِهِ أَزري*وَأَشرِكهُ في أَمري”[10]

مواجهة موسى لفرعون

أذن الله – عز وجل- لسيدنا موسى- عليه السلام- أن يجهر بالدعوة أمام فرعون الذي كان يقول لهم أنا ربكم الأعلى، وأخذ موسى معه أخوه هارون، وذهبا إلى قصر فرعون يدعونه إلى عباده الله وحده لا شريك له، ويُذكّرونه بأنه هو المالك لكل شيءٍ، وهو خالق كل شيءٍ، ومن الواجب عليهم أن يعبدوه، وأظهر لهم موسى المعجزات النيّرات التي تُثبت تصديقهما، وأنهما مبعوثان من عند الله، فقال لهما فرعون: من ربكما، قالا له: ربنا الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى، فقال لهما: فما بال القرون والأزمنة الماضية، قالا: علم تلك القرون عند الله- عز وجل- ، وهي في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ولا يظلم أحد، وفي أثناء تلك اللقاء ذكّره فرعون بأنه هو الذي قام بتربيته ورعايته بعد أن كان يقتل الذّكور من المواليد، وشكّره بقصة القبطي الذي قتله بعد أن استغاثة به رجل من بني إسرائيل؛ فقال له: إن هذا الأمر لم يكُن عن عمدٍ، وإتمام جاء عن طريق الخطأ، واستخفّ فرعون بما قالاه، بل واتهمهما بالجُنون، ولكن حينما أظهرا له المُعجزات؛ تراجع عن تلك الفكرة، واستشار قومه؛ فحدّثوه بأن هذا سحر يصنعه موسى وأخوه؛ حتى يجعلوك تنثني عن مُلكك، وأن الحل الوحيد هو أن يجمع السّحرة؛ ليُباروا موسى وأخاه.[11]

مواجهة موسى للسَّحَرة

بعد أن أشار قوم فرعون عليه أن يجمع لهم السّحرة؛ حتى يُواجهوا ما يصنعه موسى وأخوه، وطلبوا منه الأجر إن غلبوه، و اجتمع السحرة ومعه أدواتهم الذي سيعملون السحر بها، وبعد أن قابلوا موسى، قال لهم موسى: ألقوا ما أنتم مُلقون؛ فألقى هؤلاء السحرة خيالهم وعصيهم الذين أتوا بها، وقالوا: سنغلبك يا موسى بعزة فرعون، وكانت المفاجأة لهم؛ حينما ألقى موسى عصاه؛ فإذا هي حيّةٌ كبيرةٌ التهمت كلّ الثعابين التي رماها السّحرة، وبعد ذلك، فما كان من السّحرة إلا أن قالوا: آمنا بربّ العالمين، ربّ موسى وهارون، وبعد هذا الموقف قام الكثير من بني إسرائيل، وآمنوا بني الله موسى- عليه السلام- وأمرهم أن يبنوا لهم بيوتًا بمصر، وأمر فرعون وزيره هامان أن يبني له بيتًا يُناطح أبواب السماء؛ حتى يرى ربّ موسى الذي آمن الناس به، وظلّ فرعون مكابرًا ومعانًدا في التصديق بموسى، واتّخذ الوسائل التي من أجلها أراد أن يقتُل نبي الله موسى، وأمر قومه ألا يقوموا بتصديقه؛ لأن هذا سيرجع عليهم بالخراب والدّمار، ولكنهم لم يُصدّقوه؛ لما رأوا ما يصنعه فرعون، وقال رجل من بني إسرائيل يكتم إيمانه، كيف تقتلون رجلًا يقول ربي الله، لو قتلتاه؛ لعاد ذلك بالهلاك علينا[12]، وفي ذلك يقول الحق- سُبحانه-:”وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ”؛ فقام فرعون بالتّراجع عن ما كان يُدبر لموسى، ودعا موسى ربّه بأنه قد وهب فرعون وقومه وأهله أموالًا؛ فدعا الله- عز وجل- أن يطمس على قلوبهم، ويمحو أموالهم؛ حتى يروا العذاب الأليم إن زايدوا في التضليل به، وابتلاهم الله بالجفاف، وأرسل عليهم الجراد، والقمل، والضفادع، والدم آيات مفصلات بسبب ما فعلوه، وهذه قصة موسى عليه السلام مختصرة.

حادثة شق البحر وغرق فرعون

بعد أن دعا موسى- عليه السلام- فرعون وقومه لعبادة الله- عز وجل- وحده لا شريك له، خرج ومن معه مغادرًا مصر؛ فعلم فرعون وجنوده بذلك؛ فتتبّعوهم؛ حتى ينالوا منهم، وفي أثناء تقصي فرعون وقومه موسى ومن معه إذ بهم يلتقون ببحرٍ، ولا مفر لموسى إلى أن يُواجهوا فرعون وقومه، أو أن يُغرقوا في البحر، ولكن الله ألهم موسى أن يضرب بعصاه البحر؛ فانفلق فكان كل فرقٍ كالطّود العظيم، ونجا موسى ومن معه، وأغرق الله فرعون وقومه.[13]

قصة موسى والسامري

مر موسى- عليه السلام- ومن معه على قومٍ يصنعون لأنفسهم أصنامًا يعبدونها، فطلبوا من موسى أن يصنع لهم آلهةً كهذه الذين يعبدونها، وأخبارهم أن الله عز وجلّ حرّم ذلك، وغاب موسى عن قومه أربعين ليلةً، واستخلف على قومه أخيه هارون؛ حتى يُعلّمهم، ويُؤدّبهم إلى أن يأتي هو، فاستغلّ رجلٌ يُدعى السّامريّ ذلك الموقف، وصنع لهم عجْلًا جيدًا له خوار، وقال لهم: هذا إلهكم وإله موسى؛ ففُتن قوم موسى بهذا، ولما رجع موسى رجع غضبان أسفًا على قومه، وحينما سأل السامري عن فعل هذا، قال له: إني أعلم أشياءً لا يعلمها أحد غيري من بني إسرائيل[14]، فقال له موسى:” قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا”  وحينما سُئل هارون عن الذي فعله، قال: إن القوم استضعفوني، وكادوا يقتلوني.

قوم موسى والبقرة

قُتل رجلٌ من الأغنياء من بني إسرائيل، وقد قام بهذا القتل أحد اقاربه، ولم يكن عندالمقتول أولاد، فجاء أقاربه إلى موسى؛ ليُعلمهم من القاتل؛ فقال لهم: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرةً، فقالوا له: أتهزأ بنا يا موسى، كيف ذلك؟، قال لهم: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، وسألوا عن أوصاف تلك البقرة المُراد ذبحها، فقال لهم: إنها بقرة في شابّة لا هي بالكبير في السنّ ولا هي بالصّغيرة، قالوا: ادع لنا ربك يبيّن لنا ما لونها؟، فقال لهم: إنها بقراءة صفراء فاقع لونها تسُرّ الناظرين، فتمادوا في طلباتهم، وقالوا له: ادع لنا ربك يبين لنا ما هي؛ لأن البقر تشابه علينا، وإن أوضحت لنا أكثر؛ سنهتدي إليها، قال لهم: إنها بقرة لا ذلول تُثير الأرض، ولا تسقي الحرث، مسلمة لا شوية فيها، أي سالمة لا عيب فيها، قالوا: الآن جئت بالحق، ومن ثم ذبحوها.[15]

قصة موسى والخضر

خطب موسى- عليه السلام- يومًا في بني إسرائيل، وقال لهم بأنه أعلمهم، وأنه لا يوجد من هو أعلم منه على وجه الأرض، فأراد الله أن يُعلّم موسى درسًا، وهو أن علمه من عند الله؛ فإن شاء علّمه، وإن شاء لا، وأمر أن يذهب إلى مجمع البحريْن، فإن هناك رجلًا يُسمّى الخضر- عليه السلام-، وهو أعلم منه، وعلامة وجود هذا الشخص أنه سيظهر عند اختفاء الحوت، وهي سمكة طبيعيّة، فلما قابل الخضر، قال له: هل أتبعك أن تعلمني مما علمت رشدا، قال له: إنك لن تستطيع معي صبرًا، وكيف تصبر على ما لم تحط به خُبرًا، قال ستجدني صابرًا، ولن أعصي لك أمرا من الأمور، فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة؛ فقام بإفساد تلك السفينة مع أنها كانت المساكين يعملون في البحر   فانطلقا؛ حتى إذا وجدت غلاما؛ فقام الخضر بقتله، فقال له موسى: كيف تقتل نفسًا بغير نفسٍ أُخرى، إن ما فعلته هذا لشيءٍ مُنكر، قال له الخضر: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا، قال: لو سألتك عن شيء بعدها فلا تُصاحبني مرةً أخرى، فانطلقا حتى إذا دخلت قرية، لم يُضيفوهما أهلها، ووجد في هذه القرية جدارًا يُريد أن ينهدم، فقام الخضر ببناء هذا الجدار، فقال له: هذا فراق بيني وبينك؛ سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا، فأما السفينة فكانت المساكين يعملون في البحر؛ فقمت بإحداث عيبٍ فيها؛ لأن كان هناك ملك يأخذ كل سفينة سليمة، وأما الغلام الذي قتلته؛ فكان أبواه مؤمنين؛ فخشينا أن يرهقهما طغيان وكفرا، وأما الجدار الذي أقمته؛ فكان لغلامين يتيمين في المدينة، وكان تحته كنز لهما؛ فأراد ربك أن يستخرجا كنزهما، وهذا علم موسى بأن الخضر أعلم منه، وأن هذا العلم إنما هو من عند الله.[16]

ومن خلال هذا المقال يمكننا التعرف على قصة موسى عليه السلام مختصرة ، وقصة موسى والسحرة، وما موقف السحرة من ما فعله موسى معه، وما هي حادثة شق البحر، وغرق فرعون ومن معه، وأحداث قصة قوم موسى والبقرة التي بالغوا في معرفة أوصافها، وقصة موسى والسامري الذي صنع لهم عجلًا يُعبد من دون الله، وأحداث قصة الخضر وموسى، وتعليم الله له في أن هذا العلم إنما هو من عند الله، وليس مُكتسبًا من عنده، وأن في الأرض من هو أعلم منه

المراجع

  1. ^ سورة النساء , ، آية: 164. , 4/11/2020
  2. ^ سورة البقرة، , آية: 253. , 4/11/2020
  3. ^ أولي العزم من الرسل , عبدالله المعتاز (1434هـ)، أولي العزم من الرسل موسى بن عمران عليه السلام، المملكة العربية السعودية: دار السلام للنشر والتوزيع، صفحة 7-11. بتصرّف. , 4/11/2020
  4. ^ تفسير القرآن , منصور السمعاني (1997م)، تفسير القرآن (الطبعة الأولى)، السعودية-الرياض: دار الوطن، صفحة 120-127، جزء 4. بتصرّف. , 4/11/2020
  5. ^ التحرير والتنوير , محمد بن عاشور (1984م)، التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية للنشر، صفحة 88-97، جزء 20. بتصرّف. , 4/11/2020
  6. ^ سورة القصص، , آية: 15-21. , 4/11/2020
  7. ^ "الطريق إلى مدين" , عبدالله العواضي (2-11-2015)، ، , 4/11/2020
  8. ^ سورة القصص، , آية: 23-24. , 4/11/2020
  9. ^ قصة موسى عليه السلام وفرعون مصر في القرآن الكريم , حمدي السيد، ، صفحة 14-15. بتصرّف. , 4/11/2020
  10. ^ سورة طه، , آية: 17-18 , 4/11/2020
  11. ^ فبهداهم اقتده , عثمان الخميس (2010م)، فبهداهم اقتده (الطبعة الأولى)، الكويت-الجهراء: دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع، صفحة 365-374. بتصرّف. , 4/11/2020
  12. ^ قصص الأنبياء , إسماعيل بن كثير (1988م)، قصص الأنبياء (الطبعة الثالثة)، مكة المكرمة: مكتبة الطالب الجامعي، صفحة 405-415. بتصرّف. , 4/11/2020
  13. ^ تفسير مقاتل بن سليمان , مقاتل بن سليمان (1423هـ)، تفسير مقاتل بن سليمان (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث، صفحة 37-39، جزء 3. بتصرّف. , 4/11/2020
  14. ^ سورة طه، , آية: 97. , 4/11/2020
  15. ^ الروايات التفسيرية في فتح الباري , عبدالمجيد عبدالباري (2006مـ)، الروايات التفسيرية في فتح الباري (الطبعة الأولى)، السعودية-الرياض: وقف السلام الخيري، صفحة 148، جزء 1. بتصرّف. , 4/11/2020
  16. ^ القرآن ونقض مطاعن الرهبان , صلاح الخالدي (2007م)، القرآن ونقض مطاعن الرهبان (الطبعة الأولى)، دمشق: دار القلم، صفحة 104-106، جزء 1. بتصرّف. , 4/11/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *